تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قال شيخ الإسلام رحمه الله: (هذا يتبين بالقاعدة الرابعة وهو أن كثيرا من الناس يتوهم في بعض الصفات أو كثير منها ; أو أكثرها أو كلها أنها تماثل صفات المخلوقين ثم يريد أن ينفي ذلك الذي فهمه فيقع في (أربعة أنواع من المحاذير: - (أحدها كونه مثل ما فهمه من النصوص بصفات المخلوقين وظن أن مدلول النصوص هو التمثيل (الثاني أنه إذا جعل ذلك هو مفهومها وعطله بقيت النصوص معطلة عما دلت عليه من إثبات الصفات اللائقة بالله. فيبقى مع جنايته على النصوص ; وظنه السيئ الذي ظنه بالله ورسوله - حيث ظن أن الذي يفهم من كلامهما هو التمثيل الباطل - قد عطل ما أودع الله ورسوله في كلامهما من إثبات الصفات لله والمعاني الإلهية اللائقة بجلال الله تعالى (الثالث أنه ينفي تلك الصفات عن الله - عز وجل - بغير علم ; فيكون معطلا لما يستحقه الرب (الرابع: أنه يصف الرب بنقيض تلك الصفات من صفات الأموات والجمادات أو صفات المعدومات فيكون قد عطل به صفات الكمال التي يستحقها الرب ومثله بالمنقوصات والمعدومات وعطل النصوص عما دلت عليه من الصفات وجعل مدلولها هو التمثيل بالمخلوقات. فيجمع في كلام الله وفي الله بين التعطيل والتمثيل يكون ملحدا في أسماء الله وآياته) 17.

وقال أيضاً: (وطريقة التأويل طريقة المتكلمين من الجهمية والمعتزلة وأتباعهم يقولون: إن ما قاله له تأويلات تخالف ما دل عليه اللفظ وما يفهم منه وهو - وإن كان لم يبين مراده ولا بين الحق الذي يجب اعتقاده - فكان مقصوده أن هذا يكون سببا للبحث بالعقل حتى يعلم الناس الحق بعقولهم ويجتهدوا في تأويل ألفاظه إلى ما يوافق قولهم ليثابوا على ذلك فلم يكن قصده لهم البيان والهداية والإرشاد والتعليم بل قصده التعمية والتلبيس ولم يعرفهم الحق حتى ينالوا الحق بعقلهم ويعرفوا حينئذ أن كلامه لم يقصد به البيان فيجعلون حالهم في العلم مع عدمه خيرا من حالهم مع وجوده) 18.

ثمّ بيّن وجوه الرّدّ عليهم: (وكل من هؤلاء مخصوم بما خصم به الآخر وهو من وجوه: - (أحدها بيان أن العقل لا تحيل ذلك. و (الثاني أن النصوص الواردة لا تحتمل التأويل. و (الثالث أن عامة هذه الأمور قد علم أن الرسول صلى الله عليه وسلم جاء بها بالاضطرار كما أنه جاء بالصلوات الخمس وصوم شهر رمضان. فالتأويل الذي يحيلها عن هذا بمنزلة تأويل القرامطة والباطنية في الحج والصلاة والصوم وسائر ما جاءت به النبوات. (الرابع: أن يبين أن العقل الصريح يوافق ما جاءت به النصوص ; وإن كان في النصوص من التفصيل ما يعجز العقل عن درك التفصيل وإنما يعلمه مجملا إلى غير ذلك من الوجوه. على أن الوجوه الأساطين من هؤلاء الفحول: معترفون بأن العقل لا سبيل له إلى اليقين في عامة المطالب الإلهية. وإذا كان هكذا فالواجب تلقي علم ذلك من النبوات على ما هو عليه ومن المعلوم للمؤمنين أن الله تعالى بعث محمدا صلى الله عليه وسلم بالهدى ودين الحق ; ليظهره على الدين كله وكفى بالله شهيدا)

الفلاسفة (التّخييل)

أمّا الفلاسفة فجاؤوا بالكفر الصّريح، فقالوا إنّ نصوص الصّفات لا تدلّ على وجود حقائق ثابتة بما دلّ عليه ظاهرها، وإنّما كان مقصود الرّسل التّخييل للنّاس.

قال شيخ الإسلام رحمه الله تعالى: (فأهل التخييل هم الفلاسفة والباطنية الذين يقولون: إنه خيل أشياء لا حقيقة لها في الباطن وخاصية النبوة عندهم التخييل .. وأولئك المتقدمون كابن سينا وأمثاله ينكرون على هؤلاء ويقولون: ألفاظه كثيرة صريحة لا تقبل التأويل لكن كان قصده التخييل وأن يعتقد الناس الأمر على خلاف ما هو عليه) 19.

وقال: (فأهل التخييل: هم المتفلسفة ومن سلك سبيلهم من متكلم ومتصوف ومتفقه. فإنهم يقولون: إن ما ذكره الرسول من أمر الإيمان بالله واليوم الآخر إنما هو تخييل للحقائق لينتفع به الجمهور لا أنه بين به الحق ولا هدى به الخلق ولا أوضح به الحقائق. ثم هم على قسمين: منهم من يقول: إن الرسول لم يعلم الحقائق على ما هي عليه. ويقولون: إن من الفلاسفة الإلهية من علمها وكذلك من الأشخاص الذين يسمونهم الأولياء من علمها ويزعمون أن من الفلاسفة والأولياء من هو أعلم بالله واليوم الآخر من المرسلين.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير