تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أصبتَ وأخطأتُ!! كم هي ثقيلة على النفس ..

ـ[أبوحاتم]ــــــــ[14 - 12 - 02, 01:28 ص]ـ

أصبتَ وأخطأتُ!! كم هي ثقيلة على النفس ..

الحمد لله رب أعن ويسر

لعل من أشد ما نحتاجه اليوم في التعامل مع بعضنا بعضًا خلق الإنصاف الذي يعني: إدراكاً متكاملا لما عند الآخرين من حسنات وميزات، ولما يعانونه من مشكلات، ولما يعيشون فيه من ظروف مختلفة. ـ فهو يقتضي ـ: ذكر محاسن الشخص ومثالبه عند الحاجة إلى تقويمه.

والمنصف هو الذي: يدرك حقيقة أحوال البشر إدراكاً مناسباً، لأن أحوال البشر وأفكارهم وأمزجتهم على درجة عالية جداً من التعقيد والتنوع، فالمنصف هو الذي يدرك هذه الحقيقة، ثم يملك القدرة على التعامل معها كما ينبغي. (مقدمات للنهوض بالعمل الدعوي د/ عبد الكريم بكار) بتصرف

ذكر ابن عبد البر بسنده في (جامع العلم 1/ 531)

عن محمد بن كعب القرظي قال: سأل رجل علياً رضي الله عنه عن مسألة، فقال فيها،

فقال الرجل: ليس كذلك يا أمير المؤمنين؛ ولكن كذا وكذا. فقال علي رضي الله عنه:

أصبتَ وأخطأتُ!!.

كم هي بالفعل ثقيلة هذه الكلمة على من لم يوطّن نفسه على الإنصاف، هذا الخُلق الذي عزّ وجوده في هذه الأزمنة المتأخرة، وقد الإمام مالك ـ رحمه الله ـ من قبل:ما في زماننا شيء أقل من الإنصاف!!

وقال الإمام الذهبي ـ رحمه الله ـ أيضًا: فقد صرنا في وقت لا يقدر الشخص على النطق بالإنصاف، نسأل الله السلامة.

وقال الإمام ابن حزم ـ رحمه الله ـ في (الأخلاق والسير):واضع الكلام في موضعه ... أعز من الكبريت الأحمر!!.

فكيف بنا نحن في هذا الزمن الذي علت فيه أصوات البغي بقصد الأذى، أو الحسد؛ ماذا نقول؟؟

يقول شيخ الإسلام ـ رحمه الله ـ في (الفتاوى 14/ 482 - 483):

وأنت إذا تأملت ما يقع من الاختلاف بين هذه الأمة علمائها وعبادها و أمرائها و رؤسائها وجدت أكثره من هذا الضرب الذي هو البغي: بتأويل أو بغير تأويل، كما بغت الجهمية على المستنَّة في محنة الصفات و القرآن ... و كما بغت الرافضة على المستنَّة مرات متعددة، وكما بغت الناصبة على علي و أهل بيته، وكما قد تبغي المشبهة على المنزهة، وكما قد يبغي بعض المستنة إما على بعضهم، وإما على نوع من المبتدعة بزيادة على ما أمر الله به. وهو الإسراف المذكور في قولهم: {ربنا اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا} أ. هـ

وغالباً ما يكون هذا النوع من البغي عند الذين لا يستطيعون المواجهة، فتراهم يصخبون في المجالس بلمز هذا أو ذاك = بقصد الاشتهار، أو بقصد الإطاحة بالغير، أو بقصد الإصلاح والبيان ..... زعموا!!

وإن تعجب فعجبْ لفعلهم: فبعض هؤلاء في أوقات كثيرة، حتى لو تبين له خطؤه لم يتخلى عنه!!

ولو أنصف مع نفسه والناس لما تردد وقال: {ربنا اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا} وقال: {ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا ربنا إنك رؤف رحيم}

الإنصاف في هذا الزمن أصبح وجوده أعز من الكبريت الأحمر، وللأسف حتى من بعض المنتسبين للعلم وأهله!

يقول ابن عبد البر ـ رحمه الله ـ في (جامع العلم 1/ 530):من بركة العلم وآدابه الإنصاف فيه، ومن لم ينصف لم يفهم ولم يتفهم. أ. هـ

وهذا ما حصل بالفعل فبعضهم لم يسعه الخلاف، ولم يحترم الآراء، ولم يقدر وجهات النظر، فأخذ يعدل ويجرح، ويعادي ويوالي، ولو أنصف لطلب بيان ما استشكل، وعلم أن الخلاف في بعض المسائل له حظ من النظر.

ومن ضاقت به السبل ولم يسعه الخلاف، فباب الأعذار مفتوح المصراعين، ومن التمس العذر لأخيه وجده.

((ما حملك يا حاطب على ما صنعت))

((يا عمر وما يدريك لعل الله قد اطلع على أهل بدر فقال اعملوا ما شئتم فقد وجبت لكم الجنة)).

ومن رام البقاء في الدنيا، من غير وجود مخالف له في مسألة ما، فقد طلب المستحيل ...... (وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ)

لا يخلو الإنسان من ضد ولو ............ حاول العزلة في رأس الجبل

معرفة الإنسان لتفاوت العقول، وحتمية الخلاف، مع فهمه لطبيعة الحياة = كل ذلك يجعله حتماً: منصفاً في أحكامه

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير