تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وإذا علمت ما ذكرته لك هنا من تلخيص لموقف السلف وتوضيح لما يظهر في بعض أحكامهم من خلاف، تبين لك أنه لم يكن عن خلاف في مفهوم البدعة، وستتجلى الصورة واضحة لكل من يقارن تطبيقاتهم وسيأتي منها قدر غير قليل

وإذا علمت كل هذا تبين لك ما حمله طرح الأستاذ من تشتيت وتشويش.

وتبين لك أن إعراض الأستاذ عن ذِكْرِ ولو مثال واحد للبدعة المنهي عنها لم يكن مصادفة ولا سهوا.

كيف وهو قد قام بحذف أمثلة العلماء من التعريفات التي نقلها وجردها جميعها من الأمثلة التي ذُكرت مع النعريفات لتوضحها

بل حذف حتى الأمثلة التي تخص البدعة اللغوية في مواطن حتى لا يشعر المشاهد بأن التعريف عام لا يخص البدعة الشرعية!!

ومن أوضحها ما قام به في تعريف ابن حزم.

وسأنقل كلام ابن حزم كاملا ثم أبين المحذوف منه ليتبين لك ما ذكرته لك

قال الإمام ابن حزم عن معنى البدعة:

"وهو في الدين كل ما لم يأت في القرآن، ولا عن رسول الله (ص) إلا أن منها ما يؤجر عليه صاحبه، ويعذر بما قصد إليه من الخير، ومنها ما يؤجر عليه صاحبه ويكون حسنا، وهو ما كان أصله الاباحة كما روي عن عمر رضي الله عنه، نعمت البدعة هذه وهو ما كان فعل خير جاء النص بعموم استحبابه وإن لم يقرر عمله في النص " ا. هـ

فحذف الأستاذ قوله: " كما روي عن عمر رضي الله عنه، نعمت البدعة هذه "

لماذا؟

فهي جملة قصيرة، وتوسطت الكلام، وذكرها صاحب التعريف يبين بها مراده، فلماذا الحرص على الحذف؟

مع أن الأستاذ كان يقرأ التعريف ويشرحه على مراده فلماذا استكثر قراءة هذه الكليمات؟

واحتاج إلى أن يقول: " ثم قال " ليتفادى ركاكة القطع؟

لماذا هذا العناء؟

ولماذا صادف هذا إعراض الأستاذ في حلقتيه عن ذكر الأمثلة لما هو بدعة عند العلماء ولو الموافِقة له؟ لماذا؟

وهذا العمل منه يؤكد أن الأستاذ كان يفضّل أن يكسو التعريفات كسوة الإجمال وترك التوضيح، حتى لا ينتبه المشاهد لأنه تعريف شامل للبدعة اللغوية، لأنه يعكر على الأستاذ بغيته في إقناع الناس أن هؤلاء العلماء يريدون بتعريفاتهم البدع شرعا فقط.

وقد فعل مع تعريف أبي شامة ما هو أشد من هذا، حيث حذف الأمثلة بنوعيها ومنها ما ينقض مذهب الأستاذ وسيأتي مفصلا وكذا فعل في تعريف ابن رجب حيث أعرض عنها.

فالأستاذ لو نقل الأمثلة لتبين للمشاهد أن التعريف لا يختص بالبدعة الشرعية وإنما هو تعريف عام شامل للبدعة اللغوية

وهذه والله وحدها تكشف حقيقة الأستاذ من حيث الأمانة العلمية

ـ الأسلوب التشويهي.

أهل العلم لهم أصول في نقد قول المخالف، وآداب للنقد لايخرجون عنها ومن أهمها عرض قول الطائفة المخالفة من خلال كلام المعتبرين فيها ممن يمثلونها، ولا يُعرض مذهب الطائفة بما يصدر عن شواذها وصغارها، فمن يفعل هذا وينسب للطائفة ما يصدر من شواذها وصغارها يعتبره أهل العلم مخالفا للأمانة في النقد، بحيث يصور للناس أن ما يعرضه، هو قول عامة تلك الطائفة

والخروج عن هذا الأدب في النقد لا يصدر إلا ممن يحرص على تشويه قول مخالفه، بحيث إنه يحتاج في إسقاط قول مخالفه بأن يعرضه في أسوء صورة وهذا عين ما فعله الأستاذ

فهو قد ذكر ضمن الأمثلة التي نسبها لمخالفيه قول مَنْ جعَل الوِرد القرآني الذي يحافظ عليه القارئ بدعة، وهذا لا يقوله مخالفه البتة، بل مخالفوه أكثرهم لهم أوراد يحافظون عليها، فنحن إن أحسنا الظن به وقلنا إنه لم يلصقه بنا ظلما ليشوهنا وينفر المشاهد من مذهبنا وهذا غير مستبعد منه لما صدر منه من خروقات في الأمانة العلمية، فإن أحسنا به الظن فهو قد بلغه من قول من لا يعتد به فكيف لو كان أمينا ينسبه لمخالفيه؟! وأكثر مخالفيه لهم أوراد قرآنية يحافظون عليها؟!

فحسبنا الله ونعم الوكيل

وأيضا ما نسبه لمخالفيه من تبديع من سبح مائة مرة أو صلى على النبي مائة مرة أو قال لا حول ولا قوة إلا بالله مائة مرة مع أنه لم يوضح المراد من هذه الصورة وكرر الكلام وصار يضرب أمثلة بأرقام بصورة تَندّرية

وكذلك ما ألصقه بمخالفيه ظلما من قوله بأننا نرى أنه إذا التقى زميلان يتذاكران فدعيا الله قبل المذاكرة فنسب لنا أننا نقول هذا بدعة وهذا والله ظلم عظيم بل مركب

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير