وأقوال أهل العلم في جواز الأخذ مما زاد على القبضة كثيرة جداً، ولم يأت عن أحد من الصحابة ولا من التابعين فيما أعلم تحريم ذلك.
واستحسن بعض العلماء قص ما زاد على القبضة وقالوا بالاستحباب والسنية وهذا بعيد، فقد جاء في (البحر الرائق) (3/ 12): ((قال أصحابنا: الإعفاء تركها حتى تكث وتكثر , والقص سنة فيها، وهو أن يقبض الرجل لحيته, فما زاد منها على قبضة قطعها، كذلك ذكر محمد في كتاب (الآثار) عن أبي حنيفة قال: وبه نأخذ)) أ. هـ
وقال القرطبي في (المفهم) (1/ 512): ((ولا يجوز حلق اللحية ولا نتفها ولا قص الكثير منها , فأما أخذ ما تطاير منها وما يشوه ويدعو إلى الشهرة طولا وعرضا فحسن عند مالك وغيره من السلف)) أ. هـ
وقال القاضي عياض في (إكمال المعلم) (2/ 36): ((وأما الأخذ من طولها وعرضها فحسن)) ا. هـ
ومن العلماء من ذهب إلى المنع من الأخذ مطلقا:
قال الحافظ ابن حجر في (الفتح) (10/ 350): ((قال الطبري: ذهب قوم إلى ظاهر الحديث فكرهوا تناول شيء من اللحية من طولها ومن عرضها))
وقال النووي في (المجموع) (1/ 290): ((والصحيح كراهة الأخذ منها مطلقاً، بل يتركها على حالها كيف كانت، للحديث الصحيح (وأعفوا اللحى)) أ. هـ
وقال في شرحه لصحيح مسلم (3/ 151): ((والمختار ترك اللحية على حالها , وألا يتعرض لها بتقصير شيء أصلاً))
وقال الشيخ عبدالعزيز بن باز في (مجموع الفتاوى) (4/ 443): ((الواجب إعفاء اللحية وتوفيرها وإرخاؤها وعدم التعرض لها بشيء))
وقال الشيخ ابن عثيمين في (فتاوى على الدرب) (10/ 173) ((الواجب إبقاء اللحية كما هي ولا يتعرض لها بقص ولا بحلق))
وقال في (مجموع الفتاوى) (11/ 85): ((أما ما سمعتم من بعض الناس أنه يجوز تقصير اللحية خصوصاً ما زاد على القبضة، فقد ذهب إليه بعض أهل العلم فيما زاد على القبضة، وقالوا: إنه يجوز أخذ ما زاد على القبضة استناداً إلى ما رواه البخاري عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، أنه كان إذا حج أو اعتمر قبض على لحيته فما زاد أخذه. ولكن الأولى الأخذ بما دل عليه العموم في الأحاديث السابقة فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يستثن حالاً من حال)) أ. هـ
وقال بعض العلماء بوجوب أخذ ما زاد على القبضة وليس معهم دليل.
وخلاصة ما سبق:
1.أن حلق اللحية حرام بالإجماع.
2. أن الأخذ منها وقصها بما يخل بتوفيرها وكثرتها حرامٌ أيضاً لمخالفته الأمر بالإعفاء والإرخاء والتوفير الوارد في الأحاديث وضابط ذلك ما زاد على القبضة.
3.أن المعاصي تتفاوت، فالحلق أعظم من أخذ شيء منها.
4.أن الأخذ من اللحية بما لا يخرجها عن كونها كثة وكثيفة وهو ما زاد على القبضة مما اختلف فيه العلماء قديماً وحديثاً.
5.أن حاصل كلام القائلين بجواز الأخذ منها هو الأخذ مما زاد على القبضة ولا أعلم أحداً يقول بجواز الأخذ دون ذلك.
6. أن سبب اختلافهم كما سبق بيانه هو معنى الإعفاء واختلافهم في تقديم إحدى القاعدتين على الأخرى، قاعدة: (العبرة برواية الراوي لا برأيه) وقاعدة: (الراوي أدرى بما روى).
7.أن الأولى والأحوط خروجاً من الخلاف تركها دون أخذِ شيء منها اقتداء بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم.
أمَّا مسألة الإنكار، فمن حلقها أو أخذ منها وقصَّرها وخففها فانكر عليه لأنه فعل منكراً لكنه منكرٌ دون منكر والمعاصي تتفاوت كما تقدم، أما من وفَّرها وكثَّرها وأرخاها ولو أخذ مما زاد على القبضة فلا تنكر عليه لأنها من مسائل الاجتهاد ولا إنكار في مسائل الاجتهاد ولم ينكر الصحابة رضي الله عنهم على من فعل ذلك كابن عمر وأبي هريرة رضي الله عنهما.
والله أعلم
أجاب عن هذا الشيخ علوى بن عبد القادر السقاف جزاه الله خيرا وأجزل له المثوبة
وأعذرونى يا إخوة أننى لم أكتب اسم الشيخ حفظه الله فى المشاركة الأولى لأننى لم أكن أعرف من قال هذا الكلام ولكننى ألفيته كلاما جيدا جامعا لكل ما تريد أن تعرفه عن مسألة اللحية وتخفيفها وخلاف العلماء فيها وجزى الله الشيخ السقاف عنا خير الجزاء
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[21 - 05 - 10, 05:58 م]ـ
فاختلف أهل العلم في حد القدر الواجب، وجمهورهم قالوا: هو ما إذا رؤي الرجل عُرف أنه ملتح، هذا القدر الذي يحصل به الامتثال، وما زاد على ذلك يكون مندوباً، إلى أن يكون القبض، وما زاد على القبضة يجوز تركه، فإذا وصل إلى القبضتين فما زاد على القبضتين يكره توفيره.
اختلافهم وتفصيلهم هذا مع عدم ورود ما يدل عليه = دليل بين على فساده.
ـ[أبو الحسن الأثري]ــــــــ[22 - 05 - 10, 04:43 ص]ـ
اختلافهم وتفصيلهم هذا مع عدم ورود ما يدل عليه = دليل بين على فساده.
يا شيخ عبدالرحمن أول أمر دعهم يثبتون أن الجمهور قالوا أن القدر المجزئ هو إذا رؤي الرجل عُرف أنه ملتح، ثم الرد عليهم لكن هذا دون خرط القتاد
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[22 - 05 - 10, 05:48 م]ـ
يا شيخ عبدالرحمن أول أمر دعهم يثبتون أن الجمهور قالوا أن القدر المجزئ هو إذا رؤي الرجل عُرف أنه ملتح، ثم الرد عليهم لكن هذا دون خرط القتاد
بارك الله فيك وشكر لك
رأيتك نبهت على هذا، فانتقلت إلى موضع آخر فيه خلل أيضا.
ولا يعني أني أقر له بصوابه.
وجزاك الله خيرا.
¥