38/ 7 ـ عَنْ أَبي هُرَيْرَة رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم: «إذَا اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُم مِنْ نَوْمِهِ فَلاَ يَغْمِسْ يَدَهُ فِي الإنَاءِ حَتَّى يَغْسِلَهَا ثَلاثاً؛ فَإنَّهُ لاَ يَدْرِي أَيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَهذَا لَفْظُ مُسْلمٍ.
المسائل:
الحديث دليل على نهي الإنسان أن يغمس يده في الإناء إذا قام من النوم حتى يغسلها ثلاثاً، وهذا امر والامر يقتضي الوجوب، وهو الاظهر.
ظاهر الحديث أن هذا الحكم وهو غسل اليد قبل إدخالها في الإناء مختص بالقيام من نوم الليل وهو قول الإمام أحمد، لقوله: «باتت يده»، والبيتوتة لا تكون إلا بالليل.
2 - لا فرق بين نوم الليل ونوم النهاروهذا هو الأظهر واختاره الشيخ عبد العزيز بن باز.
الصحيح من قولي أهل العلم أنه لو خالف إنسان وغمس يده في الماء قبل أن يغسلها فإن الماء لا ينجس، بل هو باق على طهوريته، وهو قول الجمهور
بيان شيء من صفات الوضوء
39/ 8 ـ عن لَقِيطِ بْنِ صَبِرَةَ، رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم: «أَسْبِغ الْوُضُوءَ، وَخَلِّلْ بَيْنَ الأَصَابِعِ، وَبَالغْ في الاسْتنشَاقِ، إلاَّ أَنْ تَكُونَ صَائِماً». أَخْرَجَهُ الأرْبَعَةُ، وَصَحَّحَه ابْنُ خُزَيمَةَ. وَلأبي دَاوُدَ فِي رِوَايَةٍ: «إذَا تَوَضَّأْتَ فَمَضْمِضْ».
شرح ألفاظه:
قوله: (أسبغ الوضوء) أي: بالغ في إكماله وأَوْفِ كل عضو حقه.
قوله: (وخلل بين الأصابع) أدخل الماء بين الأصابع، والمراد بالأصابع: أصابع اليدين والرجلين.
قوله: (وبالغ في الاستنشاق) أي: ابذل الجهد واستقص بإيصال الماء إلى أقصى الأنف.
قوله: (إلا أن تكون صائماً) أي: فلا تبالغ، خشية أن ينزل شيء من الماء إلى حلقه فَيُفَطِّرُهُ.
المسائل:
الحديث دليل على الأمر بإسباغ الوضوء، وهل هذا واجب أو مستحب؟
الإسباغ نوعان:
1 ـ إسباغ واجب، وهو ما لا يتم الوضوء إلا به، ويراد به غسل المحل واستيعابه.
2 ـ إسباغ مستحب، وهو ما يتم الوضوء بدونه، ويراد به ما زاد على الواجب من الغسلة الثانية والثالثة، فهذا مندوب إليه
1 - الحديث يدل بظاهره على وجوب تخليل الأصابع، وهذا قول المالكية.
و2 - ذهب الجمهور إلى أن التخليل مستحب وليس بواجب، واستدلوا بظاهر القران، وهو قوله تعالى: {فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ} قالوا: فأمر الله تعالى بالغسل، وهو يصدق على مجرد وصول الماء إلى البشرة بدون تخليل.
وهذا هو الأظهر إن شاء الله، وهو أنه إن توقف إيصال الماء لما بين الأصابع على التخليل كأن يكون الماء قليلاً فالتخليل واجب؛ لأن الله تعالى أمر بالغسل، وهو لا يتم إلا بالتخليل، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.
وإن كان الماء كثيراً بحيث يصل الماء إلى ما بين الأصابع بدون تخليل فهو مستحب وليس بواجب.
الحديث دليل على استحباب المبالغة في الاستنشاق إلا للصائم فليست مستحبة، وهو الراجح لقوة دليله، وهو حديث الباب.
حكم تخليل اللحية في الوضوء
40/ 9 ـ عَنْ عُثْمَانَ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلّى الله عليه وسلّم كَان يُخَلِّلُ لِحْيَتَهُ فِي الوُضُوءِ. أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ.
شرح الفاظه:
قوله: (يخلل) تخليل اللحية: إدخال الأصابع فيها عند غسلها؛ ليبلغ الماء إلى أصول الشعر.
المسائل:
استدل بهذا الحديث من قال بمشروعية تخليل اللحية في الوضوء، وذلك إذا كانت اللحية كثيفة وهي التي تستر البشرة.
أما اللحية الخفيفة التي لا تستر البشرة فهذه يجب غسلها وما تحتها من البشرة؛ لأنها في حكم الظاهر فيدخل في قوله تعالى: {فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ}.
مشروعية دلك أعضاء الوضوء
41/ 10 ـ عَنْ عَبْدِ الله بْنِ زَيْدٍ رضي الله عنه أنَّ النَّبِيَّ صلّى الله عليه وسلّم أُتِيَ بِثُلُثَيْ مُدٍّ، فَجَعَلَ يَدْلُكُ ذِرَاعَيْهِ. أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ.
شرح ألفاظه:
قوله: (بثلثي مد) المد: بضم الميم وتشديد الدال، وحدةُ كيلٍ شرعية، وهي ملء كفي الإنسان المعتدل إذا ملأهما.
قوله: (فجعل يدلك): الدلك: إمرار اليد الغاسلة على العضو المغسول مع الماء.
المسائل:
دليل على استحباب التقليل في ماء الوضوء ومثله الغسل، وأن هذا هو هدي النبي صلّى الله عليه وسلّم، وهذا أقل قدر توضأ به النبي صلّى الله عليه وسلّم، ولا خلاف أن هذا القدر ليس بحد لازم لا يجوز تجاوزه، بل العبرة في ذلك بأداء الواجب وعدم الإسراف.
الحديث دليل على مشروعية دلك أعضاء الوضوء، والجمهور على استحبابه وعدم وجوبه؛ لأن الله تعالى أمر بالغسل في اية الوضوء، والغسل لا يشترط فيه إمرار اليد.
لكن إن كان إتمام الوضوء يتوقف على الدلك كأن يكون الماء قليلاً وجب إمرار اليد على العضو من باب ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.
مشروعية أخذ ماء جديد للرأس
42/ 11 ـ عن عبد الله بن زيد رضي الله عنه؛ أَنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ صلّى الله عليه وسلّم يَأْخُذُ لأُذُنَيْه مَاءً خِلافَ المَاءِ الَّذي أَخَذَ لِرَأْسِهِ. أَخْرَجَهُ الْبَيْهقِيُّ. وَهُوَ عِندَ (مُسْلم) مِنْ هذَا الوَجْهِ بِلَفْظِ: وَمَسَحَ بِرَأْسِهِ بِمَاءٍ غَيرِ فَضْلِ يَدَيْه، وَهُوَ المَحْفُوظُ.
المسائل:
الحديث دليل على أن مسح الأذنين يكون بفضل ماء الرأس، ولا يؤخذ لهما ماء جديد؛ لأن الأذنين من الرأس ولأن الذين وصفوا وضوء النبي صلّى الله عليه وسلّم لم يذكروا أنه أخذ ماء جديداً لأذنيه، لكن لو فرض أن شعره كثيف، وقد استغرق ما في يديه ولم يبق بهما بلل، فلا بأس أن يأخذ لأذنيه ماء جديداً.
¥