الذي أعلمه ـ وهذا ما أفادنا به دكتورـ ثقة ـ في الرياضيات خلال محاضرة (بعد دراسته المعمقة لهذه المسألة): إنّ هذه النتائج الفلكية قائمة على حسابات رياضية ثابتة علمية يقينية، فعلم الفلك أصبح من العلوم الدقيقة، فعلى سبيل المثال فإن حساب غروب الشمس مثلا، يحدد بالدقيقة والثانية والجزء بالمئة وذلك لعشرات السنين المقبلة، ولم يثبت خطأه.
صفحة 38:
قولكم: { ... إنّ الاستدلال بحديث ابن عمر 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - يقدح فيه وجود احتمال متمثل في أن يكون قد شهد عند النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - رجل مثل شهادة ابن عمر 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ -، فكمل نصاب الشهادة، فيكون ما نقله ابن عمر 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - إنما هو حقيقته حكاية فعل النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وليس نصا في قبول شهادته بمفردها ... }.
التعليق:
الذي يظهر أن هذا تأويل بعيد، إذ لا توجد أي قرينة تدل على أن هناك من شهد عند رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قبل شهادة ابن عمر 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ -.
ـ فنص حديث ابن عمر 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ -: {تراءى الناس الهلال، فأخبرت رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أنّي رأيته، فصام وأمر الناس بالصيام} اهـ، وبالتالي فإنه يستنتج ما يلي:
أ) ـ يفهم من فحوى كلام ابن عمر 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - كأنه أراد أن يقول: تراءى الناس الهلال، فأخبرت رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أني رأيته "، فصام وأمر الناس بالصيام " لشهادتي "، وهذا من باب أولى أن يفهم منه أن معناه: تراءى الناس الهلال، فأخبرت رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " أني رأيته " فصام وأمر الناس بالصيام " لشهادتي ولوجود شاهد غيري ".
ب) ـ لو شهد شاهد قبل ابن عمر 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - لكان هو أعلم بذلك منا ـ إذ الراوي أدرى بما يروي ـ ولما وسعه أن لا يذكر ذلك، حتى لا يوقع السامع بأنه يجوز الاستدلال بشهادة الواحد في رؤية الهلال ـ لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة ـ
وبالتالي فالأصل أن يحمل سياق الحديث وظاهره على أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - صام لشهادة ابن عمر 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - وأمر الناس بذلك، لعدم وجود أي قرينة معتبرة تصرف فهم الحديث على غير سياقه ومنطوقه ومدلوله الظاهر.
صفحة 41:
قولكم {وهذا مما لا يسع القول بظاهره ـ حديث ابن عمر 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - ـ،لأنه ليس نصّا في ثبوت الرؤية المنفردة، بل هو حكاية فعل معارضة بنص وعمل الصحابة، وعلى التسليم بظاهرية النص فمصروف عن معناه المتبادر للاحتمال القوّي الوارد عليه}.
التعليق:
أ) ـ الظاهر والله أعلم بأن حديث ابن عمر نص صريح في قبول شهادة الواحد في رؤية الهلال، ولا يوجد أي مبرر يصرفه عن ظاهره، بل حديث عبد الرحمان بن زيد هو الذي عارض حديث ابن عمر 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - لقوة مدلول حديث ابن عمر 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - على حديث عبد الرحمان بن زيد، ولأن منطوق حديث ابن عمر 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - أقوى من مفهوم حديث عبدالرحمان بن زيد ـ كما نقلتموه عن الشوكاني، وكما هو مقرر.
ب) ـ كما أن حديث ابن عمر 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - ليس مجرد حكاية فعل النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، بل سياق كلام ابن عمر 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - يأبى ذلك، إضافة إلى أن السامع يفهم منه بأن ابن عمر 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - أراد أن يقول أن الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - صام بشاهدته ـ إذ الكلمات جعلت قوالب للمعاني ـ، وإلا اعتبرت حكاية لفعل النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مجرد كلام لا طائل منه.
صفحة 41:
قولكم: {بل الجمع متحقق، وهو أولى من الترجيح ـ أي العمل بحديث عبد الرحمان بن زيد وحمل شهادة ابن عمر 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - على أنها شهادة مكملة لشاهدة من قبله ـ}.
التعليق:
ألم يكن من الأولى العمل بالنصيين معا، أي قبول شهادة الواحد والشاهدين، فهذا الجمع يظهر والله أعلم أولى من " الجمع " الذي تطرقتم إليه ـ تأويل حديث ابن عمر 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - حمل شهادته على أنها مكملة لشهادة سابقة ـ وذلك للاعتبارات التالية:
ـ أ) ـ عدم وجود نصوص صريحة في عدم قبول شهادة الواحد ولقوة دلالة حديث ابن عمر 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ -.
ـ ب) ـ الجمع الذي تفضلتم به، فيه اسقاط ضمني لمدلول نص ابن عمر 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - ـ قبول شهادة الواحد ـ، والعمل بالنصيين أولى من تأويل أحدهما.
والله أعلم بالصواب.
[ RIGHT] - إضافة لم تكن في أصل الموضوع المُرسل.
ـ[أبو جابر الجزائري]ــــــــ[20 - 07 - 08, 12:38 م]ـ
يتبع إن شاء الله بالموضوع الثالث:
3 تعليقات على كتاب الإرشاد لمسائل الأصول والاجتهاد لفضيلية الشيخ علي فركوس {علاّمة الجزائر}.
¥