تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[المسيطير]ــــــــ[19 - 07 - 08, 07:55 ص]ـ

كان أحد هؤلاء قد اجتمع حوله طائفة من السذج يعظمونه ويذكرون من حفظه التهاويل، فحدثني رجل من خاصته في أيام الطلب، حدثني عن وصية أوصاه بها هذا الشخص منذ أن كان طالباً في السنة الأولى في الكلية؛ فالأستاذ حينما يأتي ويذكر لهم مثلاً حينما يدرسهم هذا الأستاذ متن الشاطبية في القراءات السبع، ماذا يصنع هذا الطالب؟ هم في أول الشاطبية، يقول: أين البيت الذي يدل على كذا وكذا في أول الدرس، يقول هذا الطالب أنا أخبرك عنه، ثم يذكر بيتاً من آخر الشاطبية قد حفظه، ثم يقول: لا ويضرب على رأسه، ثم يأتي بالبيت المطلوب من أولها، فماذا يتوهم الحضور؟ يتوهم الحضور والشيخ أنه فريد عصره ووحيد دهره، وأنه الذي لا يحتاج إلى الشيوخ ولا يحتاج إلى التعليم، قد حفظ وقد عرف شرحها، فكان يوصي صاحبه أن يفعل هذا الفعل.

ويخبر هذا الشخص عن نفسه من باب الوصية لهذا الإنسان ليفعل فعله في الدجل، يقول: نجتمع مع بعض طلبة العلم ثم اقترح قصيدة نتسابق في حفظها يقول: وكنت قد حفظتها قبل ذلك بقدر خمسين بيتاً أو نحو ذلك، يقول: ثم اجلس دقيقتين أو ثلاث دقائق أقرأها قراءة سريعة ثم أقول: حفظتها ثم بعد ذلك يحلفون الأيمان المغلظة تحدياً لهذا الشخص أنه لا يمكن أن يكون قد حفظها، يقول: ثم أكرها وهو قد حفظها قبل ذلك.

فأقول:

من الناس من يفعل ذلك وهذا يجد لا شك جماعة من البسطاء والسذج فينقلون عنه.

ولذلك أقول في مثل هذه الأجواء لا ينبغي لطالب العلم وإن حفظ بعض الأسانيد أن يذكر لهم خبراً بالإسناد؛ لأن النتيجة ستكون أنه سيوصَف بحفظ الكتب الستة مع رجال كل إسناد؛ لأنه مرة واحدة سئل عن حديث فذكره بالإسناد فصار يحفظ، أو استشهد ببيت من ألفية العراقي أو من الشاطبية أو من غيرها فصار عند هؤلاء يحفظ جميع هذه.

فأقول:

هذا الذي يشاع أحياناً حول هؤلاء الأشخاص أو المشاريع الكبيرة أو الأمور الحوادث الضخمة الكبيرة ما يشاع حولها أقول: ينبغي أن نتحرى في سماعه.

هذا الأمير الأفضل الأرمني المتوفى سنة خمسة عشر وخمسمائة، ذكر في ترجمته أنه خلف:

- ستمائة ألف دينار.

- وخمسين ومائتين أردباً من الدراهم.

- وخمسين ألف ثوب ديباج.

- وعشرين ألف ثوب حرير.

- وثلاثين ألف راحلة.

- وعشرة مجالس في المجلس مضروب عشرة مسامير من الذهب على كل مسمار منديل مشدود فيه لفة من الثياب.

- وخلف أيضاً خمس مائة صندوق فيها كسوة ومتاع، يفوق الوصف.

ولا شك أن المبالغة ظاهرة وواضحة فيه.

ـ[المسيطير]ــــــــ[19 - 07 - 08, 08:02 ص]ـ

أتذكرُ أني سافرت إلى بعض البلاد الإسلامية، فسألت عن بعض طلبة العلم وعن الشيوخ، وعن دروسهم، وعن جهودهم في ذلك؟ فقال بعض المحبين لبعض هؤلاء الشيوخ:

" ألقى فلان محاضرة بالأمس حضرها خمسة آلاف من الشباب في بلد صغيرة جداً، والدعوة فيها في بدايتها "، قال: حضر خمسة آلاف في قاعة كبيرة اسمها: كذا وكذا.

