هذه رواية عن أحمد كتمها الأستاذ
وأما مالك فقال الإمام ابن نصر في نفس الكتاب:
" وسئل مالك عن الرجل يمسح بكفيه وجهه عند الدعاء، فأنكر ذلك، وقال: ما علمت " ا. هـ (كذا)
أي ما علمت شيئا في المسألة يجوزها، بدليل إنكاره
أما ابن المبارك فروى البيهقى في السنن الكبرى عن علي الباشانى قال سألت عبد الله - يعنى ابن المبارك - عن الذي إذا دعا مسح وجهه؟
قال [ابن المبارك]: لم أجد له ثبتا، قال علي ولم أره يفعل ذلك ا. هـ
أي لم أجد فيه شيئا ثابتا.
وكان الإمام سفيان الثوري يكرهه قال ابن نصر المروزي:
" وسئل عبد الله [بن المبارك] عن الرجل، يبسط يديه فيدعو ثم يمسح بهما وجهه، فقال: كره ذلك سفيان "
فمسألة كهذه يقول فيها أئمة رفعاء كهؤلاء مثل هذا الكلام الذي صرحوا فيه بعدم ورد شيء بلغهم ثم يأتي الأستاذ ويصرّ على تكذيب مخالفه لأنه نفى ورود شيء عن السلف في المسألة وربما يكون هذا الذي كذبه الأستاذ اعتمد في نفيه على كلام هؤلاء الأئمة وفهم منهم نفي وجود أي رواية في الباب
فلماذا كتم الأستاذ هذه الروايات وأحدها في السنن الكبرى؟
لماذا حرص على أن يصور مخالفه بأنه يكذب في هذه المسائل ليشكك في كل ما ينكرونه من بدع؟
إذًا لا تلم مخالفك إذا اتهمك بما اتهمته به! عندما قلت في مقام عام مصورا أن السلف لم يكونوا يهتمون بتصنيف العبادات المحدثة من غيرها فقلت:
" هم زمان ما كانوش يقولوا دي سنة ودي بدعة "
مع أن أقل الناس علما لا يشك في أن السلف كانوا يكثرون من قول هذه سنة وهذه بدعة فضلا عن أن هذا كان يصدر منهم
لا تلم مخالفك إذا اتهمك بما اتهمته به! عندما ذكرت أن الكلام التالي لا يقوله العلماء
(النبي ما عملهاش ولو كان خيرا لسبقونا إليه)
هذا الذي ذكرتَ أنه لا يقوله العلماء وأنه ليس كلاما علميا وأنه كلام محدث وبدعة
لا تلم مخالفك إذا اتهمك بما اتهمته به! لأن هذه العبارة عبارة أهل السنة كافة في ضبط البدع، ولا يخفى هذا على الكثير وستأتي النقول فيه.
وأمور أخرى أنت أقرب فيها إلى التهمة من مخالفك فدع عنك العبارات المنافية للأدب والأساليب المنافية للإحترام
بل أنت قد خرقت الأمانة بإعراضك عن رواية أحمد الأخرى وقول مالك والثوري وابن المبارك
ومع ما حصل فالرواية التي نقلها الأستاذ هي كالآتي
سئل أبي وأنا أسمع عن رفع الأيدي في القنوت يمسح بها وجهه قال الحسن يروى عنه انه كان يمسح بها وجهه في دعائه اذا دعا " ا. هـ
فأين تجويز أحمد لمسح الوجه؟
غاية ما في جوابه أنه نقل ما يعرفه من فعل الحسن، أما أن أحمد يجوزه فليس بصريح، وهذا الجواب قد يصدر عند حصول تردد من الإمام في المسألة أو لغير ذلك كما هو معلوم
وأحمد وإن اعتمدت كتب المذهب نقل الجواز عنه كإحدى الروايات لكن مفهوم هذه الرواية مفيد لمن يريد معرفة أقوال أحمد كلها، ومعرفة أيها قد يكون سبق، ومفيد في الترجيح أيضا لأن عزو المسألة لأحمد في كتب مذهبه فيه أقوال
وما نقله أيضا الأستاذ عن إسحاق بن راهويه فقد أوهم السامع أنه مشترك بينه وبين أحمد وأنه قول لكليهما وليس كذلك
وقد نقل ابن نصر عن إسحاق استحسان مسح الوجه فقال
"ورأيت إسحاق يستحسن العمل بهذه الأحاديث "
وقد أوهم الأستاذ مشاهديه أن إسحاق استحب هذا العمل مع علمه بأنه محدث واحتج بهذا المثال على تجويز السلف للمحدثات وأنهم لا يلتفتون لكون الفعل محدثا ما دام أنه لا يخالف أصول الشرع، وهذا عمل غير لائق بأمانة العلم، فإسحاق من الظاهر أنه قال بالمسح للأحاديث الواردة وهو صريح ما نقله عنه تلميذه محمد بن نصر:
" يستحسن العمل بهذه الأحاديث " فلماذا ينسب الأستاذ إلى إسحاق خلاف كلامه؟!
أهكذا تكون الأمانة؟ أين في كلام إسحاق أنه فعله مع اعترافه بأنه محدث؟
وكذا عبارة أحمد عند ابن نصر دالة على تعويل أحمد في المسألة على الوارد، سلبا أم إيجابا
قال محمد بن نصر المروزي في كتاب الوتر له:
¥