ويكون الشكر بالقلب واللسان والجوارح كما قال القديم:
أفادتكم النعماءُ مني ثلاثةً ** يدي ولساني والضميرَ المحجبا
ومعنى أجذم وأقطع: أي لا بركة فيه، فهو ناقص ومقطوع عن ذلك.
(والرسول) لغةً: المبعوث بالرسالة.
قال تعالى: " وقال الملك ائتوني به فلما جاءه الرسول قال ارجع إلى ربك فاسأله ما بال النسوة اللاتي قطعن أيديهن " (سورة يوسف: 50).
وفي الصحيحين عن عباد بن تميم أن أبا بشير الأنصاري أخبره أنه كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره قال فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم رسولاً.
قال عبد الله بن أبي بكر: حسبت أنه قال والناس في مبيتهم لا يبقين في رقبة بعير قلادة من وتر أو قلادة إلا قطعت.
وفي الاصطلاح الشرعي: كل إنسان ذكر حر أوحي إليه بشرع جديد وأمر بتبليغه.
ويطلق على كل رسول نبي غير أن النبي لا يكلف بتبليغ رسالة جديدة بل يبلغ رسالة من سبقه.
فبينهما عموم وخصوص.
(والهدى) لغةً الرشاد والدلالة يذكر ويؤنث يقال هَدَاهُ الله للدين يهدِيهِ هُدًى وقوله تعالى: " أولم يَهْدِ لهم ".
قال أبو عمرو بن العلاء: معناه أولم يبين لهم و هَدَيْتُهُ الطريق والبيت هِدَايَةً عرَّفته (كذا في مختار الصحاح للرازي ص 288).
والهداية هدايتان:
الأولى: هداية إرشاد ودلالة وتسمى بالهداية العامة وهذه يقدر عليها الرسل وغيرهم من أتباعهم.
ففي حق الرسول قال تعالى: (وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم) [الشورى:52].
وفي حق أتباعهم ما أخرجه الشيخان أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: " لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خيرٌ لك مِنْ حُمْرِ النِّعَم ".
وقد ترد في غير الرسل وأتباعهم ومن ذلك ما قاله الله تعالى في حق القرآن: (إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم) [الإسراء:9].
الثانية: هدية توفيق وإلهام وتسمى بالهداية الخاصة وهذا لا يقدر عليه إلا الله وفي هذا النوع يقول الله تعالى: (إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء) [القصص:56].
بمعنى مَنْ يُرِِدْ اللهُ هدايتهُ أزلاً فلا بد وأن يكون من المهتدين.
وبالمقابل: من يرد إضلاله فلا ينفعه إرشاد الرسل ولا أتباعهم، وإن حسنت أساليبهم وتعددت مشاربهم الفصحى لكونه مفروغاً منه أزلاً كما قال تعالى: (من يشأ الله يضلله، ومن يشأ يجعله على صراط مستقيم) [الأنعام: 39].
فقد طَمِعَ رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام في إيمان عمه أبي طالب، ولكن دون جدوى.
وطمع نبي الله نوح عليه الصلاة والسلام في إيمان ولده ولكن دون جدوى حتى قال الله له: (إنه ليس من أهلك) [هود: 46].
وطمع كثير من الصحابة في إيمان بعض أباءهم وأقاربهم ولكن دون جدوى.
لماذا؟
لأن الله لم يكتب لهم طريق الهداية الخاصة في الأزل.
فالهدى في لسان الشرع: سبيل الله المستقيم الذي جاء به نبينا عليه الصلاة والسلام سواء كان من المغيبات التي أخبر عنها أو كان من غيرها.
(والدين) يرد على معان عدة:
قال الرازي في مختار الصحاح ص91: و الدِّينُ أيضاً الجزاء والمكافأة.
يقال دَانَ ُ يدينه دِيناً أي جازاه.
ويقال كما تُدِينُ تُدَانُ أي كما تُجازي تُجازى بفعلك وبحسب ما عملت وقوله تعالى: " إنا لمدينون " أي لمجزيون محاسبون.
ومنه الدَّيَّانُ في صفة الله تعالى و المَدِينُ العبد و المَدِينةُ الأمة كأنهما أذلهما العمل و دَانَهُ ملكه.
وقيل منه سمي المصر مَدِينةً.
و الدِّينُ أيضاً الطاعة تقول: دَانَ له يدين دِيناً أي أطاعه ومنه الدِّينُ والجمع الأَدْيَانُ.
ويقال دَانَ بكذا دِيَانَةً فهو دَيِّنٌ و تَدَيَّنَ به فهو مُتَدَيِّنٌ و دَيَّنَهُ تَدْيِيناً وكله إلى دينه. أ.هـ
قلت: لكن لا يصح أن من أسماء الباري أو صفاته الديان وأما حديث: " البر لا يبلى، والإثم لا ينسى، والديان لا ينام، فكن كما شئت كما تدين تدان ".
فحديث ضعيف أخرجه البيهقي في الزهد الكبير وابن أبي عاصم في الزهد أيضاً وابن عدي في الكامل كلهم من حديث ابن عمر.
والدين في لسان الشرع: مجموعة الأحكام الدينية التي جاء بها نبينا عليه الصلاة والسلام من ربه.
وقوله: (ودين الحق) إضافة تشريف من باب إضافة الموصوف إلى صفته.
¥