وفي اليوم التالي تماماً سألتهم عن بعض الأماكن والمرافق التي تصلح للدعوة وتستغل للدعوة، فذكروا هذه القاعة -هم أنفسهم- فقلت: كم تحتمل هذه القاعة من الأشخاص؟.

فقالوا: قريباً خمسمائة وألفين.

فقلت في نفسي: عجباً بالأمس كان يحضر فيها خمسة آلاف حينما يذكرون هذا العالم الذي يحبونه، واليوم صارت هذه القاعة تحتمل النصف فقط.

سألت عن بعض العلماء في ناحية من النواحي في الصحراء فذُكر أن عنده من طلبة العلم قريباً من الألف، فذهبت إليه، فلما حضرت حزرت الموجودين بثلاثين شاباً، لعل هؤلاء بعض من حضر، ثم نظرت في الوقت الذي يجتمعون فيه جميعاً في صلاة الظهر فحزرتهم مع المبالغة بسبعين، فقلت في نفسي: هؤلاء لم يبلغوا المائة، فأين الألف؟!.

فأقول:

هذا كله من المبالغات التي تنسج حول بعض الناس، وذلك في الواقع ليس من قبيل المدح لهم، بل هو من قبيل الضرر.

وكم سمعنا عن محاضرة يحضرها عشرة آلاف أو نحو ذلك، أو الدرس الفلاني يحضره عشرة آلاف فحضرت مرة درساً من هذه الدروس التي قيل: إن الحضور في أقل التقديرات عشرة آلاف فحزرتهم ثم بالغت في تقديرهم فإذا هم لا يتجاوزن ربع هذا العدد فلا أدري لماذا هؤلاء ينسجون هذه الأمور، ويسيئون إلى من يخبرون عنهم.

ـ[المسيطير]ــــــــ[19 - 07 - 08, 08:06 ص]ـ

هذا ابن خياط رجل له ترجمة في سير أعلام النبلاء، ذكر عنه أنه لقن في بغداد من العميان، لقن سبعين ألف أعمى، العجيب أن البلاد أكبر بلد اليوم قد لا يوجد فيها هذا العدد من العميان، فكيف ببغداد في ذلك الحين من أين جاء بهذا الرقم؟.

ولذلك الذهبي يعلق عليه يقول: لعل المخبر أراد أن يقول: سبعين نفساً فغلط، فقال: سبعين ألفاً. والذهبي –رحمه الله- يقول: فإن من لقن سبعين نفساً من العميان فهذا خير كثير، أما هذا العدد المذكور فإنه مبالغة قطعاً.

وهذا ابن الجوزي -رحمه الله- ذُكر أن درسه في الوعظ يحضره مئة ألف إنسان؛ والذهبي -رحمه الله- يقول: أين المكان الذي يسع هؤلاء؟ ثم كيف يستطيع أن يبلغهم الصوت؟، النبي -صلى الله عليه وسلم- في حجة الوداع حضر هذه الحجة قريباً من عشرين ومائة ألف، لكن الله –عز وجل- أبلغ الناس كلام لنبيه -صلى الله عليه وسلم-، فهؤلاء الذين يحضرون لابن الجوزي في ذلك الوقت الذي كان فيه أقل بكثير مما هو اليوم يحضر مائة ألف، أين المكان الذي يسعهم؟ ثم أين الصوت الذي يسع لهؤلاء الناس؟.

وذُكر عن ابن الجوزي أيضاً أنه كتب ألفين مجلد، وتاب على يديه مائة ألف إنسان، وأسلم على يديه عشرون ألفاً، وكان يختم في الإسبوع ختمة، ولا يخرج من بيته إلا إلى الجمعة أو المجلس، الذهبي يعلق تعليقاً طريفاً يقول: فأين ذهبت صلاة الجماعة؟ لا يخرج إلا إلى الجمعة أو مجلس التعليم، فأين ذهبت صلاة الجماعة؟ فهذه الأمور لا تروج إلا على البسطاء.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير