تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[نجاسة الدم]

ـ[القعنبي]ــــــــ[20 - 12 - 02, 06:58 ص]ـ

[نجاسة الدم]

صليت بعد العشاء وبعد الصلاة وجدت على ثيابي دماً يسيراً (قطرة تقريباً) فهل صلاتي صحيحة، أو يجب إعادة الصلاة، علماً بأنني لا أدري متى تم اتساخ ملابسي هل هو قبل صلاة العشاء أو قبل صلاة المغرب؟

أفيدونا بارك الله فيكم.

بسم الله الرحمن الرحيم

المكرم الأخ/ حفظه الله

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

الحمد لله وبعد.

لم يبين السائل نوع الدم الذي على ثوبه، ليتبين لي حكمه، فالدم ليس حكمه واحداً، فهناك من الدماء ما هو نجس بالإجماع كدم الحيض، وهناك من الدماء ما هو طاهر بالإجماع كالكبد والطحال، وما بقي في العروق بعد الذبح.

وهناك من الدماء ما هو مختلف فيه، كدم الآدمي الخارج من العِرق.

فالجمهور من الأئمة الأربعة يرون نجاسة دم الآدمي إلا أنهم يرون العفو عن يسيره على خلاف بينهم في مقدار اليسير.

فقيل: المرجع في تقدير القليل والكثير إلى العرف، فما اعتبره الناس كثيراً فهو كثير، وما عده الناس قليلاً فهو قليل، وهذا هو قول الحنابلة.

وقيل: القليل: ما دون الدرهم البغلي، والكثير ما زاد عنه، وهو قول في مذهب المالكية.

وقيل: كل شخص بحسبه، فما فحش بنفسه فهو كثير، والقليل: ما لم يفحش، فيكون التقدير راجعاً إلى الشخص نفسه.

وثمت أقوال أخرى في تقدير القليل والكثير لا دليل عليها.

ويحتاج هذا القول إلى إثبات الدليل على نجاسة دم الآدمي، وعلى العفو عن يسيره.

واستدلوا بأدلة منها:

الأول: الإجماع على نجاسة دم الآدمي حكاه جماعة منهم الإمام أحمد وابن عبد البر كما في التمهيد (230/ 22)، والنووي في المجموع وغيرهم.

قال أحمد لما سئل عن الدم كما في شرح العمدة لابن تيمية (1/ 105): الدم والقيح عندك سواء؟

قال: الدم لم يختلف الناس فيه، والقيح قد اختلف الناس في.

وقال ابن حزم في كتابه مراتب الإجماع (ص:19): واتفقوا على أن الكثير من أي دم كان حاشا دم السمك، وما لا يسيل دمه نجس.

قال النووي في المجموع (2/ 511): والدلائل على نجاسة الدم متظاهرة، ولا أعلم فيه خلافاً عن أحد من المسلمين إلا ما حكاه صاحب الحاوي عن بعض المتكلمين أنه قال: هو طاهر، ولكن المتكلمين لا يعتد بهم في الإجماع. الخ كلامه رحمه الله.

وقال القرطبي كما في تفسيره (2/ 222): اتفق العلماء على أن الدم حرام نجس.

وقال ابن حجر كما في فتح الباري (1/ 352): والدم نجس اتفاقاً. اهـ، ونحوه لابن القيم في بدائع الفوائد.

الدليل الثاني: قوله تعالى: [قل لا أجد فيما أوحي إلى محرماً على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة أو دماً مسفوحاً أو لحم خنزير فإنه رجس أو فسقاً أهل لغير الله به]. وأجيب بأن تحريم الأكل لا يستلزم النجاسة؛ لأن الآية نصت بقوله: [على طاعم يطعمه].

الدليل الثالث: حديث أسماء في الصحيحين قالت جاءت امرأة النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: أرأيت إحدانا تحيض في الثوب كيف تصنع؟ قال: (تحته ثم تقرصه بالماء وتنضحه وتصلي فيه). (خ 227) م (291).

فهذا صريح في نجاسة دم الحيض، وتدخل سائر الدماء قياساً عليه.

الدليل الثالث: حديث عائشة في قصة استحاضة فاطمة بنت أبي حبيش. قالت: جاءت فاطمة بنت أبي حبيش إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله إني امرأة استحاض فلا أطهر أفأدع الصلاة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا. إنما ذلك عرق وليس بحيض فإذا أقبلت حيضتك فدعي الصلاة وإذا أدبرت فاغسلي عنك الدم ثم صلي). (البخاري 228) ومسلم (333).

فقوله: (فاغسلي عنك الدم) فيه الأمر بغسله، ولو لم يكن نجساً لم يجب غسله.

وأجيب: بأن الغسل بمثابة الاستنجاء من الدم الذي حكم له بأنه حيض حال إقباله وإدباره، فلم يتوجه الأمر بغسل دم الاستحاضة، والله أعلم.

واختار بعض المحققين كالشوكاني رحمه الله وصديق حسن خان (الروضة الندية1/ 81) ومن المعاصرين ابن عثيمين كما في الشرح الممتع، والألباني كما في السلسلة الصحيحة، والتعليق على فقه السنة طهارة دم الآدمي مطلقاً ولو كان كثيراً.

واستدلوا بأدلة كثيرة، منها: أن الصحابة أهل جهاد، والمجاهدون تكثر فيهم الجراح، فلم يوجد أمر من الشارع لهم بغسله، ولو كان نجساً لجاء الدليل الصريح على وجوب غسله، فلما لم يأت دليل صحيح صريح على وجوب غسله علم من ذلك طهارته.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير