تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فإذا كان لا منكر في الدين إلا ما نهى عنه بخصوصه!

سواء كان مفعولا على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أو لم يكن!

وما نهى عنه فهو منكر سواء كان بدعة أو لم يكن!

صار وصف البدعة عديم التأثير لا يدل وجوده على القبح ولا عدمه على الحسن!

بل يكون قوله كل بدعة ضلالة بمنزلة قوله كل عادة ضلالة!

أو كل ما عليه العرب والعجم فهو ضلالة!

ويراد بذلك أن ما نهى عنه من ذلك فهو الضلالة

وهذا تعطيل للنصوص من نوع التحريف والإلحاد ليس من نوع التأويل السائغ وفيه من المفاسد أشياء:

أحدها: سقوط الاعتماد على هذا الحديث!

فإن ما علم أنه منهي عنه بخصوصه فقد علم حكمه بذلك النهي، وما لم يعلم فلا يندرج في هذا الحديث!

فلا يبقى في هذا الحديث فائدة مع كون النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يخطب به في الجمع ويعده من جوامع الكلم

الثاني: أن لفظ البدعة ومعناها يكون اسما عديم التأثير فتعليق الحكم بهذا اللفظ أو المعنى تعليق له بما لا تأثير له كسائر الصفات العديمة التأثير

الثالث: أن الخطاب بمثل هذا إذا لم يقصد إلا الوصف الآخر وهو كونه منهيا عنه [فهو] كتمان لما يجب بيانه وبيان لما لم يقصد ظاهره فإن البدعة والنهي الخاص بينهما عموم وخصوص، إذ ليس كل بدعة جاء عنها نهي خاص وليس كل ما جاء فيه نهي خاص بدعة

فالتكلم بأحد الاسمين وإرادة الآخر تلبيس محض لا يسوغ للمتكلم إلا أن يكون مدلسا كما لو قال الأسود وعنى به الفرس أو الفرس وعنى به الأسود

الرابع: أن قوله كل بدعة ضلالة وإياكم ومحدثات الأمور إذا أراد بهذا ما فيه نهي خاص كان قد أحالهم في معرفة المراد بهذا الحديث على مالا يكاد يحيط به أحد ولا يحيط بأكثره إلا خواص الأمة ومثل هذا لا يجوز بحال

الخامس: أنه إذا أريد به ما فيه النهي الخاص كان ذلك أقل مما ليس فيه نهي خاص من البدع فإنك لو تأملت البدع التي نهى عنها بأعيانها وما لم ينه عنها بأعيانها وجدت هذا الضرب هو الأكثر واللفظ العام لا يجوز أن يراد به الصور القليلة أو النادرة

فهذه الوجوه وغيرها توجب القطع بأن هذا التأويل فاسد لا يجوز حمل الحديث عليه سواء أراد المتأول أن يعضد التأويل بدليل صارف أو لم يعضده فإن على المتأول بيان جواز إرادة المعنى الذي حمل الحديث عليه من ذلك الحديث ثم بيان الدليل الصارف له إلى ذلك

وهذه الوجوه تمنع جواز إرادة هذا المعنى بالحديث " ا. هـ

وقال:

" ولا يحل لأحد أن يقابل هذه الكلمة الجامعة من رسول الله صلى الله عليه و سلم الكلية وهي قوله كل بدعة ضلالة بسلب عمومها وهو أن يقال ليست كل بدعة ضلالة فإن هذا إلى مشاقة الرسول أقرب منه إلى التأويل ...

فإنَّ قَصْد التعميم المحيط ظاهر من نص رسول الله صلى الله عليه و سلم بهذه الكلمة الجامعة فلا يعدل عن مقصوده بأبي هو وأمي صلى الله عليه و سلم " ا. هـ

وقال الحافظ في الفتح:

" فَالْبِدْعَة فِي عُرْف الشَّرْع مَذْمُومَة "

و قال الحافظ ابن حجر:

" تطلق في الشرع في مقابل السنة فتكون مذمومة "

وقال كما سبق:

" وَأَمَّا " الْبِدَع " فَهُوَ جَمْع بِدْعَة وَهِيَ كُلّ شَيْء لَيْسَ لَهُ مِثَال تَقَدَّمَ فَيَشْمَل لُغَة مَا يُحْمَد وَيُذَمّ، وَيَخْتَصّ فِي عُرْف أَهْل الشَّرْع بِمَا يُذَمّ وَإِنْ وَرَدَتْ فِي الْمَحْمُود فَعَلَى مَعْنَاهَا اللُّغَويِ " ا. هـ

وممن تعقب تقسيم العز بن عبد السلام للبدعة إلى أحكام الشريعة الخمسة العلامة زروق في " شرح رسالة القيرواني قال بعد ذكر هذا التقسيم متعقبا:

(قال المحققون: إنما تدور ـ أي البدعة ـ بين محرم ومكروه؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: " كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة " ا. هـ

وأنبه إلى أن الانكار على تقسيم العز إنما هو باعتبار ما يجره من إيهام بأن التقسيم يخص البدعة الشرعية وإنكاره بهذا المعنى حق لا غبار عليه أما بالنظر إلى أنه تقسيم عام شامل للبدعية اللغوية ونظن أنه مراد العز فهذا لا إشكال فيه في ذاته ولكن ننفر عنه لما يحدثه من إيهام اختصاصه بالبدعة الشرعية.

وقال العلامة أبو الطيب آبادي في عون المعبود شرح سنن أبي داود:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير