وأما ابن الجوزي فهو مبرز في الوعظ و التفسير ولاشك وقد ذكر ذلك الذهبي نفسه يرحمه الله وانظر الى عبارته التى نقلت: (لم يكن مُبَرِّزاً في علم من العلوم, وذلك شأن كل من فرَّق نفسه في بحور العلم , ومع أنه كان مُبَرِّزاً في التفسير والوعظ والتاريخ, ومتوسطا في المذهب, متوسطا في الحديث).
تأمل (ومع انه كان مبرزا في التفسير والوعظ والتأريخ ... ).
ولذلك قال عنه الذهبي رحمه الله في السير: (كان رأْساً فِي التذكير بلا مدافعة، يَقوْل النّظم الرّائِق، والنثر الفائق بديهاً، ويُسهِب، ويُعجب، ويُطرِب، ويُطنب، لمْ يأْت قبْله ولا بعْدهُ مِثله، فهو حامل لواء الوعظ، وَالقيِّم بِفنونه، مع الشّكل الحسن َوالصّوت الطّيب، َالوقع فِي النُفوْس، وحُسن السيرة، وكان بحراً في التفْسِيْر، علامة فِي السّير وَالتارِيْخ، موْصُوفاً بِحسن الحَدِيْث، ومعرفة فنونه، فقِيهاً، عليماً بِالإِجماعِ والاختلاف، جيِد المشاركة في الطبّ، ذا تفنُّن وفهم وذكاء وحفظ واستحضار، واكباب على الجمع والتصنيف).
وأما قوله يرحمه الله (وذلك شأن كل من فرق نفسه في بحور العلم) فهذه عبارة صحيحة (راجع الرد رقم 13).
شيخنا ابن وهب حفظه الله:
النقل الاول رفع الله قدركم وفيه: (وكان أستاذنا العلامة أبو جعفر أحمد بن إبراهيم بن الزبير الثقفي، قدّس الله تربته، يقول ما معناه: متى رأيت الرجل ينتقل من فن إلى فن في البحث أو التصنيف، فاعلم أن ذلك، إما لقصور علمهبذلك الفن، أو لتخليط ذهنه وعدم إدراكه، حيث يظنّ أن المتغايرات متماثلات. وإنما أمعنت الكلام في هذا الفصل لينتفعبه من يقف عليه، ولئلا يعتقد أنا لم نطلع على ما أودعه الناس في كتبهم في التفسير، بل إنما تركناذلك عمداً، واقتصرنا على ما يليق بعلم التفسير) انتهى.
جزاكم الله خيرا على هذا النقل، وهذه مسألة متعلقة باصول التصنيف وطرائقه وحذق الكاتب وبراعته كما ذكرتم. وهي مسألة حق لها ان تفرد وتبحث.
وقد كان شيخ الاسلام بان تيمية رحمه الله لغلبة علم الاعتقاد عليه يضمنه حتى في كلام الفقه وليس هو بالضار ومثله ما يحدث من ارباب النحو واهل الكلام.
ولكن ليس يعاب ارفاق الفوائد والاشارة الى الدقائق وان كانت في غير الفن الا اذا اخرج التصنيف عن موضوعه.
الذي يعاب هو تفريق المسألة بتأثير التفنن وهذا من عدم احكام التصنيف والتسويد في العلوم. فالتصنيف والترتيب علم قائم وصناعة مستقلة.
ومثله كلام الغزالي في اول المستصفى فهو متعلق بصناعة الكتابة والتصنيف، فهو امر ينبغى ان يتفطن له المتفنن. وليس هو قادح بتفننه.
ـ[مصطفى الفاسي]ــــــــ[02 - 02 - 05, 02:20 م]ـ
ذكر الخطيب البغدادي رحمه الله قال ـ تاريخ بغداد 11/ 407 ـ:
أخبرنا الحسين بن محمد أخو الخلال حدثنا الصاحب أبو القاسم إسماعيل بن عباد بن العباس بالري أخبرنا عبد الله بن محمد الإيجي حدثنا محمد بن الحسن الأزدي أخبرنا أبو حاتم سهل بن محمد السجستاني قال:
ورد علينا عامل من أهل الكوفة لم أر في عمال السلطان بالبصرة أبرع منه، فدخلت مسلما عليه، فقال لي: يا سجستاني من علماؤكم بالبصرة؟
قلت: الزيادي أعلمنا بعلم الأصمعي،
والمازني أعلمنا بالنحو،
وهلال الراي أفقهنا،
والشاذكوني من أعلمنا بالحديث،
وأنا رحمك الله أنسب إلى علم القرآن،
وابن الكلبي من أكتبنا للشروط،
قال: فقال لكاتبه: إذا كان غد فاجمعهم إلي،
قال: فجمعنا، فقال: أيكم المازني؟ قال أبو عثمان: هأنذا يرحمك الله، قال: هل يجزئ في كفارة الظهار عتق عبد أعور؟
فقال المازني: لست صاحب فقه رحمك الله أنا صاحب عربية،
فقال يا زيادي: كيف يكتب بين رجل وامرأة خالعها على الثلث من صداقها؟
قال: ليس هذا من علمي هذا من علم هلال الرأي،
قال يا هلال: كم أسند ابن عون عن الحسن؟
قال: ليس هذا من علمي هذا من علم الشاذكوني،
قال: يا شاذكوني من قرأ (يثنوني صدورهم)؟
قال: ليس هذا من علمي هذا من علم أبي حاتم،
قال يا أبا حاتم: كيف تكتب كتابا إلى أمير المؤمنين تصف فيه خصاصة أهل البصرة، وما أصابهم في الثمرة، وتسأله لهم النظر والنظرة؟
قال: لست رحمك الله صاحب بلاغة، وكتابه أنا صاحب قرآن،
فقال:
¥