" ولانتشار البدع فى الموالد أنكرها العلماء، حتى أنكروا أصل إقامة المولد، ومنهم الفقيه المالكى تاج الدين عمر بن على اللخمى الإِسكندرى المعروف بالفاكهانى، المتوفى سنة 731 هـ، فكتب فى ذلك رسالته " المورد فى الكلام على المولد" أوردها السيوطى بنصها فى كتابه " حسن المقصد".
وقال الشيخ محمد الفاضل بن عاشور: " وقد أتى القرن التاسع والناس بين مجيز ومانع .... " ا. هـ
وسبق إنكار شيخ الإسلام ابن تيمية له والإمام الشاطبي والعلامة ابن الحاج أيضا والشيخ محمد بشير السهسواني الهندي في كتابه " صيانة الإنسان " والعلامة الحفار المالكي والعلامة القشيري وغيرهم
ولا زال أنصار شيخ الإسلام من بعده ينكرونه بما في ذلك مدرسة الشيخ محمد بن عبد الوهاب وتتابع على ذلك تلاميذ هذه المدرسة حتى وقت الشيخ محمد بن إبراهيم وإلى وقتنا هذا والتي مقرها أرض الوحي والحرمين وهي قلب بلاد الإسلام وهذا جزء مهم من الأمة
فهل يقال فيما كان هذا حاله أنه تلقته الأمة بالقبول؟
لا أدري لماذا الأستاذ يستكثر من هذا الكلام الذي ليس له صلة بالواقع؟
سادسا: أما ما اقترفه الأستاذ من أمور رئيسية حول أصل الموضوع فيتمثل في التالي:
ـ الخلط بين مفهوم البدعة اللغوية والبدعة الشرعية وعدم التمييز بينهما تجاهلا للفروق التي ذكرها من احتج بهم الأستاذ ونقل عنهم
ـ تقسيم البدعة الشرعية إلى بدعة محمودة وبدعة مذمومة
كثمرة لذلك الخلط.
ـ هجر الأستاذ للتعريف الصريح الخاص بالبدعة الشرعية وترك الإشارة إليه مطلقا هجرا كاملا بل وإيهامه بعدمه
ـ إنكار الأستاذ البدعة الإضافية والكلام سيأتي عليها مستوفى إذ هو
لب الموضوع.
ـ هجر أصل شرعي هام في الموضوع وهو قولهم: (الأصل في العبادات المنع والتوقيف) إضافة إلى إغفال شرطي قبول العبادة مع شديد صلة ذلك بالموضوع وهما الاخلاص والمتابعة
ـ هجر أهم مصادر كتبت في الموضوع، ككتاب البدع والنهي عنها لابن وضاح، وكتاب الحوادث للطرطوشي، والكتاب العجيب الذي هو زبدة مذهب السلف كتاب الاعتصام للإمام الجهبذ أبي إسحاق الشاطبي، وكتاب اقتضاء الصراط المستقيم لشيخ الإسلام وكتاب الأمر بالاتباع والنهي عن الابتداع للسيوطي
ـ ترك أشهر وأهم ما ورد عن الصحابة من أمثلة لما حكموا عليه بالبدعة كأثر ابن مسعود مع المجتمعين للذكر في مسجد الكوفة، وكأثر ابن عمر مع الذي عطس وقال السلام على النبي وكأثر ابن عمر مع من يبغي في أذانه ومراده تغنيا كما جاء في بعض الروايات وترك أثارا كثيرة ستأتي لا تقل أهمية على هذه وإنما ذكرت هذه لشهرتها ولعلم الأستاذ ومن أعد له بها لكنها قلة الأمانة
بل ترك الجواب على أشهر الأدلة في المسألة وهو حديث النبي مع أولئك الثلاثة نفر الذين عزم أحدهم على عدم الزواج والآخر على عدم الفطر والثالث على عدم النوم بالليل.
فلم يذكره الأستاذ مطلقا فيما يخص معنى البدعة ولا ذكر علاقته بالبدعة مطلقا وإنما ذكره بطريقة خاطفة مستدلا به على معنى آخر جانبي وهو أن النبي لا يسكت عند صدور خطإ من صحابي فإذا أخطأ الصحابي بين النبي خطأه
أما هذه الأفعال من أي ناحية أنكرها النبي فقد أعرض عنه الأستاذ مكتفيا بقوله هذا الفعل أصله غلط ثم لم يزد حرفا، وأنى له وهو يعارض مذهبه كما سيأتي إيضاحه.
وإليك تفصيل ما سبق مما يحتاج إلى بسط
1ـ الخلط بين مفهوم البدعة اللغوية والبدعة الشرعية وعدم تمييز الأستاذ بينهما وتجاهله للفروق التي ذكرها من نقل عنهم واحتج بهم
فقد عرف الأستاذ البدعة لغة بأنها ما اخترع وليس له مثال سابق
ثم جاء يعرفها في الدين فقال:
" طيب في الدين يعني اصطلاحا في الدين، المعنى الشرعي للبدعة ... "
فذكر مقدمة خفيفة ثم شرع فذكر تعريف الشافعي ضمن هذا ثم تعريفات أخرى لأبي شامة والعز بن عبد السلام وغيرهما
وتجتمع أغلب التعريفات التي ذكرها في اتفاقها على تقسيم البدعة إلى حسنة وسيئة، محمودة ومذمومة
واعتبار هذه التعريفات تعريفات للبدعة الشرعية فقط هو خلط واضح لا يختلف فيه اثنان من المتخصصين في العلم
إذ التعريفات هي تعريفات عامة شاملة للبدعة اللغوية فاللغوية هي التي قد تكون حسنة أما البدعة شرعا فليس فيها حسن بلا خلاف بين السلف
قال الإمام ابن رجب في جامع العلوم:
¥