تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

لهذا كثُرت النصوص في بيان أنواع ومقادير الثواب والعقاب، فبالعاقبة ودرجتها تعرف مراتب العاملين، مع أن القرآن مليء ببيان وجوه الاختلاف بين أهل الملة الواحدة، فالمسلمون ليسوا على السواء: {لَا يَسْتَوِي مِنكُم مَّنْ أَنفَقَ مِن قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ} الحديد10، وأهل الكتاب ليسوا سواء في بعض الأبواب مع كونهم من جملة الكافرين: {لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُواْ وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَّوَدَّةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ قَالُوَاْ إِنَّا نَصَارَى} المائدة82.

ويختلفون في أفرادهم في الأمانة وأدائها: {وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِن تَأْمَنْهُ بِقِنطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُم مَّنْ إِن تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لاَّ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ} آل عمران75.

ومن أعظم الأحكام المترتبة على غير الموافقين المُبطلة في هذا المصطلح، ما يتعلق بولاء أهل الإيمان وعداء أهل الكفر، فالمؤمن وإن كان فاسقاً ظالماً، أحب وأقرب من الكافر العادل، والمؤمنون يتفاوتون في الحب والبغض، فقد يحب المؤمن ويبغض، يُحب لإيمانه ويكره ويبغض لما هو فيه من معاصٍ وذنوب.

والكفار يتفاوتون بحسب اعتقادهم ومودتهم لأهل الإيمان، ومنهم محاربون ومعاهدون وذميون.

ومن الأحكام المبطلة في هذا المصطلح: الجهاد، والهجر، وكثير من أبواب العقود كالتسوية في النكاح بين المسلمين وغيرهم.

ويلزم مع هذا الإبطال الخلط بين حقيقة الحق والباطل، والخطأ والصواب، إذا إنه لا ثمرة من معرفة ذلك، وفيه تعطيل لجميع النصوص في الكتاب والسنة المتعلقة بمعاملة المخالفين.

والشريعة مليئة بطلب تمحيص الحق وتحريه، والاجتهاد فيه، وهذا لازم لمعرفة الخطأ والباطل وأنواعه ووجوهه، وإلا لما سمي اجتهاداً، ثبت عنه صلى الله عليه وسلم قال: " إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران وإذا اجتهد فأخطأ فله أجر واحد" والاجتهاد تحري الصواب واستفراغ الوسع بطلبه، وتمييزه عن الخطأ، ومجانبة الخطأ مع التماس العذر للمجتهد فيما يسوغ فيه الاجتهاد.

وعند الحكم على الناس عامة يقال مسلمون وكفار، لا وجود لشيء آخر غير ذلك، حُكْم لا مناص منه، ولا حيدة عنه، لا فريق ثالث في الدنيا غير ذلك، قال تعالى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنكُمْ كَافِرٌ وَمِنكُم مُّؤْمِنٌ} (التغابن: آية2).

رئيس التحرير:

• فضيلة الشيخ: ما أثر الحوار مع الكفار أو التقارب معهم على عقيدة الولاء والبراء؟

الشيخ:

تقدم بيان معنى الحوار والتقارب والفرق بينهما وتجوز كثير من الكتاب في إطلاق هذه على الأخرى، فلم تحمل معناها اللغوي الحقيقي.

وأصل الأهداف وأُسّها التي يريد دعاة التقارب الوصول إليها هي إزالة ما يُسمى بـ"الكراهية" و"البغضاء" ونشر "الحب والوئام" وهذه الكلمات مجملة عامة، وحسنة في ظاهرها، ولكن في حقيقة أمرها أنه لا يمكن أن يتحقق لدى اليهودي والنصراني الحب المطلق للمسلم والولاء التام، وهذا ليس مقصوداً عندهم، وإنما المقصود العكس.

والأمر الثابت في الإسلام ضرورة أنه لا دين لمسلم دون حب وبغض حب لأهل الإيمان وكره لأهل الكفر لأنهم تعدوا على أعظم الحقوق فجعلوا لله نداً، وعبدوا غيره، وجعلوا له ولداً وزوجة، وهذا هو الظلم العظيم الذي قال الله عنه: {الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} لقمان13، وكثير من الناس في باب المحبة والكره ينظر إلى حقه الخالص ولا ينظر لحق الله وأصل عقيدة الإسلام، فحق المحبة للمؤمن وحق الكره للكافر ليس للذات مجرداً فيكره ويُحب لعرقه وأصله ولونه، وإنما ذلك لما يحمله من عدل وظلم.

قال تعالى: {وَلاَ تَنكِحُواْ الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلأَمَةٌ مُّؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلاَ تُنكِحُواْ الْمُشِرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُواْ وَلَعَبْدٌ مُّؤْمِنٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ} البقرة221 يعني في ظاهره وذاته، ثم ذكر سبب التفريق في ذلك {أُوْلَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللّهُ يَدْعُوَ إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ} البقرة221عقيدة الولاء والبراء التي يسعى المشركون وكثير من المنافقين على إزالتها لأنها سياج متين يحمي

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير