و أنا أجزم أن القائلين بأن المذهب المالكي مذهب لا يُعنى بالدليل،، لم يطّلعوا على شيء من أصول هذا المذهب و شروحاته الفقهية و الأصولية المتنوعة و التي لم يَرَ النور منها سوى عدد قليل،، فقلة الاعتناء بتحقيق كتب المذهب المخطوطة كانت من أسباب انتشار هذا القول الباطل،، ناهيك عن أسفار المذهب المالكي المفقودة،،
لا أدري ما سبب التقليل من شأن هذا المذهب بخاصة،، بحجة أنه لا يُعنى بالدليل و لا بالتعليل!!،، و هذا الحكم في ظني ناتج عن اطلاع أوّلي لبعض كتب المتأخرين و شروحاتهم لمختصرات الأئمة المالكية المتقدّمين،، مع تجاهل واضح لأصول هذا المذهب و أمهاته التي بُني المتأخّر من المصنفات عليها،،
لا أقول هذا تعصّبا و لكني أرى من الانصاف ألا يتكلم متكلّم أو يراهن متحدّ على أن هذا المذهب مذهب خِلو من الدليل و التعليل في جلّ مسائله،، من غير إطلاع على أمهات كتبه (المطبوعة و المخطوطة) أو فهمٍ لبعض العبارات الموهمة لعلمائنا و التي قد يُفهم منها أنه مذهب معتمد على الآراء المحضة فقط،،
لا يُنكر أن المتأخرين منهم قد يكونوا من السائرين على منهج التقليد المحض و التعصب،، و أنهم خليليّون،، و لكن هذا الأمر لا يعطي الأحقية لكائن من كان بأن يحكم على أيّ مذهب من المذاهب الفقهية المعتبرة بحكم جائر كهذا الحكم،، استنادا فقط إلى فعل المتأخرين،، متجاهلين فعل المتقدّمين و جهودهم المبذولة في شرح حديث رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وفق قواعد و أصول مذهب الإمام مالك،،
و كما طالب أخونا أبو مسلم بعدّ الكتب الفقهية المالكية المعتنية بالدليل،، فأنا أطالبه كذلك بإثبات هذه المؤلفات الفقهية (المعتنية بالدليل إثباتا و فهما) لسائر المذاهب الفقهية لنرى إن كان ما يدّعيه أيّ مدّعٍ صحيح!!
و المُطالع لرسالة ابن أبي زيد القيرواني العارف بمنهجية الامام ابن أبي زيد في تأليف هذه الرسالة مع الاطلاع على بعض شروحاتها لاسيما شرح القاضي البغدادي (المشحون بالدليل)،، يعلم علم اليقين أن ما ذهب إليه افتراء باطل و دعوى لا أساس لها من الصحة،،
لا أرغب في الاسترسال خوف الزلل،، و لعلّ الله يقيّض لهذا المذهب من يذبّ عنه و يُبيّن بطلان هذ الادّعاء،، و الذي أصبح في نظر الكثيرين من مسلّمات الحقائق،، متجاهلين لوازم قولهم الفاسد هذا،، و الله المستعان،،
ـ[إبراهيم الجزائري]ــــــــ[23 - 07 - 09, 01:48 ص]ـ
وإليك قول إمام من أئمة المالكية في بيان شيء من حال بعض فقهاء المذهب المالكي وفقه الإمام مالك رضي الله عنه.
قال الإمام المقري المالكي في قواعده: " احذر أحاديث عبدالوهاب والغزالي، وإجماعات ابن عبدالبر، واتفاقات ابن رشد، واحتمالات الباجي، واختلاف اللخمي، وقيل: كان مذهب مالك مستقيما حتى أدخل فيه الباجي يحتمل ويحتمل ثم جاء اللخمي فعد جميع ذلك خلافاً.
وقال لي العلامة أبو موسى بن الإمام: قال لي جلال الدين القزويني: ما أحسن فقه قاضيكم لولا ما يحتج به من الحديث الضعيف. فقلت: شيخكم أكثر احتجاجا به. يعنيان أبا محمد وأبا حامد ". أهـ
يا صقر، ما ذكرتَه هو سبب ضياعكم عن حقيقة مذهب مالك؛ فهل نتطلّع إلى كلام القاضي عياض الحافظ أم نلتفت إلى المقّري الصوفي، وأفيدك بأن المالكية مدارس؛ فتلك المدرسة الأندلسية، وهناك القيروانية بزعامة الشيخين ابن أبي زيد وأبي الحسن القابسي والإمام المازري وابن عرفة وعلماء صقلية، والمصرية من ابن وهب وابن عبد الحكم وابن القاسم إلى ابن الحاجب وابن دقيق العيد والقرافي ثم طبقة العلامة خليل، والعراقية برئاسة الإمام الجليل القاضي أبي إسحاق إسماعيل بن إسحاق البغدادي وآل حمّاد والقاضي عبد الوهاب فالباقلاني والأبهري وابن مجاهد وأبي ذر الهروي والقائمة طويلة.
ولما دخل الإمام الشافعي مصر - وكانت على مذهب مالك - حسده بعض من كان فيها من المالكية ودعا عليه بالموت
كلام الأقران يطوى ولا يروى، كما أن الشافعي عند بعض المالكية كابن القاسم، اجتهدا في مذهب مالك وخالفاه، إلا أن الشافعي خالف في الأصول ... وكما قيل: مذهب الشافعي كله موجود في فقه المالكية أقوالا وأوجها، فهناك من تأثر بالشافعية فرجّح أقوالهم منهم أصبغ.
ولذلك قال الإمام الذهبي في السير
¥