فخرج مسلمٌ من حديث سهيل، عن أبي عبيد المذحجي –وهو: مولى سليمان بن عبد الملك وحاجبه -، وعن عطاء بن يزيد، عن أبي هريرة، عن النبي r ، قال: ((من سبح في دبر كل صلاة ثلاثاً وثلاثين، وحمد الله ثلاثاً وثلاثين، وكبر الله ثلاثاً وثلاثين، فتلك تسعة وتسعون، وقال تمام المائة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، غفرت خطاياه، وإن كانت مثل زبد البحر)).
وقد روي عن سهيل بهذا الإسناد –موقوفاً على أبي هريرة.
وكذا رواه مالك في ((الموطإ)) عن أبي عبيدٍ –موقوفاً.
وخرّجه ابن حبان في ((صحيحه)) من طريق مالكٍ –مرفوعاً.
والموقوف عن مالكٍ أصح.
وخرّجه النسائي في ((اليوم والليلية)) بنحو هذا اللفظ، من رواية ابن عجلان، عن سهيلٍ، عن أبيه، عن أبي هريرة –مرفوعاً.
وخرّج الإمام أحمد وأبو داود وابن حبان في ((صحيحه)) من طريق الأوزاعي: حدثني حسان بن عطية: حدثني محمد بن أبي عائشة: حدثني أبو هريرة، قال: قال أبو ذر: يا رسول الله، ذهب أصحاب الدثور بالأجور –فذكر الحديث، بمعناه، وقال فيه: ((تكبر الله دبر كل صلاة ثلاثاً وثلاثين، وتحمده ثلاثاً وثلاثين، وتسبحه ثلاثاً وثلاثين، تختمها بلا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، غفرت له ذنوبه، ولوكانت مثل زبد البحر)).
فهذا ما في حديث أبي هريرة من الاختلاف.
وقدروي عنه نوعٌ آخر، وهو: التسبيح مائة مرةٍ، والتكبير مائة مرةٍ والتهليل مائة مرةٍ، والتحميد مائة مرةٍ.
وخرّجه النسائي في ((كتاب اليوم والليلة)) بإسنادٍ فيه ضعفٌ.
وروي موقوفاً على أبي هريرة.
وخرّجه النسائي في ((السنن)) بإسنادٍ آخر عن أبي هريرة- مرفوعاً-: ((من سبح في دبر صلاة الغداة مائة تسبيحةٍ، وهلل مائة تهليلةٍ، غفر له ذنوبه، ولو كانت مثل زبد البحر)).
وروي عن أبي هريرة –موقوفاً عليه -: التسبيح عشرٌ، والتحميد عشرٌ، والتكبير عشرٌ.
وقد تقدم أن البخاري خَّرجه في آر ((كتابه)) عنه – مرفوعاً.
وقد روي عن النبي r من غير حديث أبي هريرة في هذا الباب أنواعٌ أخر من الذكر:
فمنها: التسبيح والتحميد والتكبير مائة، فالتسبيح والتحميد كلٌ منهما ثلاثٌ وثلاثون، والتكبير وحده أربعٌ وثلاثون.
خرّجه مسلمٌ من حديث كعب بن عجرة.
وخرّجه الإمام أحمد والترمذي والنسائي من حديث زيد بن ثابتٍ.
وخرّجه الإمام أحمد من حديث أبي ذر، لكن عنده: أن التحميد هو الأربع.
وخرّجه ابن ماجه، وعنده: أن ابن عيينة قال: لا أدري أيتهن أربع.
ومنها: التسبيح والتكبير والتحميد والتهليل مائة مرةٍ، من كل واحدٍ خمسٌ وعشرون.
وخرّجه الإمام أحمد والنسائي والترمذي من حديث زيد بن ثابتٍ.
وخرّجه النسائي من حديث ابن عمر.
ومنها: التسبيح ثلاثاً وثلاثين، والتحميد مثله، والتكبير أربعاً وثلاثين، فذلك مائةٌ، ويزيد عليهن التهليل عشراً.
خرّجه النسائي والترمذي من حديث ابن عباسٍ.
ومنها: التسبيح عشرٌ مراتٍ، والتحميد مثله، والتكبير مثله، فذلك ثلاثون.
خرّجه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص.
وخرّجه النسائي في ((اليوم والليلة)) من حديث سعدٍ.
ومنها: التكبير إحدى عشرٌ مرةً، والتحميد مثله، والتهليل مثله والتسبيح مثله، فذلك أربعٌ وأربعون.
خرّجه البزار من حديث ابن عمر.
وإسناده ضعيفٌ، فيه موسى بن عبيدة.
ويجوز الأخذ بجميع ما ورد من أنواع الذكر عقب الصلوات، والأفضل أن لا ينقص عن مائةٍ، لأن أحاديثها أصح أحاديث الباب.
واختلف في تفضيل بعضها على بعض:
فقال أحمد – في رواية الفضل بن زيادٍ -، وسئل عن التسبيح بعد الصلاة ثلاثةً وثلاثين أحب إليك، أم خمسةً وعشرين؟ قال: كيف شئت.
قال القاضي أبو يعلى: وظاهر هذا: التخيير بينهما من غير ترجيح.
وقال – في رواية علي بن سعيدٍ -: أذهب إلى حديث ثلاثٍ وثلاثين.
وظاهر هذا: تفضيل هذا النوع على غيره.
¥