تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وكل ما سبق في الفقرة السابقة من أقوال الأئمة إضافة لما أشرنا إليه من الأدلة يبين لك أن البدعة الشرعية لا تكون إلا مذمومة ولا تكون إلا ضلالة وليس فيها محمود

وإليك طرفا من أقوال العلماء الأخرى.

نقل غير واحد من أئمة المالكية أن متقدمي المالكية متفقون على أن البدع الشرعية كلها ليس فيها حسن أو محمود

وقال الحافظ ابن رجب:

" فقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((كلُّ بدعة ضلالة)) من جوامع الكلم لا يخرج عنه شيءٌ، وهو أصلٌ عظيمٌ من أصول الدِّين، وهو شبيهٌ بقوله: ((مَنْ أَحْدَثَ في أَمْرِنا ما لَيسَ مِنهُ فَهو رَدٌّ)) ((2))، فكلُّ من أحدث شيئاً، ونسبه إلى الدِّين، ولم يكن له أصلٌ من الدِّين يرجع إليه، فهو ضلالةٌ، والدِّينُ بريءٌ منه، وسواءٌ في ذلك مسائلُ الاعتقادات، أو الأعمال، أو الأقوال الظاهرة والباطنة ...

وأما ما وقع في كلام السَّلف مِنِ استحسان بعض البدع، فإنَّما ذلك في البدع اللُّغوية، لا الشرعية " ا. هـ

وقال الإمام الشاطبي رحمه الله:

" والجواب:

أن هذا التقسيم أمر مخترع، لا يدل عليه دليل شرعي، بل هو نفسه متدافع، لأن من حقيقة البدعة أن لا يدل عليها دليل شرعي لا من نصوص الشرع ولا من قواعده.

إذ لو كان هنالك ما يدل من الشرع على وجوب أو ندب أو إباحة لما كان ثم بدعة، ولكان العمل داخلا في عموم الأعمال المأمورة بها أو المخير فيها، فالجمع بين عد تلك الأشياء بدعا وبين كون الأدلة تدل على وجوبها أو ندبها أو إباحتها جمع بين متنافيين " ا. هـ

وقال الإمام الشاطبي:

" الباب الثالث:

في أن ذم البدع والمحدثات عام لا يخص محدثة دون غيرها ويدخل تحت هذه الترجمة جملة من شبه المبتدعة التي احتجوا بها

فاعلموا ـ رحمكم الله ـ أن ما تقدم من الأدلة حجة في عموم الذم من أوجه:

أحدها: أنها جاءت مطلقة عامة على كثرتها لم يقع فيها استثناء البتة، ولم يأت فيها ما يقتضي أن منها ما هو هدى، ولا جاء فيها: (كل بدعة ضلالة إلا كذا وكذا) ولا شيء من هذه المعاني فلو كان هنالك محدثة يقتضي النظر الشرعي فيها الاستحسان أو أنها لاحقة بالمشروعات لذكر ذلك في آية أو حديث، لكنه لا يوجد فدل على أن تلك الأدلة بأسرها على حقيقة ظاهرها من الكلية التي لا يتخلف عن مقتضاها فرد من الأفراد

والثاني: أنه قد ثبت في الأصول العلمية أن كل قاعدة كلية أو دليل شرعي كلي إذا تكررت في مواضيع كثيرة وأتى بها شواهد على معان أصولية أو فروعية ولم يقترن بها تقييد ولا تخصيص مع تكررها وإعادة تقررها فذلك دليل على بقائها على مقتضى لفظها من العموم، كقوله تعالى: (ألا تزر وازرة وزر أخرى * وأن ليس للإنسان إلا ما سعى) وما أشبه ذلك.

وبسط الاستدلال على ذلك هناك فيما نحن بصدده من هذا القبيل إذ جاء في الأحاديث المتعددة والمتكررة في أوقات شتى وبحسب الأحوال المختلفة:

أن كل بدعة ضلالة وأن كل محدثة بدعة وما كان نحو ذلك من العبارات الدالة على أن البدع مذمومة، ولم يأت في آية ولا حديث تقييد ولا تخصيص ولا ما يفهم منه خلاف ظاهر الكلية فيها فدل ذلك دلالة واضحة على أنها على عمومها وإطلاقها

والثالث: إجماع السلف الصالح من الصحابة والتابعين ومن يليهم على ذمها كذلك وتقبيحها والهروب عنها وعمن اتسم بشيء منها، ولم يقع منهم في ذلك توقف ولا مثنوية فهو ـ بحسب الاستقراء ـ إجماع ثابت فدل على أن كل بدعة ليست بحق بل هي من الباطل"

وقال شيخ الإسلام في الاقتضاء:

" واعلم أن هذه القاعدة وهي الاستدلال بكون الشيء بدعة على كراهته قاعدة عامة عظيمة وتمامها بالجواب عما يعارضها "

إلى أن قال:

" وهؤلاء المعارضون يقولون ليست كل بدعة ضلالة

والجواب:

أما أن القول أن شر الأمور محدثاتها وأن كل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار والتحذير من الأمور المحدثات فهذا نص رسول الله صلى الله عليه و سلم فلا يحل لأحد أن يدفع دلالته على ذم البدع ومن نازع في دلالته فهو مراغم "

إلى أن قال:

" وأيضا لا يجوز حمل قوله صلى الله عليه و سلم كل بدعة ضلالة على البدعة التي نهى عنها بخصوصها!

لأن هذا تعطيل لفائدة هذا الحديث، فإن ما نُهي عنه من الكفر والفسوق وأنواع المعاصي قد علم بذلك النهي أنه قد حُرّم سواء كان بدعة أو لم يكن بدعة!

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير