وإن لم يذكره حتى ركع سقط وجهاً واحداً لفوات محله.
المسبوق إذا أدرك الإمام بعد تكبيره:
قال ابن قدامة: قال ابن عقيل: يكبر؛ لأنه أدرك محله، ويحتمل أن لا يكبر، لأنه مأمور بالإنصات إلى قراءة الإمام، ويحتمل أنه إن كان يسمع قراءة الإمام أنصت وإن كان بعيداً كبر. اهـ.
قلت: والإنصات أولى؛ لأنه مأمور به حال قراءة الإمام، بخلاف التكبير فهو سنة بالاتفاق، كما أنه – أي التكبير – سنة فات محلها، والله أعلم.
متى يقول دعاء الاستفتاح؟
يدعو بدعاء الاستفتاح عقيب التكبيرة الأولى، ثم يكبر تكبيرات العيد، ثم يتعوذ، ثم يقرأ، وهذا مذهب الشافعي ورواية عن أحمد واختاره ابن قدامة.
والرواية الأخرى عن أحمد أن الاستفتاح بعد التكبيرات، لأن الاستفتاح تليه الاستعاذة وهي قبل القراءة.
قال ابن قدامة: ولنا أن الاستفتاح شرع ليستفتح به الصلاة، فكان في أولها كسائر الصلوات، والاستعاذة شرعت للقراءة، فهي تابعة لها، فتكون عند الابتداء بها ... ثم قال: وأياما فعل كان جائزاً ([55]).
خطبة العيدين والسنة فيها: حكمها:
الخطبة بعد صلاة العيد سنة، والاستماع إليها كذلك لحديث عبد الله بن السائب قال: شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم العيد فلما قضى الصلاة قال: (إنا نخطب، فمن أحب أن يجلس للخطبة فليجلس، ومن أحب أن يذهب فليذهب) ([56])، ولكن الاستماع لها أفضل.
قال الشافعي: لو ترك الاستماع كرهته ([57]).
وقتها:
لا خلاف بين المسلمين أن السنة في خطبة العيد أن تكون بعد الصلاة، وأن ما أحدثه بنو أمية من جعلها قبل الصلاة بدعة محدثة مخالفة لسنته صلى الله عليه وسلم، وقد أنكر عليهم فعلهم، ودليل ذلك ما أخرجه الشيخان عن ابن عمر، قال: إن النبي صلى الله عليه وسلم، وأبا بكر، وعمر، وعثمان، كانوا يُصلون العيدين قبل الخطبة.
فلو خطب قبل الصلاة فهو مسيء، وفي الاعتداء بالخطبة قولان: أصحهما أنه لا يعتد بها لقوله عليه الصلاة والسلام: ((صلوا كما رأيتموني أصلي))، وقياساً على السنة الراتبة بعد الفريضة إذ قدمها عليها، قاله النووي في المجموع ([58]).
صفتها:
يستحب افتتاح الخطبة بحمد الله تعالى، ولم يحفظ عنه صلى الله عليه وسلم غير هذا.
قال ابن القيم: كان صلى الله عليه وسلم يفتتح خطبه كلها بالحمد، ولم يحفظ عنه في حديث واحد صلى الله عليه وسلم: (أنه كان يكبر بين أضعاف الخطبة، ويكثر التكبير في خطبة العيد) ([59]). وإن كان في فطر حث على صدقة الفطر، وبين بعض أحكامها، وإن كان في أضحى حث على سنة الأضحية وبين السن المجزئة فيها.
تكرار الخطبة:
واختلف في تكرار الخطبة، فأكثر أهل العلم أن الإمام يخطب للعيد خطبتين، يجلس بينهما قياساً على خطبتي الجمعة، ولحديث جابر قال: (خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم فطر أو أضحى فخطب قائماً، ثم قعد قعدة، ثم قام) ([60]).
والقول الآخر: أنه يخطب للعيد خطبة واحدة لا يجلس أثناءها، وقياس خطبة العيد على خطبة الجمعة قياس مع الفارق؛ لأن الأولى سنة، والثانية واجبة، كما أن خطبة الجمعة تكون قبل الصلاة وتلك بعدها، وأما السنة، فلم يثبت من طريق صحيح يحتج به أن للعيد خطبتين يفصل بينهما الإمام بجلوس، ونقل صاحب فقه السنة عن النووي قوله: لم يثبت في تكرير الخطبة شيء ([61]).
حكم اتخاذ المنبر لها:
قال البخاري: باب الخروج إلى المصلى بغير منبر، وذكر حديث أبي سعيد قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرج يوم الفطر والأضحى إلى المصلى فأول شيء يبدأ به الصلاة، ثم ينصرف فيقوم مقابل الناس، والناس جلوس على صفوفهم ... قال أبو سعيد: فلم يزل الناس على ذلك حتى خرجت مع مروان – وهو أمير المدينة – في أضحى أو فطر، فلما أتينا المصلى إذا منبر بناه كثير بن الصلت، فإذا مروان يريد أن يرتقيه قبل أن يصلي، فجذبت بثوبه فجبذني، فارتفع فخطب قبل الصلاة، فقلت له: غيرتم والله ([62]).
وفي رواية: (فقام رجال فقال: يا مروان، خالفت السنة، أخرجت المنبر في يوم عيد، ولم يكن يخرج فيه، وبدأت بالخطبة قبل الصلاة، فقال أبو سعيد: أما هذا فقد أدى ما عليه) ([63]).
¥