-قوله: (كنت رجلاً مَذّاءً) بفتح الميم، وتشديد الذال، وبالمد، صيغة مبالغة أي: كثير المذي.
- وهو ماء رقيق يخرج عقب الشهوة بدون دفق ولا إحساس بخروجه، ولونه مثل لون العرق.
- قوله: (فأمرت المقداد بن الأسود أن يسأل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم) في سبب ذلك وهو قوله: فاستحييت أن أسأل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وفي لفظ لهما: (لمكان ابنته مني)، وفي لفظ لمسلم: (من أجل فاطمة)، والمراد أن العلة والسبب من استحيائه من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم مكان ابنته صلّى الله عليه وسلّم منه، لأنها زوجته، والمذي يتعلق بأمر الشهوة، فاستحيا أن يسأل النبي صلّى الله عليه وسلّم عما يتعلق بذلك.
-الحديث دليل على جواز التوكيل في السؤال والاستنابة في الاستفتاء، للعذر كالحياء ونحوه، سواء أكان المستفتي حاضراً أم غائباً، ويشترط أن يكون الوكيل موثوقاً في فهمه وحفظه ودينه، لأجل أن ينقل السؤال ويفهم الجواب، كما ينبغي.
-الحديث دليل على أنه يقبل خبر الواحد في المسائل العلمية والرواية إذا كان المخبر ثقة.
-أن من الأدب وحسن المعاشرة مع الأصهار أن لا يذكر الزوج ما يتعلق بأسباب الجماع ومقدماته والاستمتاع بالزوجة مع حضرة أبيها أو أخيها أو ابنها أو غيرهم من أقاربها، مع كون السؤال في الحديث عن حكم شرعي، فكيف إذا ذكر ذلك لغير حاجة؟.
-الحديث دليل على نجاسة المذي، لكونه أمره بغسل ذكره، وأمره بالوضوء، فدل هذا على أن حكم المذي كحكم البول في النجاسة.
-أن المذي ناقض للوضوء، فيتوضأ منه لقوله: (اغسل ذكرك وتوضأ) ولا يوجب الغسل بالإجماع.
-أن الواجب في المذي غسل الذكر كلّه ما أصابه المذي وما لم يصبه، لقوله: «اغسل ذكرك» وهذا أمر، والأمر للوجوب، وهذا قول مالك، ورواية عن أحمد.
2 - أنه يغسل جميع الذكر والأُنثيين، وهو المشهور من مذهب الحنابلة.
3 - أنه يُكتفى بغسل رأس الذكر، أو الموضع الذي أصابته النجاسة منه، وهو قول جمهور الفقهاء.
-والقول الثاني أوفق لظاهر الحديث، فإن عموم اللفظ في قوله: «يغسل ذكره» يوجب غسل الذكر كله ما أصابه المذي وما لم يصبه، إضافة إلى غسل الأُنثيين، لما تقدم، فلما ثبت ذلك بدليل صحيح تعين الأخذ به، وهو ظاهر اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية ورجحه الشيخ عبد العزيز بن باز.
والحكمة من الأمر بغسل الذكر والأنثيين ـ عند من يقول بغسلهما ـ أن المذي فيه لزوجة، فربما انتشر على الذكر والأنثيين ولم يشعر به الإنسان، قاله الخطابي وقيل: إن ذلك يخفف المذي أو يقطعه، ولا سيما إذا كان غسله بالماء البارد، فإنه من أسباب قطعه وعدم استمرار خروجه.
-الحديث دليل على تعين الماء في إزالة المذي دون الاستجمار بالأحجار ونحوها؛ لأنه عين له الغسل، والمعين لا يقع الامتثال إلا به.
-اختلف العلماء في المذي يصيب الثوب على قولين:
الأول: أنه لا يجزئ فيه إلا الغَسْل، وهو قول الحنفية، والمالكية، والشافعية، وقول في مذهب الحنابلة، أخذاً بأحاديث غسله.
الثاني: أنه يجزئ فيه النضح، والمراد بالنضح: هو وضع الماء بأ ي طريقة على الملابس، وهو رواية عن أحمد، فقد نقل عنه الترمذي أنه قال: (أرجو أنه يجزئه النضح)، ودليل ذلك حديث سهل بن حُنيف أن الرسول صلّى الله عليه وسلّم قال له: «يكفيك بأن تأخذ كفاً من ماء، فتنضح بها ثوبك، حيث ترى أنه أصابه منه»
فالصواب ـ إن شاء الله ـ أنه يكفي نضح الثوب ورشه بالماء بلا غسل، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القي؛ لأن الغسل ورد في الفرج لا في الثوب.
تقبيل المرأة ولمسها لا ينقض الوضوء
70/ 4 ـ عَنْ عَائشَةَ رضي الله عنها أَنّ النّبِيّ صلّى الله عليه وسلّم قَبَّلَ بَعْضَ نِسَائِهِ، ثمّ خَرَجَ إلى الصّلاَةِ وَلمْ يَتَوَضّأْ. أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ، وَضَعَّفَهُ الْبُخَارِيّ.
-استدل بهذا الحديث من قال: إن تقبيل المرأة ولمسها لا ينقض الوضوء، وهو قول أبي حنيفة، ورواية عن الإمام أحمد، وهو القول الذي رجحه شيخ الإسلام ابن تيمية، والشيخ عبد العزيز بن باز ـ رحمهم الله ـ.
¥