تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وبعدالمداولة أقرت ما يلي: الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبهأما بعد: فإن مجمع الفقه الإسلامي في دورته الأولى المنعقدة في 10 شعبان 1398هبمكة المكرمة بمقر رابطة العالم الإسلامي قد نظر في موضوع التأمين بأنواعهالمختلفة، بعد ما اطلع على كثير مما كتبه العلماء في ذلك، وبعد ما اطلع أيضاً علىما قرره مجلس هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية في دورته العاشرةبمدينة الرياض بتاريخ 4/ 4/ 1397هـ بقراره رقم (55) من التحريم للتأمين التجاريبأنواعه. وبعد الدراسة الوافية وتداول الرأي في ذلك قرر مجلس المجمع الفقهيبالإجماع عدا فضيلة الشيخ/ مصطفى الزرقاء تحريم التأمين التجاري بجميع أنواعه سواءكان على النفس، أو البضائع التجارية، أو غير ذلك للأدلة الآتية: الأول: عقدالتأمين التجاري من عقود المعاوضات المالية الاحتمالية المشتملة على الغرر الفاحش، لأن المستأمن لا يستطيع أن يعرف وقت العقد مقدار ما يعطي، أو يأخذ، فقد يدفع قسطاً، أو قسطين، ثم تقع الكارثة فيستحق ما التزم به المؤمِن، وقد لا تقع الكارثة أصلاً، فيدفع جميع الأقساط، ولا يأخذ شيئاً، وكذلك المؤمِن لا يستطيع أن يحدد ما يعطيويأخذ بالنسبة لكل عقد بمفرده، وقد ورد في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليهوسلم النهي عن بيع الغرر. الثاني: عقد التأمين التجاري ضرب من ضروب المقامرةلما فيه من المخاطرة في معاوضات مالية، ومن الغرم بلا جناية أو تسبب فيها، ومنالغنم بلا مقابل، أو مقابل غير مكافئ، فإن المستأمن قد يدفع قسطاً من التأمين، ثميقع الحادث، فيغرم المؤمن كل مبلغ التأمين، وقد لا يقع الخطر، ومع ذلك يغنم المؤمنأقساط التأمين بلا مقابل، وإذا استحكمت فيه الجهالة كان قماراً، ودخل في عموم النهيعن الميسر في قوله تعالى: (يآ أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصابوالأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون) الآية والتي بعدها. الثالث: عقد التأمين التجاري يشتمل على ربا الفضل والنسأ، فإن الشركة إذا دفعتللمستأمن، أو لورثته، أو للمستفيد أكثر مما دفعه من النقود لها، فهو ربا فضل، والمؤمن يدفع ذلك للمستأمن بعد مدة، فيكون ربا نسأ، وإذا دفعت الشركة للمستأمن مثلما دفعه لها يكون ربا نسأ فقط، وكلاهما محرم بالنص والإجماع. الرابع: عقدالتأمين التجاري من الرهان المحرم، لأن كلا منهما فيه جهالة وغرر ومقامرة، ولم يبحالشرع من الرهان إلا ما فيه نصرة للإسلام، وظهور لأعلامه بالحجة والسنان، وقد حصرالنبي صلى الله عليه وسلم رخصة الرهان بعوض في ثلاثة بقوله صلى الله عليه وسلم: "لاسبق إلا في خف أو حافر أو نصل" وليس التأمين من ذلك، ولا شبيهاً به فكان محرماً. الخامس: عقد التأمين التجاري فيه أخذ مال الغير بلا مقابل، وأخذ المال بلامقابل في عقود المعاوضات التجارية محرم، لدخوله في عموم النهي في قوله تعالى: (ياأيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراضمنكم).السادس: في عقد التأمين التجاري الإلزام بما لا يلزم شرعاً، فإن المؤمنلم يحدث الخطر منه، ولم يتسبب في حدوثه، وإنما كان منه مجرد التعاقد مع المستأمنعلى ضمان الخطر على تقدير وقوعه مقابل مبلغ يدفعه المستأمن له، والمؤمن لم يبذلعملاً للمستأمن فكان حراماً. وأما ما استدل به المبيحون للتأمين التجاري مطلقاً، أو في بعض أنواعه فالجواب عنه ما يلي:

1/ الاستدلال بالاستصلاح غير صحيح، فإنالمصالح في الشريعة الإسلامية ثلاثة أقسام: قسم شهد الشرع باعتباره فهو حجة. وقسم سكت عنه الشرع فلم يشهد له بإلغاء ولا اعتبار فهو مصلحة مرسلة، وهذا محلاجتهاد المجتهدين. والقسم الثالث ما شهد الشرع بإلغائه. وعقود التأمينالتجاري فيها جهالة وغرر وقمار وربا، فكانت مما شهدت الشريعة بإلغائه لغلبة جانبالمفسدة فيه على جانب المصلحة.

2/ الإباحة الأصلية لا تصلح دليلاً هنا، لأنعقود التأمين التجاري قامت الأدلة على مناقضتها لأدلة الكتاب والسنة. والعملبالإباحة الأصلية مشروط بعدم الناقل عنها، وقد وجد فبطل الاستدلال بها.

3/ "الضرورات تبيح المحظورات" لا يصح الاستدلال به هنا، فإن ما أباحه الله من طرق كسبالطيبات أكثر أضعافاً مضاعفة مما حرمه عليهم، فليس هناك ضرورة معتبرة شرعاً تلجئإلى ما حرمته الشريعة من التأمين.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير