تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فَإِنَّهَا عَلَى رِوَايَتَيْنِ. وَقَدْ رَوَى الْأَثْرَمُ , قَالَ: سَأَلْت أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ السُّجُودِ عَلَى كُورِ الْعِمَامَةِ؟ فَقَالَ: لَا يَسْجُدُ عَلَى كُورِهَا , وَلَكِنْ يَحْسُرُ الْعِمَامَةَ. وَهَذَا يَحْتَمِلُ الْمَنْعَ , وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ ; لِمَا رُوِيَ عَنْ خَبَّابٍ , قَالَ: {شَكَوْنَا إلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَرَّ الرَّمْضَاءِ فِي جِبَاهِنَا وَأَكُفِّنَا. فَلَمْ يُشْكِنَا.} رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَلِأَنَّهُ سَجَدَ عَلَى مَا هُوَ حَامِلٌ لَهُ , أَشْبَهَ مَا إذَا سَجَدَ عَلَى يَدَيْهِ. وَلَنَا مَا رَوَى أَنَسٌ , قَالَ: {كُنَّا نُصَلِّي مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَيَضَعُ أَحَدُنَا طَرَفَ الثَّوْبِ مِنْ شِدَّةِ الْحَرِّ فِي مَكَانِ السُّجُودِ.} رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ , وَمُسْلِمٌ. وَعَنْ ثَابِتِ بْنِ الصَّامِتِ {, أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَلَّى فِي بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ , وَعَلَيْهِ كِسَاءٌ مُلْتَفٌّ بِهِ يَضَعُ يَدَيْهِ عَلَيْهِ , يَقِيهِ بَرْدَ الْحَصَى}. وَفِي رِوَايَةٍ: {فَرَأَيْته وَاضِعًا يَدَيْهِ عَلَى قَرْنِهِ إذَا سَجَدَ}. رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ. وَرُوِيَعَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم {أَنَّهُ سَجَدَ عَلَى كُورِ الْعِمَامَةِ} , وَهُوَ ضَعِيفٌ. وَقَالَ الْحَسَنُ: كَانَ الْقَوْمُ يَسْجُدُونَ عَلَى الْعِمَامَةِ وَالْقَلَنْسُوَةِ , وَيَدُهُ فِي كُمِّهِ. وَلِأَنَّهُ عُضْوٌ مِنْ أَعْضَاءِ السُّجُودِ , فَجَازَ السُّجُودُ عَلَى حَائِلِهِ , كَالْقَدَمَيْنِ. فَأَمَّا حَدِيثُ خَبَّابٍ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُمْ طَلَبُوا مِنْهُ تَأْخِيرَ الصَّلَاةِ , أَوْ تَسْقِيفَ الْمَسْجِدِ , أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ , مِمَّا يُزِيلُ عَنْهُمْ ضَرَرَ الرَّمْضَاءِ فِي جِبَاهِهِمْ وَأَكُفِّهِمْ , أَمَّا الرُّخْصَةُ فِي السُّجُودِ عَلَى كُورِ الْعِمَامَةِ , فَالظَّاهِرُ أَنَّهُمْ لَمْ يَطْلُبُوهُ ; لِأَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا طَلَبَهُ الْفُقَرَاءُ , وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ عَمَائِمُ , وَلَا أَكْمَامٌ طِوَالٌ يَتَّقُونَ بِهَا الرَّمْضَاءَ , فَكَيْفَ يَطْلُبُونَ مِنْهُ الرُّخْصَةَ فِيهَا؟ وَلَوْ احْتَمَلَ ذَلِكَ , لَكِنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ , فَلَمْ يُحْمَلُ عَلَيْهِ دُونَ غَيْرِهِ؟ وَلِذَلِكَ لَمْ يَعْمَلُوا بِهِ فِي الْأَكُفِّ. قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ: الْمَنْصُوصُ عَنْ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ لَا يَجِبُ كَشْفُهُمَا. قَالَ: وَقَدْ قِيلَ فِيهِ قَوْلٌ آخَرُ , إنَّهُ يَجِبُ. وَإِنْ سَجَدَ عَلَى يَدَيْهِ لَمْ يَصِحَّ , رِوَايَةً وَاحِدَةً ; لِأَنَّهُ سَجَدَ عَلَى عُضْوٍ مِنْ أَعْضَاءِ السُّجُودِ , فَالسُّجُودُ يُؤَدِّي إلَى تَدَاخُلِ السُّجُودِ , بِخِلَافِ مَسْأَلَتِنَا. وَقَالَ الْقَاضِي فِي " الْجَامِعِ ": لَمْ أَجِدْ عَنْ أَحْمَدَ نَصًّا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ , وَيَجِبُ أَنْ تَكُونَ مَبْنِيَّةً عَلَى السُّجُودِ عَلَى غَيْرِ الْجَبْهَةِ. هَلْ هُوَ وَاجِبٌ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ ; إنْ قُلْنَا: لَا يَجِبُ جَازَ , كَمَا لَوْ سَجَدَ عَلَى الْعِمَامَةِ. وَإِنْ قُلْنَا: يَجِبُ لَمْ يَجُزْ ; لِئَلَّا يَتَدَاخَلَ مَحَلُّ السُّجُودِ بَعْضُهُ فِي بَعْضٍ. وَالْمُسْتَحَبُّ مُبَاشَرَةُ الْمُصَلِّي بِالْجَبْهَةِ وَالْيَدَيْنِ لِيَخْرُجَ مِنْ الْخِلَافِ , وَيَأْخُذَ بِالْعَزِيمَةِ. قَالَ أَحْمَدُ: لَا يُعْجِبُنِي إلَّا فِي الْحَرِّ وَالْبَرْدِ. وَكَذَلِكَ قَالَ إِسْحَاقُ , وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَكْرَهُ السُّجُودَ عَلَى كُورِ الْعِمَامَةِ , وَكَانَ عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ يَحْسُرُ عِمَامَتَهُ إذَا قَامَ إلَى الصَّلَاةِ , وَقَالَ النَّخَعِيُّ: أَسْجُدُ عَلَى جَبِينِي أَحَبُّ إلَيَّ).

