وقوله (ليظهره على الدين كله) بمعنى التعليل من إرسال الرسول بهذا الدين الحق.
أي حتى يظهر دينه على كافة الشرائع المحرفة والأديان المختلفة وكي يكون الرسول الخاتم لكافة من سبق من الرسل.
قال تعالى: " هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله وكفى بالله شهيدا " (سورة الفتح: 28).
وقوله (وكفى بالله شهيدا) بمعنى كفى بالله مخبراً بصدق الرسالة المحمدية وكفى به مطلعاً على سرائر الخلق ووقائعهم.
وقوله: (وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، إقراراً به، وتوحيدا).
وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً مزيداً.
الشهادة: أن نشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له و أن محمداً عبده ورسوله.
وهي مفتاح الدخول في الإسلام لما أخرجه الإمام مسلم في صحيحه من حديث عمر أن جبريل سأل النبي عليه الصلاة والسلام فقال: يا محمد أخبرني عن الإسلام؟
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا ".
قال صدقت.
ومعنى أشهد أن لا إله إلا الله: أي لا معبود بحق إلا الله وإن عبد غيره فبباطل.
ومعنى وأشهد أن محمداً رسول الله: أي لا متبوع بحق إلا سول الله صلى الله عليه وسلم.
قال تعالى: " الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم فالذين آمنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه أولئك هم المفلحون ". (سورة الأعراف: 157).
والشهادة الإخبار بالشئ والإقرار به.
ومعنى لا شريك له: لا مشارك له في عبادته سبحانه.
وقوله: (إقراراً به وتوحيداً) أي نقر بذلك ونعتقده ونفرده جلا وعلا في وحدانيته فهو الواحد الأحد، ونعتقد أنه الرب المألوه الذي له الأسماء الحسنى والصفات النعوت.
وقد أردف الحمد بالصلاة على الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم، وذلك لكونه الواسطة بين العبد والرب في التشريع السماوي، فكان ذكره تعظيماً وتشريفاً، وفي حديث أبي هريرة مرفوعاً " كل أمرٍ ذي بال لا يبدأ فيه بحمد الله والصلاة عليَ فهو أقطع " أخرجه الرهاوي والحديث ضعيف.
والصلاة لغةً: الدعاء وهي هنا بمعنى التشريف والتكريم: أي يا ربنا كما أمرتنا أن نصلي عليه فإنا نرجوا ذلك منك لكون صلاتك أشرف لنبينا صلى الله عليه وسلم من صلاتنا.
والرسول لغةً: من أرسل برسالة، وهو هنا بمعنى المبعوث لإتمام رسالة الإسلام السماوية والدعوة إلى العمل بها، وقد سبق تعريفه في اللغة ولسان الشرع.
ومحمد: علم للرسول صلى الله عليه وسلم سمي بذلك لكثرة محامده التي اتصف بها، وليس من السنة التسمي باسمه، وأما حديث " وعزتي وجلالي لا أعذب أحداً تسمى باسمك بالنار " وفي رواية: " إني آليت على نفسي أن لا يدخل النار من اسمه أحمد أو محمد " فلا يصح من ذلك شيء في باب التسمية بأحمد ومحمد، ولا بأس تبركاً بذلك.
والآل: الأقارب من ذرية النبي صلى الله عليه وسلم ممن آمنوا به، ويدخل في ذلك ضمناً الأزواج وكل من كان على ما كانوا عليه من الإيمان والصلاح، وفي المسألة خلاف، وهذا أرجح ما يقال، جمعاً بين الأدلة.
وأردف الناظم السلام بعد الصلاة امتثالاً لقوله تعالى (صلوا عليه وسلموا سليما)، وقد ورد ذكره في التشهد كما دلت على ذلك الأخبار الصحيحة، ومعناه: الأمان وطلب السلامة من النار. والسلام من أسمائه تعالى، فإن جاء في سياق المسميات الإخبارية فهو اسم من أسمائه تعالى، وإن جاء في السياق الإنشائي فهو بمعنى السلامة والأمان وقيل طلب الحفظ والراية، والأول أقيس.
وقد ذُكِرَ نبينا عليه الصلاة والسلام في سياق المصنف بصفة العبودية وهي في حقه تشريف وتكريم ومن ذلك قوله تعالى: " سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير " (سورة الإسراء: 1).
¥