تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

نفي السلف رحمهم الله وصية الرسول صلى الله عليه وسلم بالخلافة: وبعد تقرير هذا يقال: وردت أحاديث في نفي الوصية من الرسول صلى الله عليه وسلم، وفهم السلف رحمهم الله تعالى منها أن المراد بالنفي، نفي الوصية بالخلافة.

من هذه الأحاديث: عن طلحة بن مصرف قال: سألت عبدالله بن أبي أوفى، هل أوصى رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال: لا، لم يوص) (20).

قال السلف: قوله (لم يوص) معناه: "لم يوص بثلث ماله ولا غيره، إذ لم يكن له صلى الله عليه وسلم مال، ولا أوصى إلى علي رضي الله عنه، ولا إلى غيره بخلاف ما يزعمه الشيعة. وقد تبرأ علي من ذلك (21) وأما الأحاديث الصحيحة في وصيته بكتاب الله ووصيته بأهل بيته، ووصيته بإخراج المشركين من جزيرة العرب، وبإجازة الوفد، فليست مرادة بقوله (لم يوص) إنما المراد به ما قدمناه وهو مقصود السائل عن الوصية" (22).

وقالوا: "ويؤيد هذا الاحتمال ما وقع في رواية الدارمي (23) وابن ماجة (24): قال طلحة فقال لهزيل بن شرحبيل: (أبو بكر كان يتأمر على وصي رسول الله صلى الله عليه وسلم، ود أبو بكر أنه كان وجد عهداً من رسول الله فخزم أنفه بخزام) وهزيل هذا أحد كبار التابعين ومن ثقات أهل الكوفة. فدل هذا على أنه كان في الحديث قرينة تشعر بتخصيص السؤال بالوصية بالخلافة" (25).

ومن الأحاديث أيضاً: حديث عائشة رضي الله عنها أنهم ذكروا عندها أن علياً رضي الله عنه كان وصياً، فقالت: متى أوصى إليه وقد كنت مسندته إلى صدري –أو قالت: حجري- فدعا بالطست، فلقد انخنث في حجري فما شعرت أنه قد مات، فمتى أوصى إليه (26).

وقد بين السلف رحمهم الله تعالى أن القائل بالوصية عند عائشة رضي الله عنها هم الشيعة (27)، "فذكروا عندها أنه أوصى له بالخلافة في مرض موته، فلذلك ساغ لها إنكار ذلك، واستندت إلى ملازمتها له في مرض موته إلى أن مات في حجرها، ولم يقع منه شيء من ذلك، فساغ لها نفي ذلك، لكونه منحصراً في مجالس معينة لم تغب عن شيء منها" (28).

ومن الأحاديث قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه لما قيل له: ألا تستخلف؟ قال: "إن أستخلف فقد استخلف من هو خير مني أبو بكر، وإن أترك فقد ترك من هو خير مني رسول الله صلى الله عليه وسلم" (29).

قالوا: "كأن عمر رضي الله عنه قال: إن أستخلف فقد عزم صلى الله عليه وسلم على الاستخلاف فدل على جوازه، وإن أترك فقد ترك فدل على جوازه، وفهم أبو بكر رضي الله عنه من عزمه الجواز فاستعمله، واتفق الناس على قبوله" (30)

واستدل السلف أيضاً بحديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: لما حضر رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي البيت رجال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (هلموا أكتب لكم كتاباً لا تضلوا بعده أبداً، فأكثروا اللغو والاختلاف عند النبي صلى الله عليه وسلم) فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (قوموا) قال عبيد الله: سمعت ابن عباس يقول: إن الرزية كل الرزية ما حال بين رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يكتب لهم الكتاب لاختلافهم ولغطهم (31).

وقالوا: "إن قصة الكتاب الذي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يريد أن يكتبه، قد جاء مبيناً، كما في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرضه: (ادعي لي أباك وأخاك أكتب كتاباً، فإني أخاف أن يتمنى متمن ويقول قائل: أنا أولى، ويأبى الله والمؤمنون إلا أبا بكر).

وفي حديث آخر قال صلى الله عليه وسلم ( .. لقد هممت أن أرسل إلى أبي بكر وابنه وأعهد: أن يقول القائلون أو يتمنى المتمنون، ويدفع الله ويأبى المؤمنون).

وقد اشتبه هذا على عمر، هل كان قول النبي صلى الله عليه وسلم من شدة المرض، أو كان من أقواله المعروفة، والمرض جائز على الأنبياء. ولهذا قال: (ماله؟ أهجر؟) فشك في ذلك ولم يجزم بأنه هجر، والشك جائز على عمر فإنه لا معصوم إلا النبي صلى الله عليه وسلم لاسيما وقد شك بشبهة، فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان مريضاً فلم يدر أكلامه كان من وهج المرض كما يعرض للمريض، أو كان من كلامه المعروف الذي يجب قبوله. وكذلك ظن أنه لم يمت حتى تبين أنه قد مات.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير