[دراسات حديثية (1) .. الصلاة في المقبرة!]
ـ[أبو عبد الرحمن الناقد]ــــــــ[13 - 12 - 02, 08:56 ص]ـ
[دراسات حديثية (1) .. الصلاة في المقبرة!]
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله وحده والصلاة على من لانبي بعده ..
فهذه سلسلة حديثية لدراسة بعض الأحاديث النبوية رواية ودراية بصورة مقتضبة نسأل الله أن ينفع بها.
(1)
عن أبي سعيدٍ الخُدْريّ ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "الأرْضُ كُلهَا مَسْجِدٌ إلا المَقْبَرَةَ والحَمّامَ".
تخريج الحديث:
أخرجه الشافعي في "المسند" (1/ 67)،وأحمد (3/ 83ـ96)،والدارمي (1/ 323)،وأبو داود (492)،والترمذي (317)،وابن ماجه (745)،وابن خزيمة في "صحيحه" (792)،وعنه ابن حبان في "صحيحه" (1699)،والحاكم (1/ 251)،والبيهقي (2/ 435)،والبغوي في "شرح السنة" (2/ 411).
درجته:
قال ابن تيمية في "اقتضاء الصراط المستقيم" (2/ 672):"أسانيده جيدة، ومن تكلم فيه فما استوفى طرقه"،
وصححه ابن خزيمة والحاكم ووافقه الذهبي،وابن حزم، والألباني في "الإرواء" (1/ 320)،وأحمد شاكر في "شرح الترمذي" (2/ 132ـ134).
شرح الحديث وبيان الأحكام المستفادة منه:
قال العلامة الشوكاني في "نيل الأوطار":
(قال الترمذي: وهذا حديث فيه اضطراب رواه سفيان الثوري عن عمرو بن يحيى عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا. ورواه حماد بن سلمة عن عمرو بن يحيى عن أبيه عن أبي سعيد , ورواه محمد بن إسحاق عن عمرو بن يحيى عن أبيه قال: وكان عامة روايته عن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم ولم يذكر فيه عن أبي سعيد , وكأن رواية الثوري عن عمرو بن يحيى عن أبيه أثبت وأصح انتهى. وقال الدارقطني في العلل: المرسل المحفوظ. ورجح البيهقي المرسل. وقال النووي: هو ضعيف. وقال صاحب الإمام: حاصل ما علل به الإرسال , وإذا كان الواصل له ثقة فهو مقبول. قال الحافظ: وأفحش ابن دحية فقال في كتاب التنوير له: هذا لا يصح من طريق من الطرق كذا قال فلم يصب انتهى.
والحديث صححه الحاكم في المستدرك وابن حزم الظاهري , وأشار ابن دقيق العيد في الإمام إلى صحته. وفي الباب عن علي عند أبي داود. وعن ابن عمر عند الترمذي وابن ماجه وسيأتي. وعن عمر عند ابن ماجه. وعن أبي مرثد الغنوي عند مسلم وأبي داود والترمذي والنسائي وسيأتي. وعن جابر وعبد الله بن عمرو بن العاص وعمران بن الحصين ومعقل بن يسار وأنس بن مالك جميعهم عند ابن عدي في الكامل وفي إسناد حديثهم عباد بن كثير ضعيف جدا ضعفه أحمد وابن معين. قال ابن حزم: أحاديث النهي عن الصلاة إلى القبور والصلاة في المقبرة أحاديث متواترة لا يسع أحدا تركها. قال العراقي: إن أراد بالتواتر ما يذكره الأصوليون من أنه رواه عن كل واحد من رواته جمع يستحيل تواطؤهم على الكذب في الطرفين والواسطة فليس كذلك فإنها أخبار آحاد وإن أراد بذلك وصفها بالشهرة فهو قريب , وأهل الحديث غالبا إنما يريدون بالمتواتر المشهور انتهى. وفيه أن المعتبر في التواتر هو أن يروي الحديث المتواتر جمع عن جمع يستحيل تواطؤ كل جمع على الكذب لا أنه يرويه جمع كذلك عن كل واحد من رواته ما لم يعتبره أهل الأصول اللهم إلا أن يريد بكل واحد من رواته كل رتبة من رتب رواته.
قوله: (إلا المقبرة) مثلثة الباء مفتوحة الميم وقد تكسر الميم وهي المحل الذي يدفن فيه الموتى.
والحديث يدل على المنع من الصلاة في المقبرة والحمام. وقد اختلف الناس في ذلك. أما المقبرة فذهب أحمد إلى تحريم الصلاة في المقبرة , ولم يفرق بين المنبوشة وغيرها ولا بين أن يفرش عليها شيئا يقيه من النجاسة أم لا , ولا بين أن يكون في القبور أو في مكان منفرد عنها كالبيت وإلى ذلك ذهبت الظاهرية , ولم يفرقوا بين مقابر المسلمين والكفار. قال ابن حزم: وبه يقول طوائف من السلف فحكي عن خمسة من الصحابة النهي عن ذلك وهم عمر وعلي وأبو هريرة وأنس وابن عباس , وقال: ما نعلم مخالفا من الصحابة. وحكاه عن جماعة من التابعين إبراهيم النخعي ونافع بن جبير بن مطعم وطاوس وعمرو بن دينار وخيثمة وغيرهم. وقوله لا نعلم لهم مخالفا في الصحابة إخبار عن علمه وإلا فقد حكى الخطابي في معالم السنن عن عبد الله بن عمر أنه رخص في الصلاة في المقبرة وحكي أيضا عن الحسن أنه صلى في المقبرة. وقد ذهب إلى
¥