تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وقوله تعالى وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول رأيت المنافقين يصدون عنك صدودا.

أي إذا دعوا الى التحاكم الى ما أنزل الله والى الرسول أعرضوا إعراضا مستكبرين كما قال تعالى وإذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم اذا فريق منهم معرضون قال ابن القيم هذا دليل على أن من دعي الى تحكيم الكتاب والسنة فلم يقبل وأبى ذلك أنه من المنافقين ويصدون هنا لازم لا متعد هو بمعنى يعرضون لا بمعنى يمنعون غيرهم ولهذا أتى مصدره على صدود ومصدر التعدي صدا فإذا كان المعرض عن ذلك قد حكم الله سبحانه بنفاقهم فكيف بمن ازداد إلى اعراضه منع الناس من تحكيم الكتاب والسنة والتحاكم إليهما بقوله وعمله وتصانيفه ثم يزعم مع ذلك أنه إنما اراد الإحسان والتوفيق الإحسان في فعله ذلك والتوفيق بين الطاغوت الذي حكمه وبين الكتاب والسنة قلت وهذا حال كثير ممن يدعي العلم والإيمان في هذه الأزمان إذا قيل لهم تعالوا نتحاكم الى ما أنزل الله والى الرسول رايتهم يصدون وهم مستكبرون ويعتذرون أنهم لا يعرفون ذلك ولا يعقلون بل لعنهم الله بكفرهم فقليلا ما يؤمنون.

وقوله تعالى فكيف إذا أصابتهم مصيبة بما قدمت أيديهم.

قال ابن كثير أي فكيف بهم إذا أصابتهم المقادير إليك في المصائب بسبب ذنوبهم واحتاجوا إليك في ذلك وقال ابن القيم قيل المصيبة فضيحتهم إذا أنزل القرآن بحالهم ولا ريب أن هذا أعظم المصيبة والإضرار فالمصائب التي تصيبهم بما قدمت أيديهم في أبدانهم وقلوبهم وأديانهم بسبب مخالفة الرسول عليه الصلاة والسلام أعظمها مصائب القلب والدين فيرى المعروف منكرا والهدى ضلالا والرشاد غيا والحق باطلا والصلاح فسادا وهذا من المصيبة التي أصيب بها في قبله وهوالطبع الذي أوجبه مخالفة الرسول صلى الله عليه وسلم وتحكيم غيره قال سفيان الثوري في قوله تعالى فليحذر الذين يخالفون عن أمره ان تصيبهم فتنة قال هي أن تطبع على قلوبهم

وقوله تعالى ثم جاؤوك يحلفون بالله ان اردنا إلا احسانا وتوفيقا.

قال ابن كثير اي يعتذرون ويحلفون إن أردنا بذهابنا الى غيرك إلا الإحسان والتوفيق أي المداراة والمصانعة وقال غيره إلا إحسانا أي لا إساءة وتوفيقا اي بين الخصمين ولم نرد مخالفة لك ولا تسخطا لحكمك قلت فإذا كان هذا حال المنافقين يعتذرون عن أمرهم ويلبسونه لئلا يظن أنهم قصدوا المخالفة لحكم النبي صلى الله عليه وسلم أو التسخط فكيف بمن يصرح بما كان المنافقون يضمرونه حتى يزعم أنه من حكم الكتاب والسنة في موارد النزاع فهو إما كافر وإما مبتدع ضال وفعل المنافقين الذي ذكره الله عنهم في هذه الآية هو بعينه الذي يفعله المحرفون للكلم عن مواضعه الذين يقولون إنما قصدنا التوفيق بين القواطع العقلية بزعمهم التي هي الفلسفة والكلام وبين الأدلة النقلية ثم يجعلون الفلسفة التي هي سفاهة وضلالة الأصل ويردون بها ما أنزل الله على رسوله من الكتاب والحكمة زعموا أن ذلك يخالف الفلسفة التي يسمونها القواطع فتطلبوا له وجوه التأويلات البعيدة وحملوه على شواذ اللغة التي لا تكاد تعرف

وقوله تعالى اولئك الذين يعلم الله ما في قلوبهم.

قال ابن كثير أي هذا الضرب من الناس هم المنافقون والله اعلم بما في قلوبهم وسيجزيهم على ذلك فإنه لا تخفى عليه خافية فاكتف به يا محمد فيهم فإنه عالم ببواطنهم وظواهرهم.

وقوله تعالى فأعرض عنهم وعظهم وقل لهم في أنفسهم قولا بليغا.

قال ابن القيم أمر الله رسوله صلى الله عليه وسلم فيهم بثلاثة أشياء أحدهما الإعراض عنهم إهانة لهم وتحقيرا لشأنهم وتصغيرا لأمرهم لا إعراض متاركة وإهمال وبهذا يعلم أنها غير منسوخة الثاني قوله وعظهم وهو تخويفهم عقوبة الله وبأسه ونقمته إن أصروا على التحاكم الى غير رسوله صلى الله عليه وسلم وما أنزل عليه الثالث قوله وقل لهم في أنفسهم قولا بليغا أي يبلغ تأثيره إلى قلوبهم ليس قولا لينا لا يتأثر به المقول له وهذه المادة تدل على بلوغ المراد بالقول فهو قول يبلغ به مراد قائله من الزجر والتخويف ويبلغ تأثيره إلى نفس المقول له ليس هو كالقول الذي يمر على الأذن صفحا وهذا القول البليغ يتضمن ثلاثة أمور أحدها عظم معناه وتأثير النفوس به الثاني فخامة الفاظه وجزالتها الثالث كيفية القائل في إلقائه إلى المخاطب فإن القول كالسهم والقلب كالقوس الذي

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير