وكثير من الناس يستعمل الألفاظ والتراكيب وينزلها على أحوال يقوم بها وهي لا تنطبق على ما يريده، وهذا ما أورث اللبس وخلط الحق بالباطل في هذه المصطلح وغيره من المصطلحات.
ومقاصد المعاصرين في هذا المصطلح خلطت الحق بالباطل، ويمكن إجمال الحوار على أنواع:
الأول: الحوار لأجل الدعوة وإيصال الحق للآخرين، والمجادلة والمحاججة فهذا أفضلها وهو مهمة خير الخلق، وهو الدعوة إلى الإسلام.
الثاني: الحوار لأجل الوحدة والائتلاف والتضامن ونبذ الفروق جميعها بين المسلمين وغيرهم فهذا لا شك بكونه من الحوار الذي يذيب الأمة ويزيل هويتها، ويغيب دينها، وهو من أخطر أنواع الحوار على المسلمين في الدين والدنيا.
الثالث: الحوار لأجل الوصول لاتفاق بين المسلمين وغيرهم في باب من أبواب المعاملات كالتجارة والطب والزراعة فهذا من النوع المباح ما لم يفوت مقصداً شرعياً.
الرابع: الحوار لأجل التقريب العقدي والعمل فيما يؤتلف عليه، وترك ما يختلف فيه، فهذا من الردة الصريحة، وهو التقارب الذي تقدم الكلام عليه.
رئيس التحرير:
• فضيلة الشيخ: لو عدنا إلى القرآن الكريم لوجدنا الله تعالى يوجه نبيه الكريم صلى الله عليه وسلم والمؤمنين برسالته إلى مجادلة غير المسلمين بالتي هي أحسن فمن ذلك: (ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن .. ) وقوله: ( .. وجادلهم بالتي هي أحسن .. ) كما جادل الرسول صلى الله عليه وسلم صناديد قريش في مكة واليهود ونصارى نجران وغيرهم .. فما المفهوم الصحيح لكل هذا في نظركم؟
الشيخ:
الدعوة إلى الله الأصل فيها أنها بالحكمة واللين، وجاء النص في الكتاب والسنة على ذلك عاماً لجميع الخلق، وجاء خاصاً في طائفة بعينها، وجاء في فرد بعينه، بحسب المصلحة، ولم يختص أحد من الطوائف بنوع خطاب دون غيره.
فالله تعالى قال عن الدعوة عموماً: {ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ} النحل125وهذا عام في جميع المدعوين، أهل كتاب ومشركين بل ومسلمين عصاة.
وفي المعاملة العامة للناس كافة قال تعالى: {وَقُولُوا لِلناسِ حُسْنًا} (البقرة: 83) {وَقُل لعِبَادِي يَقُولُوا التِي هِيَ أَحْسَنُ} (الإسراء: 53)
وقال عن معاملة النبي للمشركين كافة من اللين والرفق: {وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ} آل عمران159.
وقال عن أهل الكتاب: (ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن)
وقال عن فرعون لمكانته وسلطانه وجبروته وأثره في قومه: {فَقُولَا لَهُ قَوْلاً لَّيِّناً} طه44، وهذا عام في كل من كان مثل حاله وأثره مثل أثره.
بل جعل الله قسما من الزكاة للمؤلفة قلوبهم، يعطون منه، وهذا من أعظم التأليف أن تُعطي عدواً لك، ترجو إقباله وهدايته، فلا فرق بين كتابي ولا غيره في التأليف بل حتى المنافقين كان النبي يتألفهم.
وفي الجزاء بالمثل فالناس سواء لقوله تعالى: {وَجَزَاء سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ} الشورى40، {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُواْ بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بِهِ} النحل126.
ومَن خصه الله بنص، يشترك معه غيره فيه على وجه العموم، فهو دليل على مزية فيه، ينبغي أن تُراعى، ويُعتنى بها، كأهل الكتاب والرئاسة يخصون بمزيد لين ورفق عند المخاطبة، كما قد خصهم الله بالأجر مرتين بخلاف غيرهم عند دخولهم الإسلام، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ثلاثة يؤتون أجرهم مرتين: عبد أدى حق الله وحق مواليه فذاك يؤتى أجره مرتين ورجل كانت عنده جارية وضيئة فأدبها فأحسن أدبها ثم أعتقها ثم تزوجها يبتغي بذلك وجه الله فذلك يؤتى أجره مرتين ورجل آمن بالكتاب الأول ثم جاء الكتاب الآخر فآمن به فذلك يؤتى أجره مرتين.
وهذا لا يخرجهم عن دائرة الكفر، ووجوب دعوتهم وقد خاطبهم النبي صلى الله عليه وسلم فرغّب ورهّب، فقد قال صلى الله عليه وسلم لليهود: (يا معشر يهود أسلموا تسلموا).
¥