وغالباً - بل ودائماً - ما يكون هؤلاء الذين يقعون في مثل هذه المشكلات؛ إما تلقّياً وإما إلقاءً؛ دائماً يكون هؤلاء يعانون من مشلكة مصاحبة وهي: قلة التثبت، فلو كان هذا الإنسان يتثبت مما يسمع، يثبت مما قرأ، يثبت فيما يخبر به، وينقله لكان له شأن آخر.
ـ[محمد بن الحسني]ــــــــ[19 - 07 - 08, 12:17 م]ـ
يا ليت قومي يعلمون ..
نقل موفق و موضوع مهم ..
ـ[علاء المسلم]ــــــــ[19 - 07 - 08, 12:31 م]ـ
جزاك الله كل خير
ـ[المسيطير]ــــــــ[19 - 07 - 08, 12:43 م]ـ
ضوابط تضبط الذهن:
بعد ذلك أذكر لكم بعض الأمور التي علها أن تكون بمثابة الضوابط التي تضبط الذهن، فحينما يسمع الإنسان الكلام، يعرض ما يسمع عبر هذه المصفاة فبالتالي لا يروج عليه – بإذن الله عز وجل- كثير من ذلك فيما يقرأه ويسمعه أو يتلقاه بوجه من وجوه التلقي، فمن ذلك:
أننا لا بد أن نقيس الأمور الغائبة على الأمور الشاهدة والواقعة والحاضرة التي نعايشها ونراها , وهذا فيما عدا المعجزات وما يدخل ضمنها من كرامات الأولياء، وفيما عدا ذلك من الأمور فينبغي أن نقيس الغائب على الشاهد، فلا بد أن ثمة أمراً مشتركاً وجامعاً يجمع بين الأمور الغائبة والأمور الشاهدة، فنعرف بذلك أن بعض الكلام هو من قبيل المبالغات.
خذ مثالاً على ذلك:
المسعودي ذكر أن الذين أحصاهم موسى صلى الله عليه وسلم في التيه حينما تاهوا في سيناء من الرجال الذين يقدرون على حمل السلاح كانوا ستمائة ألف رجل، ومعلوم حسب ما يذكر في كتب التواريخ أن الذين دخلوا مع يعقوب صلى الله عليه وسلم إلى مصر في زمان يوسف صلى الله عليه وسلم كانوا قريباً من السبعين حسبما يذكره المؤرخون، وهذا العدد الذي دخل في مصر كان من نسلهم بنو إسرائيل، فالمدة التي كانت بين دخول الإسرائيليين إلى أرض مصر، هذه المدة ما بين دخلوهم وما بين خروج موسى صلى الله عليه وسلم كانت قريباً من عشرين ومائتين سنة، فهذه المدة عادة لا يحصل فيها التكاثر إلى هذا الحد، بحيث يكون عدد الذين يقدرون على حمل السلاح فقط ستمائة ألف رجل، لمدة مائتين وعشرين سنة، فهذا في مجال العادات لا يقع؛ ولا يكون هذا رقم مبالغ فيه، والله تعالى أعلم.
ومن ذلك أيضاً ما يذكر في خبر موسى صلى الله عليه وسلم حينما جاء إلى أرض مدين – وهذا يذكر في كتب التفسير وفي كتب التاريخ - أنه لما جاء إلى أرض مدين ووجد أولئك الأمة يسقون من ذلك البئر، ووجد المرأتين، يقولون: كان على البئر حجر ضخم جداً؛ بعضهم يقول: كان يحمله أربعون رجلاً، وبعضهم يقول غير ذلك، فجاء موسى عليه الصلاة السلام بمفرده فحمل هذه الصخرة الذي يغطى به البئر.
ويقولون: إن الدلو الذي كان يستخرج من هذا البئر كان لا يستطيع نزعه من هذا البئر إلا قرابة اثنا عشر رجلاً، فجاء موسى عليه الصلاة والسلام بمفرده فانتزعه وسقى، هذا قبل نبوة موسى بما يقرب من عشر سنين؛ لأن موسى صلى الله عليه وسلم إنما نبيء بعدما خرج من مدين نبئ في الطريق حينما بلغ الطور.
فالحاصل ما بين مجيء موسى صلى الله عليه وسلم إلى أرض مدين وما بين خروجه كان قرابة عشر سنوات، يعنى كان هذا الحادث قبل نبوة موسى صلى الله عليه وسلم بعشر سنوات تقريباً، فهل يعقل أن رجلاً مهما كانت قوته يستطيع أن يحمل صخراً يحمله في العادة أربعون رجلاً، هذا لا يقع في مجال العادات يمكن للإنسان أن يحمل حملاً يحمله ثلاثة من الرجال، أو يحمله رجلان أو نحو ذلك، لكن أن يحمل حملاً لا يحمله إلا أربعون رجلاً هذا أمر غير ممكن، وانتبهوا لهذه النقطة كان ذلك قبل نبوة موسى صلى الله عليه وسلم بعشر سنين تقريباً، يعني ليس من المعجزات.
ـ[المسيطير]ــــــــ[19 - 07 - 08, 12:50 م]ـ
وكذلك ما يذكر عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه في فتح خيبر، يقولون:
إنه جاء وفتح الباب الذي كان لا يستطيع أن يفتحه إلا أربعين رجلاً، فجاء علي رضي الله عنه وبيده سيف، وباليد الأخرى الباب، فانتزعه، هذا أمر لا يكون ولا يمكن، ونجزم أنه لم يقع، وأنه من أكاذيب الرافضة، فهم أرادوا أن يُثنوا على علي رضي الله عنه؛ فجاؤوا بمثل هذه الأخبار التي لا يصدقها إلا السذج.
خذ مثالاً آخر على ذلك:
في قول الله عز وجل عن ملكة بلقيس: قال: {وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ} [(23) سورة النمل] فوصف الله عرشها بالعظم، ماذا يذكر من الإسرائيليات في كتب التفسير؟ يقولون:
هو سرير من ذهب، وصفحتاه مرمول بالياقوت والزبرجد، وطوله ثمانون ذراعاً، وعرضه أربعون ذراعاً، وارتفاعه ثلاثون ذراعاً.
ويقولون: كان في بيت، وعليه بيت، وعليه بيت، وعليه بيت إلى سبعة بيوت لحماية هذا العرش، تصور هذا العرش يضخم بهذه الضخامة؟، كيف يكون شأن ملكة سبأ في وسطه؟ أصغر من البعوضة، فهذا شيء يُنقصها في الواقع، ولا يكون كمالاً وعظمة في حقها.
ومعلوم أن الملوك إنما يعملون العروش، ويجلسون على السرر من أجل أن يعظموا بذلك، فإذا صنعت عرشاً بهذه الضخامة صارت كالبعوضة الصغيرة في وسطه، تكون حقيرة صغيرة في وسط هذا العرش، فهذا شيء مبالغ فيه.
خذ مثالاً آخر على ذلك:
في قول الله - عز وجل - عن جندها لما قالوا لها: {نَحْنُ أُوْلُوا قُوَّةٍ وَأُولُوا بَأْسٍ شَدِيدٍ} [(33) سورة النمل] ما الذي يذكر في كتب التفسير من الإسرائيليات والمبالغات في ذلك؟.
يقولون:
كان تحت يدها اثني عشر ألف لواء، تحت يد كل واحد من هذه الألوية مائة ألف مقاتل، كم يكون المجموع؟.
المجموع يكون: اثنا عشر مليون رجل، وهل يعقل هذا العدد اثنى عشر مليون؛ جيش في منطقة محدودة صغيرة، وهي اليمن في ذلك الزمان.
الآن الدول التي يبلغ عدد سكانها مئات الملايين قد لا يصل الجيش إلى هذا العدد، في أراض شاسعة، فكيف باليمن في ذلك الزمان حينما كان الناس قلة، ولم يكونوا بهذه الكثرة التي نشاهدها اليوم؟!.
¥