" وأما أحمد بن حنبل فحدثني أبو داود قال: سمعت أحمد، وسئل عن الرجل يمسح وجهه بيديه إذا فرغ في الوتر. فقال: لم أسمع فيه بشيء، ورأيت أحمد لا يفعله. قال: وعيسى بن ميمون هذا الذي روى حديث ابن عباس ليس هو ممن يحتج بحديثه، وكذلك صالح بن حسان، وسئل مالك عن الرجل يمسح بكفيه وجهه عند الدعاء، فأنكر ذلك، وقال: ما علمت، وسئل عبد الله عن الرجل، يبسط يديه فيدعو ثم يمسح بهما وجهه، فقال: كره ذلك سفيان " ا. هـ
فتأمل تعليل أحمد عدم المسح بضعف الرواية يتبين لك المراد
وتأمل أيضا ما نقله ابن قدامة عن أحمد وإن كان في المسح داخل الصلاة
ففي المغني:
" وَإِذَا فَرَغَ مِنْ الْقُنُوتِ فَهَلْ يَمْسَحُ وَجْهَهُ بِيَدِهِ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ [يعني في المذهب]: إحْدَاهُمَا، لَا يُفْعَلُ؛ لِأَنَّهُ رُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ قَالَ: لَمْ أَسْمَعْ فِيهِ بِشَيْءٍ.
وَلِأَنَّهُ دُعَاءٌ فِي الصَّلَاةِ، فَلَمْ يُسْتَحَبَّ مَسْحُ وَجْهِهِ فِيهِ، كَسَائِرِ دُعَائِهَا الثَّانِيَةُ: يُسْتَحَبُّ؛ لِلْخَبَرِ الَّذِي رَوَيْنَاهُ.
وَرَوَى السَّائِبُ بْنُ يَزِيدَ، {أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إذَا دَعَا رَفَعَ يَدَيْهِ، وَمَسَحَ وَجْهَهُ بِيَدَيْهِ}.
وَلِأَنَّهُ دُعَاءٌ يَرْفَعُ يَدَيْهِ فِيهِ، فَيَمْسَحُ بِهِمَا وَجْهَهُ، كَمَا لَوْ كَانَ خَارِجًا عَنْ الصَّلَاةِ، وَفَارَقَ سَائِرَ الدُّعَاءِ، فَإِنَّهُ لَا يَرْفَعُ يَدَيْهِ فِيهِ ا. هـ
تأمل قوله:
" لَا يُفْعَلُ؛ لِأَنَّهُ رُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ قَالَ: لَمْ أَسْمَعْ فِيهِ بِشَيْءٍ "
وقوله: " الثَّانِيَةُ: يُسْتَحَبُّ؛ لِلْخَبَرِ الَّذِي رَوَيْنَاهُ "
فالمنع لعدم وجود دليل، والإستحباب عند وجود الدليل
فلا يوجد ما ينادي به الأستاذ من أنه لا يلزم وجود دليل خاص وإنما تكفي الأدلة العامة وإن لم توجد فيكفي أن لا تصادم أصول الشرع
فهذا التأصيل البدعي لا يوجد عند السلف قاطبة ولا عند من جاء بعدهم ممن سار على منهجهم وإنما هو تأصيل بدعي حادث لا يشهد له إلا بعض التطبيقات الخاطئة الشاذة لدي بعض متأخري أهل العلم التي تصادم عامة تطبيقات أهل العلم سلفا وخلفا
فإلصاق هذا الأصل المبتدع الحادث بأحمد بن حنبل وإسحاق خطأ فادح
أما الأقوال الأخرى عن أهل العلم فهو لون آخر من الأمانة العلمية ضرب به الأستاذ المثل، وأبرز ذلك قول العز بن عبد السلام في المسألة فلقد ملأ الأستاذ حلقته إشادة بالعز ومذهبه في البدعة وعندما وصل إلى هذه المسألة سكت عن العز مع أن تطبيقه هنا مهم جدا
فأين الأمانة؟ أين أمانة العلم يا أستاذ؟
حسبنا الله ونعم الوكيل
قال في مغني المحتاج من كتب الشافعية
" وَأَمَّا مَسْحُ الْوَجْهِ عَقِبَ الدُّعَاءِ خَارِجَ الصَّلَاةِ، فَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بَعْدَ نَهْيِهِ عَنْهُ لَا يَفْعَلُهُ إلَّا جَاهِلٌ ا هـ.
وهو في فتاوى العز نفسها ص 392
وقال شيخ الإسلام:
" وأما رفع النبي صلى الله عليه و سلم يديه في الدعاء: فقد جاء فيه أحاديث كثيرة صحيحة وأما مسحه وجهه بيديه فليس عنه فيه إلا حديث أو حديثان لا يقوم بهما حجة والله أعلم "
فتاوى ابن تيمية
أما التعريف يوم عرفة في غير عرفة فأقوال السلف في إنكاره وبدعيته كثيرة نقلها أبوشامة وابن تيمية وهي بأسانيدها في مصنف ابن أبي شيبة وغيره وستأتي في التطبيقات وهي تبطل ما صوره الأستاذ للمشاهد
الانتقائية منه في عرض مواقف أهل العلم:
طبعا الأستاذ نقل في الحلقة عدة أقوال عن جماعة من العلماء وسبق بيان ما قام به من انتقاء في الأمثلة التي ساقها بما أظنه كاف في بيان حاله.
¥