87. حديث أبي أيوب الأنصاري (الوتر حق على كل مسلم, من أحب أن يوتر بخمس فليفعل, ومن أحب أن يوتر بثلاث فليفعل, ومن أحب أن يوتر بواحدة فليفعل): قوله (حق) يعني متأكد, كما تقول لفلان من الناس (لك علي حق) يعني متأكد, ولا يلزم من هذا أن يكون واجباً, فهو من آكد النوافل وإن لم يكن واجباً, ولهذا فجمهور أهل العلم على أن الوتر ليس بواجب والأدلة على ذلك كثيرة, ومنها أنه لما ذكر الصلوات الخمس قال (هل علي غيرها) قال (لا إلا أن تطَّوع) , فدل على أن الوتر ليس بواجب, وأوجبه أبو حنيفة استدلالاً بمثل هذا الحديث وحمل الحق على الواجب الذي يجب أداؤه, لكن عامة أهل العلم على أن الحق هو المتأكد وإن لم يكن واجباً.
88. قوله (من أحب أن يوتر بخمس فليفعل): ظاهره أنها بسلامٍ واحد, وقد ثبت عنه عليه الصلاة والسلام أنه أوتر بخمس بسلامٍ واحد ولا يجلس بينها.
89. كون الإنسان يحال إلى مشيئته ومحبته وإرادته يدل على أن هذا الأمر ليس بواجب.
90. أدنى الكمال في الوتر ثلاث وأكثره إحدى عشرة.
91. صلى النبي عليه الصلاة والسلام إحدى عشرة ركعة وثلاث عشرة ركعة, وأوتر بتسع يجلس في الثامنة ويتشهد ثم يقوم ويسلم بعد التاسعة, وأوتر بسبع بسلامٍ واحد, وأوتر بخمس, وأوتر بثلاث, وجاء النهي عن تشبيه الوتر بالثلاث بالمغرب, بل يسرد هذه الثلاث سرداً أو يفصل بينها بسلام.
92. لم يثبت من فعله عليه الصلاة والسلام أنه أوتر بواحدة, وثبت ذلك من فعل معاوية رضي الله عنه وصوبه ابن عباس, ودل عليه هذا الحديث إن صح رفعه, وإلا فقد رجح النسائي وقفه على أبي أيوب, ومن أهل العلم من يصححه مرفوعاً.
93. منهم من يقول إنه وإن لم يثبت رفعه فإن له حكم الرفع, لأن أعداد الصلوات توقيفية, لا يمكن أن يقولها الصحابي من تلقاء نفسه ومن اجتهاده, لأن الأعداد مردها إلى الشارع, وحينئذٍ يكون الوتر بواحدة مشروع.
94. حديث علي (ليس الوتر بحتمٍ كهيئة المكتوبة ولكن سنة سنها رسول الله صلى الله عليه وسلم): هذا من أدلة الجمهور على أن الوتر ليس بواجب, وإن كان الحديث فيه مقال, لأن فيه عاصم بن ضَمُرة, تكلم فيه غير واحد من أهل العلم, وحسنه الترمذي وصححه الحاكم, لكنه لا يسلم من مقال.
95. حديث جابر (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام في شهر رمضان ثم انتظروه من القابلة فلم يخرج وقال: إني خشيت أن يُكتب عليكم الوتر): الحديث ضعيف, لكن ثبت في الصحيح أن النبي عليه الصلاة والسلام صلى بهم في رمضان, صلى فاجتمع له الناس وصلوا بصلاته, ثم في الليلة الثانية اجتمع أكثر منهم, ثم انتظروه في الثالثة فلم يخرج إليهم, وقال (إني خشيت أن تُكتب عليكم) يعني صلاة الليل, لأنهم إذا كتبت عليهم قد يعجزون عنها, فترك الصلاة بهم في ليالي رمضان جماعةً لا نسخاً لها ولا عدولاً عنها وإنما خشية أن تفرض عليهم.
96. قد يقول قائل إن الصلاة فرضت خمساً في العدد وخمسين في الأجر في كتاب لا يُبدَّل, فكيف يخشى أن تفرض؟ من الأجوبة أن الخشية إنما هي من فرض الجماعة في التطوع بحيث لا يصح التطوع إلا جماعة, لا خشية أن هذه الصلاة تفرض عليهم فتزيد على الخمس المعروفة.
97. تركه عليه الصلاة والسلام للصلاة جماعة في رمضان لا عدولاً عنها ولا نسخاً لها, ولذا لما أمنت خشية الفرضية بوفاته عليه الصلاة والسلام جمعهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه على إمامٍ واحد, حيث خرج وهم يصلون أوزاعاً, كلٌّ يصلي لنفسه فجمعهم على إمام واحد, ثم خرج في ليلةٍ وكأنه أعجبه صنيعهم فقال كما في البخاري (نعمت البدعة هذه).
98. الشارح الصنعاني تكلم بكلام لا يليق بأمير المؤمنين عمر رضي الله عنه, ولا شك أن هذا من تأثير البيئة التي عاش فيها, وقال بعضهم إنه لم يسلم من شوب التشيع, وله أكثر من موضع يسيء فيه مثل هذه الإساءة, يقول (والبدعة مرفوضة ولو كانت من عمر وليس في البدع ما يمدح وكل بدعة ضلالة)!!!! لا شك أن كل بدعة ضلالة لكن هل مثل هذا الكلام يقال في حق الخليفة الراشد الذي أمرنا بالاقتداء به؟!!!! إذا قال مثل هذا في عمر في هذا العمل الذي سبقت شرعيته من فعل النبي عليه الصلاة والسلام فماذا يقول عن عثمان رضي الله عنه في أمره بالأذان الأول يوم الجمعة؟!!!! لا شك أن هذا سوء أدب مع الخليفة الراشد رضي الله عنه, ولا شك أن هذا من تأثير البيئة, فقد عاش
¥