تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الوقت وذلك يحتاج إلى عمل وكلفة مما لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يراعيه بل ولا أصحابه، فهؤلاء لا يمكن الجمع على قولهم في غالب الأوقات لغالب الناس إلا مع تفريق الفعل و أولائك لا يكون الجمع عندهم إلا مع اقتران الفعل وهؤلاء فهموا من الجمع اقتران الفعلين في وقت واحد أو وقتين و أولائك قالوا لا يكون الجمع إلا في وقتين، وذلك يحتاج إلى تفريق الفعل، وكلا القولين ضعيف.

والسنة جاءت بأوسع من هذا وهذا ولم تكلف الناس لا هذا ولا هذا، والجمع جائز في الوقت المشترك فتارة يجمع في أول الوقت كما جمع بعرفة، وتارة يجمع في وقت الثانية كما جمع في مزدلفة، وفي بعض أسفاره، وتارة يجمع فيما بينهما في وسط الوقتين، وقد تقعان معاً في آخر وقت الأولى وقد تقعان معاً في أول وقت الثانية، وقد تقع هذه في هذا وهذه في هذا، كل هذا جائز لأن أصل المسألة أن الوقت عند الحاجة مشترك والتقديم والتوسط بحسب الحاجة والمصلحة ففي عرفة ونحوها يكون جمع التقديم هو السنة وكذلك جمع المطر السنة أن يجمع للمطر في وقت المغرب حتى اختلف مذهب أحمد هل يجوز أن يجمع للمطر في وقت الثانية؟ على وجهين.

وقال الحبر البحر الخزاني (24/ 80) " وكيف يليق بابن عباس أن يقول فعل ذلك كيلا يحرج أمته والوقت المشهور هو أوسع وأرفع للحرج من هذا الجمع الذي ذكروه، وكيف يحتج على من أنكر عليه التأخير لو كان النبي صلى الله عليه وسلم إنما صلى في الوقت المختص بهذا الفعل (1) وكان له في تأخيره المغرب حين صلاها قبل مغيب الشفق وحدها، وتأخير العشاء إلى ثلث الليل أو نصفه ما يغنيه عن هذا.

وإنما قصد ابن عباس جواز تأخير المغرب إلى وقت العشاء ليبين أن الأمر في حال الجمع أوسع منه في غيره، وبذلك يرتفع الحرج عن الأمة، ثم ابن عباس قد ثبت عنه في الصحيح أنه ذكر الجمع في السفر، وأن النبي صلى الله عليه وسلم جمع بين الظهر والعصر في السفر إذا كان على ظهر سيره ... فعلم أن لفظ الجمع في عرفه وعادته إنما الجمع في وقت إحداهما، أما الجمع في الوقتين فلم يعلم أنه تكلم به، فكيف يعدل عن عادته التي يتكلم بها إلى ما ليس كذلك؟.

وأيضاً فابن شقيق يقول حاك في صدري من ذلك شيء فأتيت أبا هريرة فسألته فصدق مقالته، أتراه حاك في صدره أن الظهر لا يجوز تأخيرها إلى آخر الوقت؟ وأن العصر لا يجوز تقديمها إلي أول الوقت؟ وهل هذا مما يخفى على أقل الناس علما حتى يحيك في صدره منه؟ وهل هذا مما يحتاج أن ينقله إلى أبي هريرة أو غيره حتى يسأل عنه إن هذا مما تواتر عند المسلمين وعلموا جوازه وإنما وقعت الشبهة لبعضهم في المغرب خاصة وهؤلاء يجوزون تأخيرها إلى آخر وقتها، فالحديث حجة عليهم كيفما كان.

وجواز تأخيرها ليس معلقاً بالجمع، بل يجوز تأخيرها مطلقاً إلى آخر الوقت حتى يؤخر العشاء أيضا وهكذا فعل النبي صلى الله عليه وسلم حين بين أحاديث المواقيت، وهكذا في الحديث الصحيح " وقت المغرب ما لم يغب نور الشفق، ووقت العشاء إلى نصف الليل، كما قال وقت الظهر ما لم يصر ظل كل شيء مثله، ووقت العصر ما لم تصفر الشمس " فهذا الوقت المختص الذي بينه بقوله وفعله وقال " الوقت ما بين هذين " ليس له اختصاص بالجمع ولا تعلق به، ولو قال قائل جمع بينهما بالمدينة من غير خوف ولا سفر المراد به الجمع في الوقتين كما يقول ذلك من يقوله من الكوفيين لم يكن بينه وبينهم فرق، فلماذا يكون الإنسان من المطففين لا يحتج لغيره كما يحتج لنفسه؟ ولا يقبل لنفسه ما يقبله لغيره؟ وأيضا فقد ثبت هذا من غير طريق ابن عباس رواه الطحاوي (2) حدثنا ابن خزيمة وابراهيم بن أبي داود وعمران بن موسى أنبأنا الربيع بن يحيى الأشناني حدثنا سفيان الثوري عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله قال جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء بالمدينة للرخصة من غير خوف ولا علة لكن ينظر في حال الأشناني (3).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير