تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وهو اختيار شيخ الإسلام أبي العباس بن تيمية، وتلميذه العلامة ابن القيم، والنووي في"مجموعه"، والشيخ المجددمحمد بن عبد الوهاب، وكثير من أئمة التحقيق

قال العلامة صديق بن حسان البخاري في كتابه"حسن الأسوة": الراجح نهي النساء عن زيارة القبور وإليه ذهب عصابة أهل الحديث كثر الله سوادهم ".

قال العلامة المحدث أحمد شاكر في تعليقه علىالترمذي: " النهى ورد خاصًا بالنساء والإباحة لفظها عام والعام لا ينسخ الخاص بل الخاص حاكم عليه ومقيد له ".

وقد سئل سماحة مفتي الديار السعودية الشيخ العلامة محمد بن إبراهيم بن عبد اللطيف عن حكم وقوف النساء - عند دخولهنالمسجد النبوي الشريف - على قبر نبينا محمد صلى الله عليه وسلم فأجاب رحمه الله بفتوى قال فيها بعد أن ذكر أحاديث اللعن: "إن التعبير بروايةزائرات القبور يدل على عدم تخصيص النهى بالإكثار من الزيارة كما توهمه بعضهم من التعبير في الروايات الأخرى بلفظ " زوارات القبور" ثم قال بعد أن ذكرتحقيقًا جليًا في المسألة: " والخلاصة: أنه لا يجوز للنساء قصد القبور بحالة ولا يدخلن في عموم الإذن بل الإذن خاص بالرجال والله أعلم.

تخريج حديث اللعن: خلاصة ما ذكره أخونا الفاضل عبد الله بن زيد الخالدي في رسالته المفيدة (كشف الستور عن حكم زيارة النساء للقبور):

هذا الحديث روي عن كل من أبي هريرة وابن عباس رضي الله عنهم بلفظ: "لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم زوارات القبور وبلفظ: "لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم زائرات القبور ". كماصرح به الترمذي في"جامعه"، وابن ماجه في "سننه فلهذا قال الترمذي: "هذا حديث حسن صحيح لكثرة طرقه ".

وقال شيخ الإسلام تقي الدين بن تيمية رحمه الله تعالى: " هذا مع أنه ليس في الإسنادين من يتهم بالكذب ومثل هذاحجة بلا ريب، وهذا من أجود الحسن الذي شرطه الترمذي، فإنه جعل الحسن ما تعددتطرقه ولم يكن شاذًا، وهذا الحديث تعددت طرقه وليس فيها متهم ولا خالفه أحد من الثقات، هذا لو كان عن صاحب واحد فكيف إذا كان هذا رواه عن صاحب وذاك عن آخر فهذاكله يبين أن الحديث في الأصل معروف ".

وأما أبو صالح الراوي عن ابن عباس، فقد اختلف في اسمه على قولين:

القول الأول: أنه ميزان البصري أبو صالح، وبهذا جزم ابن حبان في الصحيح بعد أن أورد هذا الحديث من رواية عبد الوارث عن محمد بن جحادة، وأقره ابن القيم في " تهذيب سنن أبي داود " وقوّى هذا القول بأنه (ميزان) ولكن صحف في طبعة " مختصر سنن أبي داود " بلفظ: (مهران) والصحيح أنه (ميزان) كما في " تهذيب التهذيب " لابن حجر.

وميزان هذا قال فيه يحيى بن معين - وهو من أشد الناس مقالة في الرجال-: إنه ثقة مأمون.

وذكره ابن حبان في "الثقات ".

وقال الحافظ ابن حجر في " تهذيب التهذيب ": "إن أبا صالح ميزان روى الترمذي عن طريقه في كتاب " الجنائز " من طريق عبدالوارث بن سعيد عن محمد بن جحادة عن أيى صالح عن ابن عباس ". يشير إلى هذاالحديث.

القول الثاني: أن أبا صالح هذا هو (باذام مولى أم هانئ) ويقال بالنون: (باذان) وجزم بهذا الحاكم، وعبد الحق الإشبيلي في "الأحكام " وابن القطان، وابن عساكر، والمنذري، وابن دحية، وغيرهم قاله في " التهذيب ".

فعلى كلا القولين فإن الحديث برواية: " لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم زائرات القبور "حديث صحيح سواء كان من رواية (ميزان) أو من رواية (باذام مولى أُم هانئ)، فقد قال أبو حاتم في"الجرح والتعديل": " لم أر أحدًا من أَصحابنا ترك أبا صالح مولى أم هانئ وما سمعت أحدًا من الناس يقول فيه شيئًا، ولم يتركه سعيد ولا زائدة ولا عبد الله بن عثمان ".

وقال يحيى بن معين: " أبو صالح مولى أم هانئ ليس به بَأس فإذا روى عنه الكلبي فليس بشيء،وإذا روى عنه غير الكلبي فليس به بأس، لأن الكلبي يحدث به مرة من رأيه ومرة عن أبي صالح ".

وهذا والله أعلم هو أعدل الأقوال في أمر أبي صالح مولى أُمهانئ كما أشار إلى ذلك العلامة المحقق الشيخ أحمد شاكر، قال في"حاشيته على مسند الإمام أحمد ": " والحق أن أباصالح مولى أم هانئ ثقة ليس لمن ضعفه حجة وإنما تكلموا فيه من أجل التفسير الكثيرالمروي عنه والحمل في ذلك على تلميذه محمد بن السائب الكلبي ودعوى ابن حبان أنه لميسمع من ابن عباس غلط عجيب، فإن أبا صالح تابعي قديم روى عمن هو أقدم من ابن عباسكأبي هريرة، وعلى بن أبي طالب، وأم هانئ، والله أعلم ".

الطريق الثاني: عن أبى هريرة رضي الله عنه: قال ابن حبان: " أخبرنا محمد بن عبد الله بن الجنيد، حدثنا قتيبة بن سعيد، حدثنا أبو عوانة، عن عمر بن أبي سلمة، عن أبيه، عن أبي هريرة ".فذكر الحديث.

وعمر هذا هو: عمر بن أبي سلمة بن عبد الرحمن ابن عوف أخو مسلم مديني الأصل، قال أبو حاتم: " هو عندي صالح صدوق يكتب حديثه ولا يحتج به يخالف في بعض الشيء ".

وقال الذهبي: "صحح له الترمذي حديث: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم زوارات القبور، فناقشه عبد الحق وقال: عمر ضعيف عندهم - فأسرف عبد الحق " وقال ابن معين في رواية أحمد بن أبى خيثمة عنه: " ليس به بأس ".

وذكره ابن حبان في"الثقات"، وقال الحافظ في" التقريب": " صدوق يخطئ ".

وبكلام الحافظ ابن حجر هذا عرفنا أن عمر المذكور وإن كان يخطئ إذا انفرد كما يشير إليه كلام الحافظ، ولكن مع وجود طريق آخر لهذا الحديث عن (ميزان البصري) على الصحيح وعن مولى أم هانئ على قول يتبين أن عمر في هذا الحديث لميخطئ فصح على هذا تصحيح الترمذي لهذا الحديث كما صرح بتصحيح الترمذي له الذهبيوبإسراف الإشبيلي في تضعيفه.

فتبين من هذا صحة هذا الحديث من غير مدافعة والله أعلم.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير