لا يوجد عمل إلا بهدف، وإلا لأصبح العامل مرفوعاً عنه القلم والخطاب، وبقدر الجهد الذي يبذله الإنسان يكون عظم هدفه الذي يؤمله، وهذه اللقاءات والمؤتمرات الكثيرة والأموال الطائلة التي تُنفق على أمثال هذه الدعوات الفاسدة المناقضة للإسلام وغاياته، لها هدف كبير ولا شك، وهذا يظهر في عباراتهم التي يطلقونها في الحين والآخر، فعباراتهم انطوت على أنواع الكفر والإلحاد وتجريد المسلمين من هويتهم، مزخرفة بعبارات السلام والصلح والتعايش بين البشر، وهي من أعظم ما لبس على العامة بل وبعض المثقفين المسلمين وهذا أمر يؤسف له.
هي حرب غير مرئية، حرب المصطلحات، وتمرير المخططات والمؤامرات من تحتها، رأوا فيها ساحة آمنة لإيصال الأهداف دون المواجهة الصريحة التي تفضح النوايا وتكشف الغايات.
ودعواتهم التي يطلقونها كـ" وحدة الأديان " و" تقارب الأديان " و" الملة الإبراهيمية " حتى بلغ بذلك المناداة بطبع " القرآن الكريم، والتوراة، والإنجيل " في كتاب واحد.
بل دعا " البابا " إلى إقامة صلاة مشتركة من المسلمين واليهود والنصارى في موضع واحد وذلك بقرية" أسِيس " في" إيطاليا " فأقيمت ممن لا خلاق له بتاريخ: 23/ 2/1407 هـ (27/ 10 / 1986 م).
بين الله في كتابه العظيم أن أهل الكتاب أهل تحريف لكلامه لفظاً ومعنى، ويسوغون ذلك لأنفسهم عن هوى، فإذا كان الأمر كذلك فخديعتهم للمسلمين وتحريفهم لمآربهم لا شك أنها دون ذلك بل ربما تدينوا بها، للوصول لما يريدون.
فكيف يُرجى الحق ويُطلب الإنصاف ويؤمن جانبُ مَنْ حرف كلام الله ولم يخفه؟ قال الله تعالى: {أفتطمعون أن يؤمنوا لكم وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله ثم يحرفونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون} الآيات
وقد بين الله أن قتالهم ومكرهم لغاية واحدة، بقوله تعالى: {وَلاَ يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّىَ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُواْ} (البقرة:217).
• {وَدُّواْ لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُواْ فَتَكُونُونَ سَوَاء} (النساء:89)
لهذا فهم لا يجردون دعواهم في التقارب عن حقهم في تبشيرهم بالنصرانية والدعوة إليها.
ولما كان الإسلام توسع وانتشر في المعمورة، ودان به ما لم يدن به غيره عدداً في وقت كوقته، وتوسعت رقعته في الفتوحات في زمن يسير، احتاجوا إلى وسائل لكفه وصده بوسائل شتى.
وخلاصة ما يريدونه من هذه الدعوة:
1 - محاصرة المد الإسلامي والتقليل من انتشاره.
2 - كف المسلمين عن عدائهم لليهود والنصارى وما يلحق ذلك العداء من تكفيرهم وشرعية جهادهم، وتشويه حكم الردة وإضعاف عقيدة الولاء والبراء.
وهذه حيلة العاجز المتحير أمام مد الإسلام وصلابة أهله.
3 - ومحاولة نزع الإسلام من كونه منهجاً للحياة كلها، وهذا ما امتاز به الإسلام عن غيره، فكان حاضراً لدى كل مسلم في كل حين في قيامه وقعوده وطعامه وحله وسفره ونومه ويقظته وبيعه وشرائه وعلاقته بغيره، فضلاً عن عباداته الموقوتة بين حين وآخر، وهذا ليس لشيء إلا للإسلام، حاضراً في قلب الإنسان ولسانه وعمله يذكر بعضه بعضاً.
ولهذا كان من ثمرة هذه الدعوة دعوتهم إلى تغيير مناهج التعليم ونزع ما فيها مما يثير الكراهية والحقد، كما يقولون.
ففي عام 1399 هـ (1979م) أسسوا "منظمة الإسلام والغرب"، تحت رعاية منظمة الثقافة والعلوم التابعة للأمم المتحدة "يونيسكو"، يعمل فيها خمسة وثلاثون عضواً منهم عشرة مسلمون، وكان من جملة دستورهم بل من أساساته علمنة التعليم، حيث جاء في دستورهم: "إن واضعي الكتب المدرسية لا ينبغي لهم أن يصدروا أحكامًا على القيم، سواء صراحة أو ضمنًا، كما لا يصح أن يقدموا الدين على أنه معيار أو هدف".
وجاء فيه: "أن الأديان يجب عرضها ليفهم منها الطالب ما تشترك فيه ديانة ما مع غيرها من الأديان، وليس الأهداف الأساسية لدين بعينه".
وقد لخص الفاتيكان مقصدهم من تقارب الأديان، والحوار مع الإسلام في كتابهم الذي نشروه بعنوان " دليل الحوار بين المسلمين والمسيحين" فقالوا:
1 - هناك موقفان لا بد منهما أثناء الحوار: أن نكون صرحاء، وأن نؤكد مسيحيتنا وفقاً لمطلب الكنيسة.
2 - سيفقد الحوار كل معناه إذا قام المسيحي بإخفاء أو بتقليل قيمة معتقداته التي تختلف مع القرآن.
¥