تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[ابوالعلياءالواحدي]ــــــــ[02 - 07 - 09, 10:33 م]ـ

قال الشيخ الإمام الزاهد أبوبكر الكلاباذي رحمه الله تعالى: روت الأئمة هذا الحديث من وجوه كثيرة، ووضعوه في كتبهم وصححوه، وعدلوا روايته، واستفظعه قوم فجحدوه، وأنكروه فردوه لضيق صدورهم، وقصور علمهم، وقلة معرفتهم بالحديث، وهذا الحديث ما أدخلوه في الصحاح حتى رضوا إسناده،وهم أهل العلم بالحديث، وأهل المعرفة بالرجال، والحديث إذا صح من جهة النقل فإنه يجب قبوله ...... فإن في رده تكذيب الأئمة وجرح عدول الأئمة. ..... وهذا الحديث له في كتاب الله نصا نظيره قال تعالى في خبر موسى وهارون عليهما السلام ولما رجع موسى إلى قومه غضبان أسفا (3) إلى قوله وأخذ برأس أخيه يجره إليه وقال يا ابن أم لا تأخذ بلحيتي ولا برأسي (4). وليس الجر إليك بالخشونة والغلظة بأقل من الدفع عنك بالخشونة والغلظة، وهو الصك واللطم، دفع عنك بغلظة وخشونة فما سواه، وليس هارون بأدون منزلة من ملك الموت صلوات الله عليهما، بل هو أجل قدرا منه، وأعلى مرتبة، وأبين فضلا عند أكثر علماء الأمة من أهل النظر والأثر؛ لأنه صلى الله عليه وسلم نبي مرسل قال الله تعالى ثم أرسلنا موسى وأخاه هارون بآياتنا وسلطان مبين إلى فرعون وملئه (5)، وهو مع جليل قدره في نبوته، وعلو درجته في رسالته أخو موسى لأبيه وأمه، وأكبر سنا منه. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «حق كبير الإخوة على صغيرهم كحق الوالد على ولده». فإذا أخبر الله تعالى عن موسى عليه السلام أنه أخذ برأسه ولحيته وجره إليه بعنف وغلظة حتى استعطفه عليه، واعتذر إليه، فقال يا ابن أم لا تأخذ بلحيتي ولا برأسي إني خشيت أن تقول فرقت بين بني إسرائيل ولم ترقب قولي، وقوله إن القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني فلا تشمت بي الأعداء، ولولا ذلك عسى كان يكون منه ما هو أعظم مما صنع به، ثم لم نجد في الكتاب ما يدل على عتاب الله إياه، ولا على توبته منه، ولو كان ذلك منه صغيرة أو زلة لظهر ذلك نصا في الكتاب أو دلالة، كما ذكر الله تعالى زلات الأنبياء صلوات الله عليهم ومعاتبته إياهم عليها، وتوبتهم منها إلى الله، ورجوعهم إليه، واستغفارهم إياه واعترافهم على أنفسهم بالظلم لها كما قال جل جلاله في قصة آدم صلوات الله عليه ألم أنهكما عن تلكما الشجرة (6)، هذا عتابه لهما من إملالها في الآيات، وقال تعالى في اعترافهما وتوبتهما ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين (7)، وقال تعالى في قصة نوح عليه السلام فلا تسألن ما ليس لك به علم إني أعظك أن تكون من الجاهلين (8)، وقال عز وجل في اعترافه وتوبته رب إني أعوذ بك أن أسألك ما ليس لي به علم وإلا تغفر لي وترحمني أكن من الخاسرين (9)، وفي قصة داود صلوات الله عليه وظن داود أنما فتناه فاستغفر ربه وخر راكعا وأناب (10) فغفر له ذلك، وقال عز وجل في موسى عليه السلام وقتله القبطي هذا من عمل الشيطان إنه عدو مضل مبين (11)، وقال تعالى رب إني ظلمت نفسي فاغفر لي (12)، فغفر له. فلو كان جره أخاه إليه وأخذه برأسه ولحيته زلة منه لظهر اعترافه على نفسه وتوبته إلى ربه، أو معاتبة الله إياه، فلما لم يكن دل أنه لم يكن منه معصية ولا زلة، كذلك صكه ملك الموت ولطمه إياه لأنهما عنفان، أحدهما بالدفع عنك، والآخر بالجر إليك كريمين إلى الله تعالى أحدهما رسول نبي، والآخر ملك زكي، وكما لم يرد في الكتاب عتاب ولا توبة، واعتراف في قصة الملك فما جاز في الكتاب من التأويل ساغ ذلك في الخبر إن شاء الله، وإنما لم يكن فعله صلى الله عليه وسلم بهارون مع عظيم حرمته لنبوته ورسالته وأخوته وقرابته وحق سنه زلة؛ لأنه عليه السلام غضب لله لا لنفسه، وكانت فيه حمية وغضب وعجلة وحدة كلها في الله ولله. ألا يرى إلى قوله تعالى وما أعجلك عن قومك يا موسى قال هم أولاء على أثري وعجلت إليك رب لترضى (13)، وخبر أن عجلته كان طلبا لرضاه، كذلك حدته وغضبه على أخيه وصنيعه به، ألا تراه يقول ما منعك إذ رأيتهم ضلوا ألا تتبعن أفعصيت أمري (14)، فكانت تلك الحدة منه والغضب فيه صفة مدح له لأنها كانت لله، وفي الله كما كانت رأفة النبي صلى الله عليه وسلم ورحمته في الله ولله، ثم كان يغضب حتى يحمر وجهه وتذر

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير