الصنعاني - ومثله الشوكاني - في بيئةٍ يغلب عليها التشيع, وإلا فمثل هذا الكلام لا يصدر من عالمٍ يقدر الصحابة قدرهم, وحصل منه – الصنعاني - بعض الشيء مع معاوية رضي الله عنه وأرضاه, وكذلك مع عثمان حين أمر بالأذان الأول يوم الجمعة, وكذلك من الشوكاني حصل بعض الأشياء.
99. البدعة في الأصل ما عُمِلَ على غير مثال سابق, وفي الشرع ما أُحدِث في الدين مما لم يسبق له شرعية في الكتاب والسنة, وإذا لم تكن صلاة التراويح بدعة لا لغوية ولا شرعية, فما معنى قول عمر رضي الله عنه (نعمت البدعة هذه)؟
100. وشيخ الإسلام رحمه الله - ويقلده كثير من أهل العلم – يقول إنها بدعة لغوية, لكن البدعة في اللغة ما عُمِلَ على غير مثال سابق, وصلاة التراويح جماعةً في ليالي رمضان عُمِلَت على مثال سابق, حيث صلاها النبي عليه الصلاة والسلام ليلتين جماعة, فليست بدعة لغوية.
101. كونه تركها لعلة لا يعني أنه تركها رغبةً عنها ولا نسخاً لها, لأنها لو نسخت لم يجز لأحدٍ أن يعمل بمنسوخ, إلا من جهل أنه منسوخ.
102. ليست ببدعة شرعية, لأنها سبقت شرعيتها من سنة النبي عليه الصلاة والسلام.
103. ليس ذلك من قبيل المجاز, لأن المجاز لا يعرف في لغة العرب بالمعنى الذي يفسره به من يقول به وهو (استعمال اللفظ في غير ما وُضِعَ له).
104. الصواب أن تعبير عمر رضي الله عنه بذلك كان من باب المشاكلة والمجانسة في التعبير, لما خرج عليهم ورأى هذا المنظر الذي أعجبه وقد استند فيه إلى فعل النبي عليه الصلاة والسلام ولم يبتدع خشي أن يقال (ابتدعت يا عمر) أوكأنه قيل له (ابتدعت يا عمر) فقال (نعمت البدعة هذه) على سبيل المشاكلة والمجانسة في التعبير, وإلا فهي ليست ببدعة لا لغوية ولا شرعية وليس ذلك من قبيل المجاز.
105. باب المشاكلة والمجانسة معروف في علم البديع وله أمثلة كثيرة, منها قوله تعالى (وجزاء سيئة سيئة مثلها) , فإن الجناية سيئةٌ بلا شك ومعاقبة الجاني حسنة, لكن سميت معاقبة الجاني في الآية سيئة من باب المشاكلة والمجانسة في التعبير, ومنها البيت المشهور: قالوا اقترح شيئاً نُجِدْ لك طبخه قلت اطبخوا لي جُبَّةً وقميصا
106. صلاة الليل مشروعة جماعة ولها أصل حتى في غير رمضان, حيث صلاها النبي عليه الصلاة والسلام وصلاها معه ابن عباس جماعة, وصلاها معه ابن مسعود جماعة, وقيام رمضان مشروع وجاء الحث عليه بقوله عليه الصلاة والسلام (من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه) , وصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قيام رمضان جماعة, وكونه ترك فإنه لم يكن نسخاً ولا عدولاً عنها وإنما خشية أن تفرض, فتشريعها باقٍ مع أمن ما خشيه النبي عليه الصلاة والسلام من كونها تفرض.
107. استدل بقول عمر من يقسم البدع إلى بدع حسنة وبدع سيئة, بل قسم بعضهم البدع إلى خمسة أقسام تبعاً للأحكام التكليفية الخمسة, والنبي عليه الصلاة والسلام يقول (كل بدعة ضلالة) فكيف يكون من البدع ما يمدح؟!! وكيف يكون منها ما هو واجب وما هو مستحب؟!!.
ـ[أبوهاجر النجدي]ــــــــ[04 - 05 - 07, 01:16 ص]ـ
108. حديث خارجة بن حذافة (إن الله أمدكم بصلاة هي خير لكم من حمر النعم, قلنا: وما هي يا رسول الله؟ قال: الوتر ما بين صلاة العشاء إلى طلوع الفجر): خارجة بن حذافة العدوي ولي القضاء بمصر لعمرو بن العاص ولما اتفق الخوارج الثلاثة على قتل علي ومعاوية وعمرو بن العاص رضي الله عنهم, أناب عمرو بن العاص خارجة بالصلاة عنه, فقُتِل خارجة, وفي هذا يقول القائل والضمير يعود على المنية: وليتها إذ فدت عمراً بخارجةٍ فدت علياً بمن شاءت من البشرِ
109. قوله (إن الله أمدكم بصلاة هي خير لكم من حمر النعم): يعني زادكم على ما افترض عليكم.
110. الفرق بين الفعل الثلاثي (مد) والفعل الرباعي (أمد): (مد) يأتي في الشر كما في قوله تعالى (ونمد له من العذاب مداً) , و (أمد) يأتي في الخير كما هنا وكما في قوله تعالى (وأمددناكم بأموال وبنين).
111. حمر النعم هي الإبل الحمر التي هي أنفس أموال العرب.
112. الوتر من آكد الصلوات, ولذا كان النبي عليه الصلاة والسلام يحافظ عليه سفراً وحضراً.
113. قوله (ما بين صلاة العشاء إلى طلوع الفجر): هذا وقت الوتر, فلا يصح الوتر قبل صلاة العشاء, وإذا طلع الفجر انتهى وقته.
¥