قلت: وعلى كراهة السجود على كور العمامة - مع صحة الصلاة - الإمام مالك - رحمه الله -.

قال في المدونة: ( ... وَقَالَ مَالِكٌ: فِيمَنْ سَجَدَ عَلَى كَوْرِ الْعِمَامَةِ قَالَ: أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يَرْفَعَ عَنْ بَعْضِ جَبْهَتِهِ حَتَّى يَمَسَّ بَعْضُ جَبْهَتِهِ الْأَرْضَ. قُلْتُ لَهُ: فَإِنْ سَجَدَ عَلَى كَوْرِ الْعِمَامَةِ؟ قَالَ: أَكْرَهَهُ فَإِنْ فَعَلَ فَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ).

أما إن عنيتَ - أيها الفاضل النبيل - بسؤالك تغطية الفم والأنف في الصلاة بالعمامة أو غيرها ... المعروف بالتلثم ... فقد جاء في الموسوعة الفقهية ما يلي: (الْحُكْمُ الْإِجْمَالِيُّ: شَدُّ اللِّثَامِ فِي الصَّلَاةِ: 4 - لَا خِلَافَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي كَرَاهَةِ التَّلَثُّمِ - وَهُوَ تَغْطِيَةُ الْأَنْفِ وَالْفَمِ - فِي الصَّلَاةِ. قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: كُلُّ مَنْ أَحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ يَكْرَهُ التَّلَثُّمَ وَتَغْطِيَةَ الْفَمِ فِي الصَّلَاةِ إلَّا الْحَسَنَ , فَإِنَّهُ كَرِهَ التَّلَثُّمَ وَرَخَّصَ فِي تَغْطِيَةِ الْفَمِ. وَكَرِهَ ابْنُ عُمَرَ وَسَعِيدٌ وَالْحَسَنُ الْبَصَرِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَمَالِكٌ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ التَّلَثُّمَ فِي الصَّلَاةِ. وَلِلتَّفْصِيلِ (ر: صَلَاةٌ ف 86).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير