للحديث الذي أخرجه مسلم رحمه الله من حديث علي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " لا تبدأوا اليهود والنصارى بالسلام،وإذا لقيتموهم في طريق فاضطروهم إلى أضيقه " *قال النووي - رحمه الله -: " واختلف العلماء في رد السلام على الكفار وابتدائهم به , فمذهبنا تحريم ابتدائهم به , ووجوب رده عليهم بأن يقول: وعليكم , أو عليكم فقط , ودليلنا في الابتداء قوله صلى الله عليه وسلم (لا تبدءوا اليهود ولا النصارى بالسلام) وفي الرد قوله صلى الله عليه وسلم (فقولوا: وعليكم) وبهذا الذي ذكرناه عن مذهبنا قال أكثر العلماء وعامة السلف , وذهبت طائفة إلى جواز ابتدائنا لهم بالسلام , روي ذلك عن ابن عباس وأبي أمامة وابن أبي محيريز , وهو وجه لبعض أصحابنا حكاه الماوردي , لكنه قال: يقول: السلام عليك , ولا يقول: عليكم بالجمع. واحتج هؤلاء بعموم الأحاديث , وبإفشاء السلام , وهي حجة باطلة لأنه عام مخصوص بحديث (لا تبدءوا اليهود ولا النصارى بالسلام) وقال بعض أصحابنا: يكره ابتداؤهم بالسلام , ولا يحرم , وهذا ضعيف أيضا , لأن النهي. للتحريم. فالصواب تحريم ابتدائهم. وحكى القاضي عن جماعة أنه يجوز ابتداؤهم به للضرورة والحاجة أو سبب , وهو قول علقمة والنخعي. وعن الأوزاعي أنه قال: إن سلمت فقد سلم الصالحون , وإن تركت فقد ترك الصالحون. وقالت طائفة من العلماء: لا يرد عليهم السلام , ورواه ابن وهب وأشهب عن مالك , وقال بعض أصحابنا: يجوز أن يقول في الرد عليهم: وعليكم السلام , ولكن لا يقول: ورحمة الله. حكاه الماوردي , وهو ضعيف مخالف للأحاديث والله أعلم."شرح االنووي على صحيح مسلم - كتاب السلام - باب النهي عن ابتداء أهل الكتاب بالسلام وكيف يرد عليهم.
ملاحظات:
1 - أفتى بعض العلماء بجواز ابتداء الكافر بالتحية عموما كقول صباح الخير أو كيف حالك؟ وغير ذلك، أما الذي يحرم فهو الابتداء بالسلام، ومنع بعض العلماء الابتداء بالسلام أو التحية مطلقا.
2 - إذا سلم الكتابي وجب الرد عليه، وأما كيفية الرد، فإن هناك ثلاث حلات:
* حالة تتيقن منها أنه نطق باللام أي قال " السلام عليكم " فهنا يجوز لك أن تقول له " وعليكم السلام "
* حالة تتيقن منها أنه لم ينطق باللام، بل قال: " السام عليكم " فهنا يجب عليك أن تقول له: " وعليكم " أو عليكم فقط.
* حالة تشك فيها وهذه الحالة كسابقتها فتقول له وعليكم أو عليكم.
3 - يجوز الابتداء بالسلام على قوم فيهم مسلمون وكفار، ويقصد بسلامه المسلمين.
4 - معنى قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث: " وإذا لقيتموهم في طريق فاضطروهم إلى أضيقه " أي لا تفسحوا له، بمعنى إذا كان هناك طريق لا يتسع إلا لرجل واحد، وكان هناك مسلم وكافر، فإنه يقدم المسلم، وليس معنى الحديث أنه يضيق على الكافرمن الأصل أو غير هذا من الفهم الخطأ للحديث.
ثانيا: تشميت العاطس الكافر بقول يهديكم الله ويصلح بالكم
للحديث الذي رواه الترمذي وقال حسن صحيح عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أنه قال: " كان اليهود يتعاطسون عند النبي صلى الله عليه وسلم يرجون أن يقول لهم يرحمكم الله. فيقول: يهديكم الله ويصلح بالكم "
أما إذا عطس المسلم فكما هو معلوم يقال له: يرحمكم الله.
ثالثا: عدم جواز تهنئة الكفار على أعيادهم الكفرية
وهذه من الفروق أيضا بين المسلمين والكفار، فتشرع تهنئة المسلمين بعيديهم، فعن جبير بن نفير رضي الله عنه قال: كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا التقوا يوم العيد، قال بعضهم لبعض: تقبل الله منا ومنك.
أما تهنئة الكفار بأعيادهم الدينية فمحرمة بالإجماع:
قال ابن القيم - رحمه الله -:
" وأما التهنئة بشعائر الكفر المختصة به فحرام بالاتفاق، مثل أن يهنئهم بأعيادهم وصومهم، فيقول: عيد مبارك عليك، أو تهنأ بهذا العيد ونحوه، فهذا إن سلم قائله من الكفر فهو من المحرمات، وهو بمنزلة أن يهنئه بسجوده للصليب، بل ذلك أعظم إثما عند الله، وأشد مقتا من التهنئة بشرب الخمر وقتل النفس وارتكاب الفرج الحرام ونحوه " (أحكام أهل الذمة لابن القيم ج1 ص154 طبعة دار الحديث)
ملاحظات:
1 - إذا كانت مجرد التهنئة بالأعياد الكفرية محرمة بل كبيرة من الكبائر فكيف بحضورالأعياد؟
¥