الحديث دليل على نهي المرأة عن الاغتسال بالماء الذي بقي من غُسل الرجل، ونهي الرجل عن الاغتسال بالماء الذي بقي من غُسل المرأة، وجواز اغتسالهما من إناء واحد غرفاً باليد، قد يقال: إن النهي محمول على التنزيه جمعاً بين الأدلة، وهذا عند وجود ماء اخر يغتسل فيه غير فضل المرأة، أما إذا دعت الحاجة إلى فضل المرأة فإنها تزول الكراهة؛ لأن الغسل واجب، والوضوء واجب، فلا كراهة مع الواجب عند الحاجة إلى الماء، فإذا وجدت مياه كثيرة فالأولى أن لا يغتسل بفضلها ولا تغتسل بفضله.
جواز اغتسال الرجل بفضل المرأة
8/ 8 ـ عَن ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما؛ أَنَّ النَّبِيَّ صلّى الله عليه وسلّم كَانَ يَغْتَسِلُ بِفَضْلِ مَيْمُونَةَ رضي الله عنها. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ.
9/ 9 ـ ولأصْحَابِ السُّنَنِ: اغْتَسَلَ بَعْضُ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صلّى الله عليه وسلّم في جَفْنَةٍ، فَجَاءَ ليَغْتَسِلَ مِنْهَا، فَقَالَتْ له: إنِّي كنْتُ جُنُباً، فَقَالَ: «إنَّ الماءَ لاَ يُجْنِبُ». وَصَحَّحَه التِّرْمِذِي، وابْنُ خُزَيْمَةَ.
شرح ألفاظهما:
قوله: (إن الماء لا يجنب) المعنى: أن الماء لا تصيبه الجنابة.
قوله (جفنة):اناء كبير.
المسائل:
في هذا الحديث وما قبله دليل على جواز اغتسال الرجل بالماء الذي يبقى من غُسل المرأة، وأن هذا الاغتسال لا يؤثر في طهورية الماء؛ لأن الماء لا ينجس، وهذا الفعل من الرسول صلّى الله عليه وسلّم لبيان التشريع، وهو دليل الجواز، فيكون ثبوت الفعل قرينة صارفة عن حمل النهي ـ فيما تقدم ـ على التحريم؛ لأنه صلّى الله عليه وسلّم قد ينهى عن الشيء ثم يفعله، أو يأمر بالشيء ثم يتركه، وكل ذلك من باب بيان التشريع، وأن الأمر ليس للوجوب، وأن النهي ليس للتحريم، وأما جواز اغتسال المرأة بفضل الرجل فلم يرد فيه دليل، لكنه مقيس على الجواز في حق الرجل من باب أولى.
كيفية تطهير ما ولغ فيه الكلب
المراد بالماء الذي يبقى من غسل المراة: الباقي من الماء الذي في الاناء.
كيفية تطهير ما ولغ فيه الكلب
10/ 10 ـ عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم: «طُهُورُ إنَاءِ أَحدِكُمْ إذَا وَلَغَ فِيهِ الْكَلْبُ أَنْ يَغْسِلَهُ سَبْعَ مَرَّاتٍ، أُوْلاَهُنَّ بِالتُّرابِ». أَخْرَجَهُ مُسْلمٌ.
وَفي لَفْظٍ لَهُ: «فَلْيُرِقْهُ».
وَلِلتِّرْمِذِيِّ: «أُخْراهُنَّ، أو أولاَهُنَّ بالتُّراب».
شرح ألفاظه:
قوله: (طهور إناء أحدكم) أي: مطهِّر.
قوله: (إذا ولغ فيه الكلب): إذا شرب أو أدخل طرف لسانه وحركه.
الباء في قوله: (بالتراب) للمصاحبة؛ أي: مع التراب.
المسائل:
الحديث دليل على نجاسة الكلب، لقوله: «طهور إناء أحدكم»، ولفظ الطهور لا يكون إلا من حدث أو نجاسة.
الحديث دليل على وجوب تطهير ماولغ فيه الكلب سبع مرات.
تعدد الغسلات خاص بنجاسة الكلب، ولا يقاس عليه غيره كالخنزير؛ لأن العبادات توقيفية، وهذه أمور لا تدرك بالرأي والقياس، ولم يأت في غير الكلب تعدد الغسل، والخنزير مذكور في القران وموجود في زمن النبي صلّى الله عليه وسلّم، ولم يرد إلحاقه، فنجاسته كنجاسة غيره.
نص النبي صلّى الله عليه وسلّم على الولوغ لأنه هو الغالب، إذ أن الكلب لا يجعل بوله أو رجيعه في الأواني، وما خرج مخرج الغالب فلا مفهوم له، فتكون نجاسة الكلب عامة لجميع بدنه، وتغسل بهذه الصفة المذكورة، وهذا قول الجمهور، وهو الاحوط.
الحديث نص في وجوب التطهير بالتراب مع الماء، لخبث نجاسة الكلب، ولا فرق بين أن يخلط الماء بالتراب حتى يتكدر الماء، أو يصب الماء على التراب.
في الحديث دليل على وجوب إراقة ما في الإناء من ماء أو لبن أو غيرها، وهذا يدل على نجاسة لعاب الكلب وأن لريقه أثراً فيه.
طهارة سؤر الهرة
11/ 11 ـ عَنْ أَبي قَتَادَةَ رضي الله عنه؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم قَالَ ـ فِي الْهِرَّةِ ـ: «إنَّها لَيْسَتْ بِنَجَسٍ، إنَّمَا هِيَ مِنَ الطَّوَّافِينَ عَلَيْكُمْ». أَخْرَجَهُ الأرْبَعَةُ، وَصَحَّحَهُ الترْمِذِيُّ، وَابْنُ خُزَيمَةَ.
شرح الفاظ الحديث:
السؤر: فضلة الأكل أو الشراب.
قوله: (أنه قال في الهرة) هي الأنثى من القطط.
¥