ثانياً: رواية عبد الله بن أحمد في مناسكه عن ابن عباس –رضي الله عنهما- أنه قال: (القارن والمفرد والمتمتع يجزئه طواف بالبيت وسعي بين الصفا والمروة). ووجه الاستدلال منه ظاهر.
ثالثاً: قال عبد الله بن أحمد: قلت لأبي: المتمتع كم يسعى بين الصفا والمروة؟ قال: إن طاف طوافين فهو أعجب إلي، وإن طاف طوافاً واحداً فلا بأس؛ لحديث جابر.
ونقل المروذي عنه: قال أبو عبد الله: إن شاء المتمتع طاف طوافاً واحداً. ذكر في مسائل ابنه عبد الله.
وعلق أحمد بن تيمية في كتابه (شرح العمدة) قائلاً: (وهذا هو الصواب بلا شك لحديث جابر المذكور، وكذلك عامة الأحاديث فيها أن أصحاب رسول الله إنما طافوا بين الصفا والمروة الطواف (السعي) الأول، ومن قال من أصحابنا: إن رسول الله كان متمتعاً لا قارناً. فهذا لازم له لأن الأحاديث الصحيحة لم تختلف أن النبي لم يسع بين الصفا والمروة إلا مرة واحدة وأنه لما طاف طواف الإفاضة لم يسع بعده، وهذا بيّن من حديث ابن عمر وابن عباس.
فإن احتج بحديث عائشة السابق الذي فهم منه البعض أن على المتمتع سعيين ومثله ما روي عن ابن عباس في استحباب الطوافين.
قلنا: لعل جابراً أخبر عن بعض المتمتعين وعائشة أخبرت عما فعله من تصرفه على أن أحاديث جابر وأصحابه واضحة لا احتمال فيها. وإذا كان الصحابة اقتصروا على طواف واحد فلا معنى لاستحباب الزيادة عليهم) أ. هـ.
رابعاً: أحاديث جابر وأصحابه واضحة لا احتمال فيها بخلاف حديث عائشة فهو يحتمل أن يراد به القارنين أو المتمتعين، والدليل إذا تطرق إليه الاحتمال بطل به الاستدلال.
خامساً: المتمتع هو حاج –جامع بين النسكين- من حين أحرم بالعمرة وإن تحلل منها بدليل حديث سراقه بن مالك عند أبي داود والدارمي: "إن الله أدخل عليكم في حجكم عمرة". وهذا بخلاف العمرة المفردة فيجزئ المتمتع ذلك السعي عن حجه وعمرته.
سادساً: قيل إن الجملة محل الإشكال في حديث عائشة ليست من كلامها وإنما هي مدرجة من كلام ابن الشهاب الزهري أحد رواة الحديث عن عائشة قاله: ابن تيمية في مجموع الفتاوى وشرح العمدة.
سابعاً: يمكن أن تحمل جملة: ( ... حلوا ثم طافوا الطواف الآخر) في حديث عائشة على الطواف بالبيت الذي هو طواف الإفاضة يوم العيد أو بعده ولا تعود إلى السعي بين الصفا والمروة.
ثامناً: القول بالسعي الواحد للمتمتع هو الذي ينبغي أن يُفتى به اليوم لتخفيف الزحام في المسجد والمسعى، وتيسيراً للناس، وما دام الأمر محل اجتهاد بين العلماء منذ عهد الصحابة إلى اليوم فلا ينبغي التثريب أو التحريم أو المنع من الأخذ بالأيسر.
ثم إذا كان الصحابة مختلفين في مسألة ما فمن أخذ بأحد الرأيين فهو مقتدٍ ومتأس بصحابي فلا حرج عليه، كما قرره العلماء في مسألة "لا إنكار في مسائل الاجتهاد".
تاسعاً: الاستدلال بحديث جابر: (خذوا عني مناسككم فلعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا). لا يصلح في موضع الخلاف حيث هو يعم كل مناسك الحج من الواجبات والأركان والسنن.
فالخلاف إنما هو في السعي الثاني للمتمتع على القول بأنه ركن أو واجب لا غير.
عاشراً: فتبين مما سبق أن القول بأن المتمتع عليه سعي واحد فقط لحجته وعمرته كالقارن هو الصواب إن شاء الله لظهور أدلة القائلين به ودقة مسلكهم. والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد.
http://www.islamtoday.net/questions/show_articles_*******.cfm?id=71&catid=73&artid=6690
*****************
وانظر:
هل يلزم المتمتع سعي واحد أم سعيان
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?p=258027
بحث جديد عن (سعي المتمتع) للشيخ العمر
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=6330
دعوة للمذاكرة في حكم السعي الثاني للمتمتع
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=40945