ذكره ابن حبان في الثقات () وقال الإمام أحمد معروف () وترجمه البخاري () وابن أبي حاتم () ولم يذكرا فيه جرحاً ولا تعديلاً.
فهو معروف العين مجهول الحال وقد روى عنه جمع من الثقات وهم ابنه محمد وابن أبي ذئب وعبد العزيز بن الماجشون ومثله يوثق إذا لم يأت بما لا ينكر عليه ولم أتتبع رواياته حتى أستطيع الحكم عليه.
وهو في هذا المرسل قد توبع من معمر فروايته عن الزهري صحيحة بهذه المتابعة ويبقى النظر في الإرسال.
وقد قال أبو داود: وقد أسند ولا يصح ().
والله أعلم.
7/ وأما مرسل مكحول: فتالف جداً.
آفته – سوى الإرسال- ليث بن أبي سليم ضعيف مضطرب الحديث ().
8/ وأما مرسل سليمان التيمي فسنده صحيح إليه.
لكن مراسيل سليمان التيمي من أوهى المراسيل
قال يحيى بن معين: مرسلات أبي إسحق يعني الهمداني عندي شبه لا شيء والأعمش والتيمي ويحيى بن أبي كثير يعني مثله. ()
ويغلب على ظني أنه أخذ هذا الحديث عن الزهري أو عن أحد الرواة عن الزهري.
قال الخليلي: لقي الزهري ولكنه يروي كثير حديثه عن قدماء أصحابه ().
فتبين مما سبق أن الحديث موضوع وأن طرقه كلها واهية.
فإن قال قائل: إن هذا الحديث قد تعددت طرقه ومخارجه ولا سيما أنه جاء مرسلاً من طريقين صحيحين إلى المرسِل فيعتضدان إضافة إلى باقي الطرق لا سيما وأن الحاكم والمناوي قد صححاه.
فالجواب: إن الحديث الذي يروى من طريق الضعفاء يشترط لتحسينه بهذه الطرق شرطان:
الشرط الأول: أن يكون ضعفه منجبراً بحيث لا يكون في سنده كذاب أو متروك أو متهم أو فاحش الغلط أو من لا يكتب حديثه.
الشرط الثاني: أن لا يكون متنه مخالفاً للشرع.
فإذا نظرنا في هذا الحديث وجدنا أن الشرطين غير متوفرين.
أما الشرط الأول: فقد بينت وهاء طرقه، وأنها إنما جاءت من طريق الكذابين والمتروكين،وشديدي الضعف والنكرات.
وأما المراسيل الثلاثة:
فأقواها مرسل الزهري، ومع ذلك فإنه واه لأن الزهري روى عن سليمان بن أرقم وهذا الحديث مشهور عن سليمان بن أرقم ذاك المتروك فيغلب على الظن أن الزهري تلقاه عن هذا المتروك، ولذلك لم يسنده الزهري والله أعلم.
وأما مرسل سليمان التيمي فواهٍ –أيضاً- لأن التيمي روى عن الزهري وأكثر روايته عن أصحاب الزهري عن الزهري ويغلب على ظني أنه أخذ هذا المرسل عن الزهري أو عمن روى عن الزهري. والله أعلم.
وأما مرسل مكحول فواهٍ جداً لأن في الطريق إليه ليث بن أبي سليم وهو ضعيف مضطرب الحديث فقد يكون تلقاه عن الزهري أو غيره فألصقه – وهماً وخطئاً – بمكحول الشامي. والله أعلم.
وكون الحاكم صححه فهذا مردود بأمرين:
الأمر الأول: أن الذهبي قد رد على الحاكم ذلك كما سبق بيانه.
الأمر الثاني: أن الحاكم متساهل جداً في التصحيح، وقد سبق بيان ذلك في الباب الأول؛ باب الغلو.
وتصحيحه لهذا الحديث من أكبر الأدلة على تساهله –رحمه الله-.
وأما تصحيح المناوي () فمن أوهامه -رحمه الله- فقد ضعفه في كتابه فيض القدير () والمناوي –أيضاً- مشهور بالتساهل خاصة في كتابه التيسير الذي هو تلخيص لفيض القدير.
وأما الشرط الثاني: فغير متحقق في هذا الحديث فهو مخالف للشرع، والذي جاء النص فيه بالنهي عن الطيرة والتشاؤم ولم أجد له مثالاً صحيحاً في الشرع.
والله أعلم.
فإن قال قائل: إن هذه الطرق المتكاثرة ترفع الحديث من درجة الوضع إلى الضعف لا سيما أن جمعاً من العلماء حكموا بضعفه فقط كالبيهقي () والألباني ().
فالجواب: أني قد بينت سابقاً أن مدار هذا الحديث على الكذابين، والمتروكين، وشديدي الضعف، والنكرات؛ فلا تصلح هذه الطرق لرفع الحديث إلى درجة الضعف.
وكون الإمامين البيهقي والألباني وغيرهما ضعفوه ولم يحكموا عليه بالوضع مردود بثلاثة أمور:
الأمر الأول: أن العبرة بالأدلة التي يستدل بها من يحكم على الحديث بالصحة أو الضعف أو الوضع، وليست العبرة بقول فلان من العلماء الذي هو عرضة للخطأ والصواب، وما أبرئ نفسي فقد أكون أنا المخطئ في حكمي، ولكن هذا ما تبين لي. والله أعلم.
الأمر الثاني: أن من العلماء من حكم عليه بالوضع وهما الإمامان ابن الجوزي والذهبي كما سبق بيانه.
الأمر الثالث: أن هناك من العلماء من تعمد مخالفة هذا الحديث لوهائه وبطلانه عنده.
¥