[بحث جديد: المتمتع عليه سعي واحد لحجه وعمرته]
ـ[محمود شعبان]ــــــــ[08 - 01 - 06, 10:20 ص]ـ
المتمتع عليه سعي واحد لحجه وعمرته
أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان 8/ 12/1426
08/ 01/2006
لقد فرض الله الحج مرة في العمر وحج رسول الله –صلى الله عليه وسلم- حجته الوحيدة –حجة الوداع- سنة عشر من الهجرة، وحج معه فئام من الناس رجالاً ونساءً يزيد عددهم عن مائة ألف نفس، وقد روى عدد منهم وصف حجته بين مكثر ومقل، مع تفاوت في الضبط نتيجة اختلافهم في درجة الحفظ والفقه، غير أن كل راوٍ منهم أخبر عما سمع أو رأى من أفعال رسول الله –صلى الله عليه وسلم- وأقواله في الحج، وربما وقع بين الروايات بعض الخلاف والتباين، ولعل من دواعي وقوع الاختلاف والتباين في نقل حجة النبي –صلى الله عليه وسلم- كما وقعت بالفعل –علاوة على ما سبق- أنه لم يكن للرسول –صلى الله عليه وسلم- وسيلة لتبليغ هذا الجم الغفير كوسائل اليوم الحديثة، ليس له غير صوته وتبليغ المبلغ عنه بالصوت أيضاً –إن وُجد-، ولهذا قال –صلى الله عليه وسلم-: "رحم الله امرأ سمع مقالتي فوعاها فرب مبلغ أوعى من سامع". وقال في الحج: "خذوا عني مناسككم لعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا".
ومن أجل ما ذُكر وغيره وقع الاختلاف في بعض مناسك الحج بين الصحابة أنفسهم ثم اتسع الخلاف فيما بعدهم.
ومن هذه المناسك المختلف فيها: "حكم السعي بين الصفا والمروة".
اختلف علماء المذاهب في حكمه تبعاً لاختلاف الصحابة فيه، ووجه ذلك أن السعي بين الصفا والمروة جاء في القرآن بلفظ "الطواف" في قوله تعالى: "إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما ومن تطوع خيراً فإن الله شاكر عليم".
فذهب الشافعية إلى أنه ركن لا يتم الحج إلا به، وبه قالت عائشة أم المؤمنين –رضي الله عنها- وهو مشهور مذهب الحنابلة.
وعند أبي حنيفة والرواية الثانية لأحمد أنه واجب يجبر عند تركه أو نسيانه بدم.
وروي عن ابن مسعود وابن عباس وعبد الله بن الزبير وأنس بن مالك وعطاء وابن سيرين أنه تطوع (سنة)، وعن الإمام أحمد في رواية ثالثة: ليس بركن ولا دم في تركه.
ووجه هذا القول أن رفع الجناح في الطواف بهما يدل على أن السعي مباح لا غير.
وإذا كان قد اختلف في حكم السعي بين الصفا والمروة من حيث الأصل فالاختلاف في فرع منه أيضاً وهو أن المتمتع هل عليه سعيان أم سعي واحد؟
اختلف في هذه المسالة على قولين:
القول الأول: المتمتع عليه طوافان وسعيان. روُي ذلك عن علي بن أبي طالب وعبد الله بن مسعود وسفيان الثوري والأوزاعي، وهو مذهب أبي حنيفة ومالك ورواية لأحمد، مستدلين بحديث عائشة –رضي الله عنها- في الصحيحين: ( .... فطاف الذين أهلوا بالعمرة بالبيت وبين الصفا والمروة، ثم حلوا، ثم طافوا طوافاً آخر بعد أن رجعوا من منى).
والقول الثاني: على المتمتع سعي واحد وطواف واحد. نص عليه أحمد في رواية ابنه عبد الله وأحد القولين للشافعي، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية لحديث جابر –رضي الله عنه- المتفق عليه: ( ... لم يطف النبي –صلى الله عليه وسلم- ولا أصحابه بين الصفا والمروة إلا طوافاً واحداً).وحديثه عند أحمد في المسند بعد أن أمر الذين أهلوا بالعمرة أو الحج ممن لم يسق الهدي أن يحلوا ثم أهلوا بالحج يوم التروية، قال جابر –رضي الله عنه-: (وكان طوافهم بالبيت وسعيهم بين الصفا والمروة لحجهم وعمرتهم طوافاً واحداً).
ومن أدلة أن المتمتع إنما عليه سعي واحد لحجه وعمرته ما يلي:
أولاً: رواية جابر –رضي الله عنه- في حديثه المتفق عليه في وصف حجة النبي –صلى الله عليه وسلم-: "لم يطف النبي –صلى الله عليه وسلم- ولا أصحابه بين الصفا والمروة إلا طوافاً واحداً طوافه الأول ... فلما كان يوم التروية أهللنا بالحج وكفانا طوافنا الأول بين الصفا والمروة).
ومعلوم أن كل من ساق الهدي لم يحل وبقي قارناً ومن لم يكن معه هدي حل من عمرته أو حجه فجملة (لم يطف النبي ولا أصحابه) وفيها النفي الجازم لكل المتمتعين والقارنين، وجملة (وكفانا طوافنا الأول .. ) نص على السعي الواحد للمتمتع لا سيما وأن جابر بن عبد الله وجميع أمهات المؤمنين –رضي الله عنهم-لم يكن معهم هدي فحلوا.
¥