تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

(هـ) وانبرى له ابن حجر فألف في دفع اعتراضات البدر على كتابه فتح الباري، فألحق تعديلات بكتابه بعد ظهور عمدة القاري.

وألف كتاب " انتقاض الاعتراض "، ووضع رسالة في صورة فتيا عما وقع في خطبة شرح البخاري للعلامة العيني، أسماها: " الاستنصار على الطاعن المختار" [12].

5 - المقارنة بين الشرحين:

وللكشف عما اختلف فيه بان حجر عن البدر العيني، وضع عبد الرحمن البصيري 1935م؛ أحد علماء ليبيا، كتابا يحمل عنوان: مبتكرات اللآلئ والدرر في المحاكمة بين العيني وابن حجر، جعل الخصومة بين شرحيهما لصحيح البخاري موضوعاً لكتابه، وقد وضع أوجه الخلاف بين الرجلين في ثلاث وأربعين بعد الثلاثمائة مسألة، وأطلق على كل مسألة اسم محاكمة. وبالرغم مما وصف به الخلاف بينهما فالأمر يؤول إلى تعاونهما على إحقاق الحق في فهم النصوص، وتعاونهما على استكناه الحقيقة فيها. وكتاب البصيري طُبع بالمطبعة الحكومية لولاية طرابلس الغرب سنة 1959. وأطلعني على الطبعة الثانية منه الدكتور عبد السلام الخرشي حفظه الله تعالى.

وقد ترجم للبصيري أحد تلامذته في بداية الكتاب وقال أن المؤلف قد تولى فصل الحكم بين العلامتين الحافظين: العيني وابن حجر فيما اختلفا فيه، وتعاكسا في فهمه بسبب تحفظهما على إظهار الحقيقة وتعاونهما على البر والتقوى بأسلوب لطيف [13].

البدر العيني: اتبع في شرحه البسط والإيضاح، وإعطاء الأحاديث النبوية حقها من البحث والتمحيص، فيُتم سياق الحديث إذا اختصر البخاري، وبَيَّنَ مواضع تخريجه من الكتاب إذا تعددت طرقه، ويذكر اختلاف الرواة إذا كان هناك اختلاف، ويستوفي الكلام في ذكر الرجال، وضبط الأسماء والأنساب، ويفصل معاني الكلمات ووجوه الإعراب، ثم ينتهي إلى استخراج لطائف المعاني [14].

ويقول السخاوي عن العيني أنه أطال الشرح بما تعمد ابن حجر حذفه من سياق الحديث بتمامه وتراجم الرواة، واستيفاء كلام النحويين، وغير ذلك مما تحصل الفائدة بدونه.

واستخلص محققا كتاب مبتكرات اللآلئ والدرر حيثيات الأحكام التي انتهى إليها الشيخ البصيري من خلال المقارنة بين العيني وابن حجر، وقدما حيثيات تلك الأحلام على الصورة الآتية:

(أ) يتحاشى الحافظ العيني ذكر الحافظ ابن حجر بالاسم أو الكنية أو اللقب في جميع المواضع التي اعترضه فيها، وإنما يكني عنه بكلمة (بعضهم)، ثم يُسند إليها قال أو ذكَرَ أو زعم أو نحوها.

(ب) كثيراً ما ينقل الحافظ العيني إحدى عبارات الحافظ ابن حجر وقد حُذفت منها كلمة أو جملة أو جُمَل ثم يورد الاعتراض عليها، وهي مهلهلة مبتورة.

(ج) قد يذكر الحافظ ابن حجر في إحدى المسائل رأييْن، ثم يُرجح أحدهما على الآخر، فينقل الحافظ العيني الرأيَ المرجوحَ عند الحافظ ابن حجر، ويعترض عليه دون أية إشارة إلى الرأي الراجح عنده.

(د) وينقل الحافظ ابن حجر رأياً لأحد المتقدمين، وينسبه إلى قائله، وقد يستدل على مرجوحيته أو بطلانه، ومع ذلك ينقله البدر العيني على أنه رأي للحافظ ابن حجر، ثم يَنثني عليه بالنقد والاعتراض.

(هـ) وفي حالات نادرة يتسامح الحافظ ابن حجر في التعبير عن بعض المصطلحات – في عرف النحاة مثلا – كقوله لفظة (لم) يُغير بها عن الماضي، فتثور ثائر الحافظ العيني، ويُشدد النكير على الحافظ ابن حجر، لتركه التعبير باللفظ الاصطلاحي.

(و) وربما تكون النسخة التي بيد الحافظ العيني من كتاب فتح الباري قد وقع فيها تحريف فيعترض على كلام غير موجود في النسخة التي نَقَل عنها.

(ز) قد يُدلي الحافظ برأي، أو يُنكر وجود رواية؛ فيلجأ الحافظ العيني في نقضها إلى الاعتراضات الجدلية والأسئلة الدورية، وغيرهما من ضروب المغالطة، كقوله مثل (لماذا لا تكون هذه الرواية موجودة ولم يطلع عليها) أو قوله (هذا غير صحيح) هكذا دون توجيه أو تعليل.

(ح) وقد تبين أن بعض المواضع من كلام الحافظ ابن حجر كانت نقاطاً ضعيفة لم تقوَ على مواجهة اعتراضات الحافظ العيني، فظفرت بتأييد الشيخ البصيري الذي أصدر أحكامه في تلك المواضع بتصويب وجهة نظر الحافظ العيني [15].

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير