قال الحافظ ابن حجر في (الفتح) (10/ 350): ((قال الطبري: ذهب قوم إلى ظاهر الحديث فكرهوا تناول شيء من اللحية من طولها ومن عرضها))
وقال النووي في (المجموع) (1/ 290): ((والصحيح كراهة الأخذ منها مطلقاً، بل يتركها على حالها كيف كانت، للحديث الصحيح (وأعفوا اللحى)) أ. هـ
وقال في شرحه لصحيح مسلم (3/ 151): ((والمختار ترك اللحية على حالها , وألا يتعرض لها بتقصير شيء أصلاً))
وقال الشيخ عبدالعزيز بن باز في (مجموع الفتاوى) (4/ 443): ((الواجب إعفاء اللحية وتوفيرها وإرخاؤها وعدم التعرض لها بشيء))
وقال الشيخ ابن عثيمين في (فتاوى على الدرب) (10/ 173) ((الواجب إبقاء اللحية كما هي ولا يتعرض لها بقص ولا بحلق))
وقال في (مجموع الفتاوى) (11/ 85): ((أما ما سمعتم من بعض الناس أنه يجوز تقصير اللحية خصوصاً ما زاد على القبضة، فقد ذهب إليه بعض أهل العلم فيما زاد على القبضة، وقالوا: إنه يجوز أخذ ما زاد على القبضة استناداً إلى ما رواه البخاري عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، أنه كان إذا حج أو اعتمر قبض على لحيته فما زاد أخذه.
ولكن الأولى الأخذ بما دل عليه العموم في الأحاديث السابقة فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يستثن حالاً من حال)) أ. هـ
وقال بعض العلماء بوجوب أخذ ما زاد على القبضة وليس معهم دليل.
وخلاصة ما سبق:
1. أن حلق اللحية حرام بالإجماع.
2. أن الأخذ منها وقصها بما يخل بتوفيرها وكثرتها حرامٌ أيضاً لمخالفته الأمر بالإعفاء والإرخاء والتوفير الوارد في الأحاديث وضابط ذلك ما زاد على القبضة.
3. أن المعاصي تتفاوت، فالحلق أعظم من أخذ شيء منها.
4. أن الأخذ من اللحية بما لا يخرجها عن كونها كثة وكثيفة وهو ما زاد على القبضة مما اختلف فيه العلماء قديماً وحديثاً.
5. أن حاصل كلام القائلين بجواز الأخذ منها هو الأخذ مما زاد على القبضة ولا أعلم أحداً يقول بجواز الأخذ دون ذلك.
6. أن سبب اختلافهم كما سبق بيانه هو معنى الإعفاء واختلافهم في تقديم إحدى القاعدتين على الأخرى، قاعدة: (العبرة برواية الراوي لا برأيه) وقاعدة: (الراوي أدرى بما روى).
7. أن الأولى والأحوط خروجاً من الخلاف تركها دون أخذِ شيء منها اقتداء بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم.
أمَّا مسألة الإنكار، فمن حلقها أو أخذ منها وقصَّرها وخففها فانكر عليه لأنه فعل منكراً لكنه منكرٌ دون منكر والمعاصي تتفاوت كما تقدم، أما من وفَّرها وكثَّرها وأرخاها ولو أخذ مما زاد على القبضة فلا تنكر عليه لأنها من مسائل الاجتهاد ولا إنكار في مسائل الاجتهاد ولم ينكر الصحابة رضي الله عنهم على من فعل ذلك كابن عمر وأبي هريرة رضي الله عنهما.
والله أعلم
المصدر: http://www.dorar.net/art/276
ـ[فرحان بن سميح العنزي]ــــــــ[22 - 12 - 09, 07:23 ص]ـ
شخينا المسيطير وفقك الله.
سلام عليك وعلى الإخوة الكرام.
لعل من الأسباب الرئيسية لمثل هذه المعاصي الظاهرة هو ما ذكرته في توقيعكم الكريم من كلام ابن رجب رحمه الله فحلق اللحية هو معصية من المعاصي التي جرتها غيرها. فما هانت عليه لحيته إلا بعدما ما هان عليه ما هو أكبر منها وأهم. فنسأل الله العصمة والثبات وأن يجنبنا الفتن. ثم إن هذه المعصية (أعني حلق اللحية) قد جرته إلا ما وراها.
ومن المضحكات المبكيات أن أحد الإخوان قال سألت أحد (الدكاتير) - جمع دكتور على مذهب بنيتكم أصلحها الله- وهو إمام ما مسجد فقلت أين ذهب معظم لحيتك فقال: أنا دائما يدي في لحيتي ولهذا السبب صارت إلى ما ترى.
فانظر كيف جره مثل هذا الذنب إلى استسهال الكذب والاتيان بما يضحك عليه الأطفال. فنسأل الله أن يصلح أحوالنا وأحوال المسلمين وأن يردنا إليه ردا جميلا، والحمد لله الذي عافنا مما ابتلى به كثير من عباده.
ـ[صالح بن علي]ــــــــ[22 - 12 - 09, 07:57 ص]ـ
لماذا لا يكون سبب ذلك هو راي جديد، فكما لا يخفى أن الإمام الشافعي رضي الله عنه عندما ذهب إلى مصر تغيرت كثير من آراءه الفقهيه.
ـ[حمد بن صالح المري]ــــــــ[22 - 12 - 09, 11:42 ص]ـ
وما أكثر ما أسمع هذه الكلمة عن بعض إخواننا ممن يتساهل في إرضاء الناس في معصية الله ... فيأتي غضب الناس عليه واحتقارهم له ... بقولهم: ... (مطوع نصاب).
سبحان الله ... فلان يحرص على إرضائكم، واستجلاب محبتكم ... فتقولون له: نصاب!! ... عجيب أمره - والله - .... قبل أمركم.
الله المستعان ... ما أعظم هذه الكلمة (يتساهل في إرضاء الناس في معصية الله ... فيأتي غضب الناس عليه واحتقارهم له) يذكّرني بكلام لابن القيّم رحمه الله؛ معناه: (من اشتغل بشيء عن طاعة الله ... سلّط الله ذلك الشيء عليه؛ وعذّبه به في الدّنيا قبل الآخرة) ولا أذكر نصَّ كلامه الآن ...
وقد مرّ رجل من أبناء عمّي بهذه المرحلة، وكان يدّعي أنّ السببَ هو (الشامبو)، ثمَّ صارحني بعد فترةٍ بدون سؤالٍ منّي.
وذكَر أنّ السببَ:
تعرّفَ على زميلٍ له في العمل حليق وزِكِرْت -كِشِّيخ- (باللّهجة العامّيّة)؛ وبدأ بصحبتهِ ... ولم يستطع مجاراته والالتحاق برَكْبِه إلا بتقليدهِ، والسّير على منوالهِ، حتّى يُواكبّهُ!!!
ثمّ راجع نفسَه بنفسِهِ بعدما قرأَ كلامَ الشّيخ المسيطير -حفظه الله- وعزَمَ على تقديمِ طاعة اللهِ ورسوله على طاعة البشر ورضاهم ...
وهذه بشرى للشيخ المسيطير ... وتحمل في طيّاتها تأثير الإخلاص في النّصح ...
¥