حدثنا إسحاق، عن عبد الرزاق، عن معمر، عن الحسن، قال: «أدركت أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم يستحبون خفض الصوت عند الجنائز، وعند قراءة القرآن، وعند القتال» وكره سعيد بن المسيب، وسعيد بن جبير والحسن البصري والنخعي وأحمد وإسحاق قول القائل خلف الجنازة: استغفروا له قال عطاء: محدثة، وقال الأوزاعي: بدعة، وقال النخعي: كانوا إذا شهدوا جنازة عرف ذلك فيهم ثلاثا قال أبو بكر: ونحن نكره من ذلك ما كرهوا إلا أن ذلك الشيء أحدث ا. هـ
ثم ذكر عن أبي هريرة استغفاره في جنازة لرجل كان شاربا للخمر وفيه قول أبي هريرة: فإنما يُستغفر لمسيء مثله"
فاتخاذها مع كل جنازة بدعة محدثة بلا خلاف.
وفي الشرح الكبير لابن قدامة:
(فصل) ويكره رفع الصوت عند الجنائز لنهي النبي صلى الله عليه وسلم أن تتبع الجنائز بصوت، قال ابن المنذر: روينا عن قيس بن عباد انه قال: كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يكرهون رفع الصوت عند ثلاث: عند الجنائز، وعند الذكر، وعند القتال.
وكره سعيد بن المسيب وسعيد بن جبير والحسن والنخعي وإمامنا وإسحق قول القائل خلف الجنازة استغفروا له.
قال الاوزاعي بدعة.
وقال سعيد بن المسيب في مرضه إياي وحاديهم هذا الذي يحدو لهم يقول استغفروا له غفر الله لكم.
وقال فضيل بن عمرو بينا ابن عمر في جنازة إذ سمع قائلا يقول: استغفروا له غفر الله لكم.
فقال ابن عمر لا غفر الله لك.
رواهما سعيد.
قال أحمد ولا يقول خلف الجنازة سلم رحمك الله فانه بدعة ا. هـ
فلماذا لم يكتف هؤلاء بالنصوص العامة ويجوزوا ما استنكروه؟
لماذا حكموا بالبدعية مع مجيء النصوص العامة تحث على ما حكموا ببدعيته؟
لا جواب إلا لأنه محدث مخالف لما كان عليه السلف وتأمل عدم تهوينهم من الأمر
ـ وعند عبد الرزاق عن ابن جريج قال: قلت لعطاء: دعاء أهل مكة بعدما يفزعون من الوتر في شهر رمضان؟ قال: بدعة، قال: أدركت الناس وما يصنع ذلك بمكة، حتى أحدث حديثا.
وإسناده صحيح
فها هو الدعاء وهو مأمور به في النصوص العامة ومع هذا حكموا ببدعيته لأجل تخصيصه بعقب الوتر دون دليل
ـ وعن محمد بن عبيد عن الاعمش قال: سئل إبراهيم عن الامام إذا سلم فيقول: صلى الله على محمد لا إله إلا الله فقال: ما كان من قبلهم يصنع هكذا.
وعن محمد بن عبيد عن الاعمش عن عطاء بن السائب عن أبي البختري قال: هذه بدعة.
وكلاهما صحيح والأعمش ممن سمع من عطاء قبل اختلاطه
فانظر أخي الكريم إلى هذين التابعيين وكيف أنكرا هذا التخصيص وعده كلاهما محدثا وهو بدعة كما هي عبارة التابعي الكبير أبي البختري
ـ قال ابن أبي شيبة:
حدثنا وكيع عن مسعر عن ابن الاصبهاني عن أبي عبد الرحمن أنه رأى رجلا يدعو قائما بعد ما انصرف فسبه أو شتمه.
حدثنا وكيع عن مسعر عن الحكم عن عبدة بن أبي لبابة عن عبد الرحمن بن يزيد أنه كرهه.
حدثنا غندر عن شعبة قال قلت للمغيرة أكان إبراهيم يكره إذا انصرف أن يقوم مستقبل القبلة يرفع يديه قال نعم.
وهذا عن تخصيص دبر الصلاة بالدعاء قياما على انفراد، والآثار المذكورة كلها صحيحة
ـ وقال في البحر الرائق من كتب الأحناف:
قَالَ الْحَلَبِيُّ وَمِنْ الْمَكْرُوهِ مَا يَفْعَلُهُ بَعْضُ الْجُهَّالِ مِنْ صَلَاةِ رَكْعَتَيْنِ مُنْفَرِدًا بَعْدَ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ لِأَنَّهَا بِدْعَةٌ مَعَ مُخَالَفَةِ الْإِمَامِ وَالصَّفِّ ا هـ
يريد بين الترويحات
ـ وعن تخصيص حالة الصعود على المنبر بأفعال محدثة
قال أبو شامة
" فمن البدع دق الخطيب المنير عند صعوده في ثلاث مرات بأسفل سيفه دقا مزعجا فاصل بين كل ضربتين بقليل من الزمان ومنها تباطؤه في الطلوع ... "
وبنحوه قال السيوطي في كتابه الأمر بالاتباع والنهي عن الابتداع
وقال الصنعاني في سبل السلام
" وَيُكْرَهُ دَقُّ الْمِنْبَرِ بِالسَّيْفِ إذْ لَمْ يُؤْثَرْ فَهُوَ بِدْعَةٌ "
ـ وعن تخصيص درجات المنبر بالدعاء حال الصعود ورفع الناس أيديهم كذلك حال دعائه
قال أبو شامة عن بدع بعض الخطباء
" واشتغاله بالدعاء قبل الإقبال على الناس والسلام عليهم وأما رفع أيديهم عند الدعاء فبدعة قديمة "
ـ وكذا الاستغفار الجماعي
¥