تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قال الشوكاني: (يعني أنه سيقتدي برسول الله صلى الله عليه وسلم في ترك الاستخلاف ويدع الاقتداء بأبي بكر وإن كان الكل عنده جائز، ولكن الاقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم في الترك أولى من الاقتداء بأبي بكر في الفعل) (40) فالشوكاني رحمه الله يرى أن النبي صلى الله عليه وسلم قد ترك ولم يستخلف، وهذا ما يقول به علماء السلف.

وعن حادثة تولي عثمان رضي الله عنه للإمامة، وقول عبدالرحمن بن عوف رضي الله عنه لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه: لك من قرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم والقدم في الإسلام ما قد علمت، فالله عليك لئن أمرتك لتعدلن، ولئن أمرت عثمان لتسمعن ولتطيعن، ثم خلا بالآخر فقال له مثل ذلك، فلما أخذ الميثاق قال: ارفع يدك يا عثمان، فبايعه وبايعه علي، وولج أهل الدار فبايعوه.

قال الشوكاني: " وفي هذا الأثر دليل على أنه يجوز جعل أمر الخلافة شورى بين جماعة من أهل الفضل والعلم والصلاح، كما يجوز الاستخلاف وعقد أهل الحل والعقد " (41) فلم يتعرض الشوكاني إلى القول بالوصية، وأن علياً رضي الله عنه أفضل وأحق كما تفعله الشيعة، وإنما أجاز انعقاد الإمامة بالشورى، وبعقد أهل الحل والعقد.

ويؤكد تراجع الشوكاني –رحمه الله- عن القول بالوصية لعلي رضي الله عنه، أنه كثيراً ما كان يتراجع عن آراء اتخذها، وصنف كتاباً في تأييدها والدعوة إليها، وقد أشار إلى بعضها (42).

فمن خلال ما سبق يتبين لدى الباحث من موقف الإمام الشوكاني ما يلي: أولاً: إن رسالة العقد الثمين، فيها إثبات الوصية بالخلافة وغيرها، بل كونها إلى الخلافة أقرب من غيرها، لأن النزاع بين أهل السنة والجماعة والشيعة في الإمامة، فالشوكاني كان يقول بقول الشيعة في الوصية.

ثانياً: تعتبر رسالة العقد الثمين، من الكتب المبكرة في الحياة العلمية لدى الإمام الشوكاني، فهي تمثل الموقف الذي كان عليه سابقاً من الإمامة.

ثالثاً: يكون الرأي المختار والذي يوصف بأنه الموقف المتأخر للإمام الشوكاني من الإمامة، هو قوله بأن الإمامة تنعقد بالشورى وبعقد أهل الحل والعقد والعلم والفضل، وليس بالوصية أو بالنص، كما هو مبين في كتابه نيل الأوطار، وهو رأي أهل السنة والجماعة.

رابعاً: لم يقدح الإمام الشوكاني –رحمه الله تعالى- في صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما تفعله الشيعة، بل كان موافقاً لما ذهبوا إليه من طرق انعقاد الإمامة.


(1) انظر: الإمام الشوكاني حياته وفكره – د/ عبدالغني الشرجي- 76.
(2) العقد الثمين في إثبات وصاية أمير المؤمنين – الشوكاني- ضمن مجموعة الرسائل اليمنية (الرسالة الثانية) - المطبعة المنيرية، القاهر- 1348هـ.
(3) العقد الثمين – 6 – 8.
(4) العقد الثمين – 8 - 10.
(5) العقد الثمين 8 - 9.
(6) العقد الثمين – 10.
(7) هو الإمام الهادي أحمد بن يحيى المرتضي. انظر: كتاب قطر الولي -55.
(8) السيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار –الشوكاني- 4/ 506.
(9) الإمامة العظمى – 299.
(10) المواقف –للإيجي- 413.
(11) السياسة الشرعية – ابن تيمية – 21 - دار الكتاب العربي. وانظر: منهاج السنة النبوية – 6/ 475
(12) الملل والنحل – الشهرستاني – 1/ 154.
(13) السيل الجرار – الشوكاني – 4/ 511.
(14) الزيدية – أحمد محمود صبحي – 727 – 728.
(15) الشوكاني المفسر –رسالة دكتوراه- لم تنشر – قسم التفسير وعلوم القرآن- كلية أصول الدين- جامعة الأزهر- 1977م (نقلاً من كتاب الشوكاني حياته وفكره- 28).
(16) مقدمة قطر الولي – إبراهيم هلال – 107.
(17) الإمام الشوكاني حياته وفكره – عبدالغني الشرجي – 291.
(18) انظر البداية والنهاية 5/ 200.
(19) كتاب الأمامة والرد على الرافضة – للحافظ أبي نعيم الأصبهاني – تحقيق الدكتور/ علي بن محمد الفقيهي- 232 - مكتبة العلوم والحكم – المدينة المنورة- الطبعة الأولى- 1407هـ.

(20) أخرجه البخاري – 3/ 186 - كتاب الوصايا – باب الوصايا. وأخرجه الإمام مسلم في صحيحه – 3/ 1256 - برقم (1634) – كتاب الوصية- باب ترك الوصية لمن ليس له شيء يوصى فيه. وأخرجه الترمذي في السنن – 4/ 376 - برقم (2119) – كتاب الوصايا – باب ما جاء أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يوص.
¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير