ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[12 - 01 - 09, 11:19 ص]ـ
شيخنا الفاضل هذا النقل الذي تفضلتم بذكره = خارج عن محل نزاعنا، ويُمكن للعبد الفقير أن يُكحل عينَك بما هو أحسن منه وأصرح دلالة على ما تريد، غير أن كل تلك النقولات لا علاقة لها بمحل نزاعنا، وأصل الخلط أننا قد ذكرنا أجناساً من العدول عن اللسان الأول، وهي أجناس متباينة مختلفة تحتاج إلى تقسيم يفصل صورها، وقد مثلتُ بأمثلة كلها عندي من صور العدول إلا أني سقتها مساقاً واحداً من غير تبيين جهة العدول فيها .. ولعل مشاركتكم فرصة لبيان بعض هذا ..
وأبدأ أولاً بإمتاع أعينكم بما هو أحسن وأصرح من نقلكم عن الزهري، ثم أعطف ببيان خروج جميع ذلك عن محل النزاع ...
1 - عن عاصم عن علي قال الوتر ليس بحتم ولكنه سنة أسنها رسول الله
2 - عبد الرزاق عن معمر قال ما رأيت الجمعة الا أوجب عندهم من الفطر يقولون هذه فريضة وهذه سنة
3 - حدثنا أبو بكر قال حدثنا وكيع قال حدثنا سفيان عن مغيرة عن إبراهيم قال العمرة سنة وليست بفريضة
الآن شيخنا ..
أنا لا أُنازع أن لفظة السنة كانت تُستعمل في اللسان الأول ويُراد بها دلالتان:
الأولى: الدين والشريعة وهدي النبي المنقول عنه فرضه ومستحبه.
الثانية: دلالة أخص من الأولى وهي استعمال لفظ السنة للدلالة على المستحب الذي هو دون الواجب الحتم.
يقول شيخ الإسلام: ((وَهَذَا الرَّجُلُ كَانَ يَأْتِي بِمَا قَدْ يُقَالُ لَهُ رُكُوعٌ وَسُجُودٌ لَكِنَّهُ لَمْ يُتِمَّهُ. وَمَعَ هَذَا قَالَ لَهُ حُذَيْفَةُ: مَا صَلَّيْت فَنَفَى عَنْهُ الصَّلَاةَ ثُمَّ قَالَ: لَوْ مُتّ مُتّ عَلَى غَيْرِ الْفِطْرَةِ الَّتِي فَطَرَ اللَّهُ عَلَيْهَا مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ و عَلَى غَيْرِ السُّنَّةِ} وَكِلَاهُمَا الْمُرَادُ بِهِ هُنَا: الدِّينُ وَالشَّرِيعَةُ؛ لَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ فِعْلَ الْمُسْتَحَبَّاتِ؛ فَإِنَّ هَذَا لَا يُوجِبُ هَذَا الذَّمَّ وَالتَّهْدِيدَ. فَلَا يَكَادُ أَحَدٌ يَمُوتُ عَلَى كُلِّ مَا فَعَلَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الْمُسْتَحَبَّاتِ. وَلِأَنَّ لَفْظَ " الْفِطْرَةِ وَالسُّنَّةِ " فِي كَلَامِهِمْ: هُوَ الدِّينُ وَالشَّرِيعَةُ. وَإِنْ كَانَ بَعْضُ النَّاسِ اصْطَلَحُوا عَلَى أَنَّ لَفْظَ " السُّنَّةِ " يُرَادُ بِهِ مَا لَيْسَ بِفَرْضِ إذْ قَدْ يُرَادُ بِهَا ذَلِكَ. كَمَا فِي قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {إنَّ اللَّهَ فَرَضَ عَلَيْكُمْ صِيَامَ رَمَضَانَ وَسَنَنْت لَكُمْ قِيَامَهُ} فَهِيَ تَتَنَاوَلُ مَا سَنَّهُ مِنْ الْوَاجِبَاتِ أَعْظَمَ مِمَّا سَنَّهُ مِنْ التَّطَوُّعَاتِ. كَمَا فِي الصَّحِيحِ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: " إنَّ اللَّهَ شَرَعَ لِنَبِيِّكُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُنَنَ الْهُدَى. وَإِنَّ هَذِهِ الصَّلَوَاتِ فِي جَمَاعَةٍ مِنْ سُنَنِ الْهُدَى وَإِنَّكُمْ لَوْ صَلَّيْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ كَمَا يُصَلِّي هَذَا الْمُتَخَلِّفُ فِي بَيْتِهِ لَتَرَكْتُمْ سُنَّةَ نَبِيِّكُمْ. وَلَوْ تَرَكْتُمْ سُنَّةَ نَبِيِّكُمْ لَضَلَلْتُمْ. وَلَقَدْ رَأَيْتُنَا وَمَا يَتَخَلَّفُ عَنْهَا إلَّا مُنَافِقٌ مَعْلُومُ النِّفَاقِ " وَمِنْهُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {عَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ مِنْ بَعْدِي تَمَسَّكُوا بِهَا وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ})).
أمثلة على استعمال لفظ السنة في الدلالة الأولى:
1 - عَنْ أَبِى سَعِيدٍ أَنَّ رَجُلَيْنِ تَيَمَّمَا وَصَلَّيَا ثُمَّ وَجَدَا مَاءً فِى الْوَقْتِ فَتَوَضَّأَ أَحَدُهُمَا وَعَادَ لِصَلاَتِهِ مَا كَانَ فِى الْوَقْتِ وَلَمْ يُعِدِ الآخَرُ فَسَأَلاَ النَّبِىَّ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ لِلَّذِى لَمْ يُعِدْ «أَصَبْتَ السُّنَّةَ وَأَجْزَأَتْكَ صَلاَتُكَ». وَقَالَ لِلآخَرِ «أَمَّا أَنْتَ فَلَكَ مِثْلُ سَهْمِ جَمْعٍ
2 - سألت جابرا عن المسح على الخفين فقال سنة
3 - عبد الله عن بن عمرو قال إن من سنة الصلاة أن يفرش اليسرى وأن ينصب اليمنى
¥