تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

" وفي هذه الأزمان التي بَعُدَ العهد فيها بعُلوم السلف يتعيَّن ضبطُ ما نُقِلَ عنهم مِنْ ذلك كلِّه، ليتميَّزَ به ما كان من العلم موجوداً في زمانهم، وما حدث من ذلك بعدَهم، فيُعْلَم بذلك السنةُ من البدعة ا. هـ

وقال في البحر الرائق:

" وَظَاهِرُ مَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ اخْتِيَارُ أَنَّهُ بِدْعَةٌ فَإِنَّهُ قَالَ:

قَالَ بَعْضُ الْحُفَّاظِ: لَمْ يَثْبُتْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ طَرِيقٍ صَحِيحٍ وَلَا ضَعِيفٍ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ عِنْدَ الِافْتِتَاحِ أُصَلِّي كَذَا وَلَا عَنْ أَحَدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ بَلْ الْمَنْقُولُ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إذَا قَامَ إلَى الصَّلَاةِ كَبَّرَ وَهَذِهِ بِدْعَةٌ.

وَسُئِلَ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ عَنْ الرَّجُل يَذْكُرُ فَيَقُولُ: اللَّهُ اللَّهُ وَيَقْتَصِرُ عَلَى ذَلِكَ هَلْ هُوَ مِثْلُ قَوْلِهِ سُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَاَللَّهُ أَكْبَرُ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ أَمْ لَا؟ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ بِمَثَابَتِهِ فَهَلْ هُوَ بِدْعَةٌ لَمْ تُنْقَلْ عَنْ السَّلَفِ أَمْ لَا؟ فَأَجَابَ هَذِهِ بِدْعَةٌ لَمْ تُنْقَلْ عَنْ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا عَنْ أَحَدٍ مِنْ السَّلَفِ وَإِنَّمَا يَفْعَلُهُ الْجَهَلَةُ، وَالذِّكْرُ الْمَشْرُوعُ كُلُّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ جُمْلَةً فِعْلِيَّةً أَوْ اسْمِيَّةً وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَأَذْكَارِ الْأَنْبِيَاءِ، وَالْخَيْرُ كُلُّهُ فِي اتِّبَاعِ الرَّسُولِ وَاتِّبَاعِ السَّلَفِ الصَّالِحِينَ دُونَ الْأَغْبِيَاءِ مِنْ الْجَاهِلِينَ انْتَهَى.

والأمثلة على هذا يعسر حصرها والله كلها تدل على أن السلف يعللون تبديعهم للأعمال ويُرجعون سبب حكمهم بالبدعة لكونها محدثة لم تكن على عهد رسول الله ولا صحابته

ولكون هذه الأمثلة لا تحصر فإني أعتبر تشنيع الأستاذ في هذا على مخالفه ودعواه أن هذا لا يوجد هو استخفاف بالقناة التي جعلها منبرا للخلط بل واستخاف بالشرع قبل ذلك واستخفاف بالمسلمين كافة

ـ ومما يجلّي مفهوم البدعة عند السلف أيضا أنهم حتى فيما ثبت عن النبي من عمله أو اختلفوا في ثبوته عن النبي نجدهم يحكمون ببدعيته بمجرد عدم علمهم بأنه ثابت، أو ترجيحهم عدم ثبوته.

وهذا يدل بجلاء على أنه حتى ما كان لا ينافي أصول الشرع فإنهم يعتبرونه بدعة ما دام أنه حسب علمهم محدث.

ولو كانوا يراعون ما جاءت به النصوص العامة وما لا يصادم أصول الشرع كما زعم المخالف لما حكموا بالبدعة على تلك الأعمال لمجرد عدم علمهم بالنصوص الخاصة مع أنها جاءت بها النصوص العامة وهذا يبطل مزاعم المخالفين.

وأكتفي بمثال واحد من بين أمثلة كثيرة تركتها خشية الإطالة.

فعن عائشة وبعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ورضي عنهن أمرن بجنازة سعد بن مالك رضي الله عنه أن يُمَر بها عليهن، فمُر به في المسجد فجعل يوقف على الحجر فيصلين عليه

ثم بلغ عائشة رضي الله عنها أن بعض الناس عاب ذلك وقال هذه بدعة ما كانت الجنازة تدخل المسجد

فقالت: ما أسرع الناس إلى أن يعيبوا ما لاعلم لهم به عابوا علينا أن دعونا بجنازة سعد تدخل المسجد وما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على سهيل ابن بيضاء إلا في جوف المسجد

فهل كانت صلاة الجنازة في المسجد تصادم أصول الشرع حتى حكم أولئك ببدعيتها أو إنكارها؟

4ـ إنكاره للبدعة الإضافية

أنكر الأستاذ وجود ما يسمى بالبدعة الإضافية والتي تصدق على أكثر الأمثلة في هذا الباب، بل هي المقصودة بكل ما سبق وسيأتي، وهذه نتيجة حتمية لما طرحه من مفهوم للبدعة مخالف لما كان عليه السلف بل لما كان عليه عامة أهل العلم المحققين، وبيانه كالتالي

البدعة الاضافية هي ما كان أصله مشروعا كالاعتكاف بصورته الشرعية، ولكن على وجه محدث كأن يكون في غير المسجد

فسيأتي عن ابن عباس حكمه عليه بالبدعة لأن المكان محدث لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يعتكف في غير المسجد يعني الاعتكاف المخصوص في السنة

فمع أن الاعتكاف عبادة لكن فعله على وجه محدث صيره بدعة وهذه هي البدعة الاضافية.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير