وحدثني عن موسى، عن ابن مهدي، عن أبي سليمان، عن يزيد الرشك، عن خالد الأشج ابن أخي صفوان بن محرز قال: «كنا في مسجد المدينة، وقاص لنا يقص علينا، فجعل يختصر سجود القرآن فيسجد ونسجد معه، إذ جاء شيخ فقام علينا فقال:» لئن كنتم على شيء، إنكم لأفضل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسألنا عنه فقلنا: من هذا الشيخ؟ فقالوا: هذا عبد الله بن عمر «
حدثني ابن وضاح، عن أبي أيوب الدمشقي سليمان بن شرحبيل قال: نا ضمرة بن ربيعة، قال سمعت سفيان الثوري، وسأله عمر بن العلاء اليماني فقال: «يا أبا عبد الله أستقبل القاص؟ فقال:» ولوا البدع ظهوركم «
وقال ابن وضاح: عن عبد الله بن محمد قال: نا شبابة قال: نا شعبة قال: نا عقبة بن جرير قال سمعت ابن عمر وجاء رجل قاص فجلس في مجلسه، فقال له ابن عمر: «قم من مجلسنا، فأبى (1) أن يقوم، فأرسل ابن عمر إلى صاحب الشرطة: أقم القاص، قال: فبعث إليه فأقامه»
حدثني محمد بن وضاح، عن عبد الله بن محمد قال: ثنا شريك، عن إبراهيم، عن مجاهد قال: «دخل قاص فجلس قريبا من ابن عمر، فقال له:» قم، فأبى (1) أن يقوم، فأرسل إليه شرطيا فأقامه «. وسمعت ابن وضاح يقول في القصاص:» لا ينبغي لهم أن يبيتوا في المساجد، ولا يتركوا أن يبيتوا فيها «ا. هـ
مع أن القََصَص المنضبط بالروايات المظنون ثبوتها، البعيدة عن استرخاص كل خيال، قد جوزه بعض أتباع التابعين لنفعه للعامة ولثبوت أصله، ومنهم الإمام أحمد فلم تخل الأحاديث المرفوعة من قصص بل والقرآن فمتى ما كان منضبطا جاز وليس هذا من الإستدلال بالعام بل بالنصوص الخاصة ولكن الذي أنكره السلف هو التوسع وإفراده كطريقة للوعظ بما جعله هيئة محدثة.
فمن جرّد وعظه إلا من القصص المستمد من الواقع كان فِعْله أشبه بما أنكره السلف
وعلى كل فإنكار هؤلاء السلف من صحابة وتابعين دال على مفهوم البدعة عندهم
ـ وعن القيام بالعمل في غير ما شرع له
قال في البحر الرائق من كتب الحنفية:
" الِاسْتِنْجَاءَ لَا يُسَنُّ إلَّا مِنْ حَدَثٍ خَارِجٍ مِنْ أَحَدِ السَّبِيلَيْنِ غَيْرِ الرِّيحِ؛ لِأَنَّ بِخُرُوجِ الرِّيحِ لَا يَكُونُ عَلَى السَّبِيلِ شَيْءٌ فَلَا يُسَنُّ مِنْهُ بَلْ هُوَ بِدْعَةٌ " ا. هـ
ـ وعن تذكير المؤذن للناس بالصلاة على سبيل المداومة في غير ما ورد به التذكير
روى البيهقي وغيره عن مجاهد قال كنت مع ابن عمر فثوب رجل في الظهر أو العصر فقال اخرج بنا فان هذه بدعة.
قال الشاطبي في الاعتصام:
" وحكى ابن وضاح قال: ثوب المؤذن بالمدينة في زمان مالك، فأرسل إليه مالك فجاءه، فقال له مالك: ما هذا الذي تفعل؟ فقال: أردت أن يعرف الناس طلوع الفجر فيقومون. فقال له مالك: لا تفعل، لا تحدث في بلدنا شيئا لم يكن فيه، قد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذا البلد عشر سنين وأبو بكر وعمر وعثمان فلم يفعلوا هذا، فلا تحدث في بلدنا ما لم يكن فيه.
فكف المؤذن عن ذلك وأقام زماناً، ثم إنه تنحنح في المنارة عند طلوع الفجر، فأرسل إليه مالك فقال له: ما الذي تفعل؟ قال: أردت أن يعرف الناس طلوع الفجر. فقال له: ألم أنهك أن لا تحدث عندنا ما لم يكن؟ فقال: إنما نهيتني عن التثويب. فقال له: لا تفعل.
فكف زماناً. ثم جعل يضرب الأبواب، فأرسل إليه مالك فقال: ما هذا الذي تفعل: أردت أن يعرف الناس طلوع الفجر. فقال له مالك: لا تفعل، لا تحدث في بلدنا ما لم يكن فيه.
قال ابن وضاح: وكان مالك يكره التثويب ـ قال ـ وإنما أحدث هذا بالعراق. قيل لابن وضاح: فهل كان يعمل به بمكة أو المدينة أو مصر أو غيرها من الأمصار؟ فقال: ما سمعته إلا عند بعض الكوفيين والإباضيين.
فتأمل كيف منع مالك من إحداث أمر يخفى شأنه عند الناظر فيه ببادىء الرأي وجعله أمراً محدثاً، وقد قال في التثويب: إنه ضلال، وهو بين، لأن:
" كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة" ولم يسامح للمؤذن في التنحنح ولا في ضرب الأبواب، لأن ذلك جدير بأن يتخذ سنة ا. هـ
مع أن تذكير الناس بالطاعة ومعاونتهم عليها من أشهر ما جاءت به النصوص العامة فلماذا بدعه ابن عمر
¥