تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[زياد عوض]ــــــــ[01 - 01 - 06, 10:18 م]ـ

قال ابن قدامة في المغني:

(1252) مَسْأَلَةٌ ; قَالَ: (وَإِذَا دَخَلَ وَقْتُ الظُّهْرِ عَلَى مُسَافِرٍ , وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يَرْتَحِلَ , صَلَّاهَا وَارْتَحَلَ , فَإِذَا دَخَلَ وَقْتُ الْعَصْرِ صَلَّاهَا , وَكَذَلِكَ الْمَغْرِبُ وَالْعِشَاءُ الْآخِرَةُ , وَإِنْ كَانَ سَائِرًا فَأَحَبَّ أَنْ يُؤَخِّرَ الْأُولَى إلَى وَقْتِ الثَّانِيَةِ فَجَائِزٌ). جُمْلَةُ ذَلِكَ أَنَّ الْجَمْعَ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ فِي السَّفَرِ , فِي وَقْتِ إحْدَاهُمَا , جَائِزٌ فِي قَوْلِ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ. وَمِمَّنْ رُوِيَ عَنْهُ ذَلِكَ سَعِيدُ بْنُ زَيْدٍ , وَسَعْدٌ , وَأُسَامَةُ , وَمُعَاذُ بْن جَبَلٍ , وَأَبُو مُوسَى , وَابْنُ عَبَّاسٍ , وَابْنُ عُمَرَ. وَبِهِ قَالَ: طَاوُسٌ , وَمُجَاهِدٌ , وَعِكْرِمَةُ , وَمَالِكٌ , وَالثَّوْرِيُّ , وَالشَّافِعِيُّ , وَإِسْحَاقُ , وَأَبُو ثَوْرٍ , وَابْنُ الْمُنْذِرِ. وَرُوِيَ عَنْ سُلَيْمَانِ بْنِ أَخِي زُرَيْقِ بْنِ حَكِيمٍ , قَالَ: مَرَّ بِنَا نَائِلَةُ بْنُ رَبِيعَةَ , وَأَبُو الزِّنَادِ , وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ , وَصَفْوَانُ بْنُ سُلَيْمٍ , وَأَشْيَاخٍ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ , فَأَتَيْنَاهُمْ فِي مَنْزِلِهِمْ , وَقَدْ أَخَذُوا فِي الرَّحِيلِ , فَصَلَّوْا الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ جَمِيعًا حِينَ زَالَتْ الشَّمْسُ , ثُمَّ أَتَيْنَا الْمَسْجِدَ , فَإِذَا زُرَيْقُ بْنُ حَكِيمٍ يُصَلِّي لِلنَّاسِ الظُّهْرَ. وَقَالَ الْحَسَنُ , وَابْنُ سِيرِينَ , وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ: لَا يَجُوزُ الْجَمْعُ إلَّا فِي يَوْمِ عَرَفَةَ بِعَرَفَةَ , وَلَيْلَةِ مُزْدَلِفَةَ بِهَا , وَهَذَا رِوَايَةُ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِك وَاخْتِيَارُهُ , وَاحْتَجُّوا بِأَنَّ الْمَوَاقِيتَ تَثْبُتُ بِالتَّوَاتُرِ , فَلَا يَجُوزُ تَرْكُهَا بِخَبَرِ وَاحِدٍ. وَلَنَا , مَا رَوَى نَافِعٌ عَنْ ابْنِ عُمَرَ , أَنَّهُ كَانَ إذَا جَدَّ بِهِ السَّيْرُ جَمَعَ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ , وَيَقُولُ: {إنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ إذَا جَدَّ بِهِ السَّيْرُ جَمَعَ بَيْنَهُمَا.} وَعَنْ أَنَسٌ , قَالَ: {كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إذَا ارْتَحَلَ قَبْلَ أَنْ تَزِيغَ الشَّمْسُ أَخَّرَ الظُّهْرَ إلَى وَقْتِ الْعَصْرِ , ثُمَّ نَزَلَ فَجَمَعَ بَيْنَهُمَا , وَإِنْ زَاغَتْ الشَّمْسُ قَبْلَ أَنْ يَرْتَحِلَ , صَلَّى الظُّهْرَ ثُمَّ رَكِبَ}. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِمَا. وَلِمُسْلِمِ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم {إذَا عَجِلَ عَلَيْهِ السَّيْرُ يُؤَخِّرُ الظُّهْرَ إلَى وَقْتِ الْعَصْرِ , فَيَجْمَعُ بَيْنَهُمَا , وَيُؤَخِّرُ الْمَغْرِبَ حَتَّى يَجْمَعَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْعِشَاءِ حَتَّى يَغِيبَ الشَّفَقُ.} وَرَوَى الْجَمْعَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ , وَابْنُ عَبَّاسٍ , وَسَنَذْكُرُ أَحَادِيثَهُمَا فِيمَا بَعْدُ , وَقَوْلُهُمْ: لَا نَتْرُكُ الْأَخْبَارَ الْمُتَوَاتِرَةَ. قُلْنَا: لَا نَتْرُكُهَا , وَإِنَّمَا نُخَصِّصُهَا , وَتَخْصِيصُ الْمُتَوَاتِرِ بِالْخَبَرِ الصَّحِيحِ جَائِزٌ بِالْإِجْمَاعِ , وَقَدْ جَازَ تَخْصِيصُ الْكِتَابِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ بِالْإِجْمَاعِ , فَتَخْصِيصُ السُّنَّةِ بِالسُّنَّةِ أَوْلَى , وَهَذَا ظَاهِرٌ جِدًّا. فَإِنْ قِيلَ: مَعْنَى الْجَمْعِ فِي الْأَخْبَارِ أَنْ يُصَلِّيَ الْأُولَى فِي آخِرِ وَقْتِهَا , وَالْأُخْرَى فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا. قُلْنَا: هَذَا فَاسِدٌ لِوَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا , أَنَّهُ قَدْ جَاءَ الْخَبَرُ صَرِيحًا فِي أَنَّهُ كَانَ يَجْمَعُهُمَا فِي وَقْتِ إحْدَاهُمَا , عَلَى مَا سَنَذْكُرُهُ , وَلِقَوْلِ أَنَسٌ: أَخَّرَ الظُّهْرَ إلَى وَقْتِ الْعَصْرِ , ثُمَّ نَزَلَ فَجَمَعَ بَيْنَهُمَا , وَيُؤَخِّرُ الْمَغْرِبَ حَتَّى يَجْمَعَ بَيْنهَا وَبَيْنَ الْعِشَاءِ حِين يَغِيبَ الشَّفَقُ. فَيَبْطُلُ التَّأْوِيلُ. الثَّانِي , أَنَّ الْجَمْعَ رُخْصَةٌ , فَلَوْ كَانَ عَلَى مَا ذَكَرُوهُ لَكَانَ أَشَدِّ ضِيقًا , وَأَعْظَمِ حَرَجًا مِنْ الْإِتْيَانِ بِكُلِّ صَلَاةٍ فِي وَقْتِهَا ; لِأَنَّ الْإِتْيَانَ بِكُلِّ صَلَاةٍ فِي وَقْتِهَا أَوْسَعُ مِنْ مُرَاعَاةِ طَرَفَيْ الْوَقْتَيْنِ , بِحَيْثُ لَا يَبْقَى مِنْ وَقْتِ الْأُولَى إلَّا قَدْرُ فِعْلِهَا , وَمَنْ تَدَبَّرَ هَذَا وَجَدَهُ كَمَا وَصَفْنَا , وَلَوْ كَانَ الْجَمْعُ هَكَذَا لَجَازَ الْجَمْعُ بَيْنَ الْعَصْرِ وَالْمَغْرِبِ , وَالْعِشَاءِ وَالصُّبْحِ , وَلَا خِلَافَ بَيْنَ الْأُمَّةِ فِي تَحْرِيمِ ذَلِكَ , وَالْعَمَلُ بِالْخَبَرِ عَلَى الْوَجْهِ السَّابِقِ إلَى الْفَهْمِ مِنْهُ (أَوْلَى) مِنْ هَذَا (التَّكَلُّفِ) الَّذِي يُصَانُ كَلَامُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ حَمْلِهِ عَلَيْهِ.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير