تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[حكم التبادل في الأموال الربوية]

ـ[أبو جمعة]ــــــــ[03 - 11 - 09, 02:06 ص]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

حكم التبادل في الأموال الربوية*

أجمع فقهاء الأمة على تحريم الربا، لكنهم اختلفوا في وصف المال الربوي؛ انطلاقًا من اختلافهم في فَهْم الحديث التالي:

عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ r: " الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ، وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ، وَالْبُرُّ بِالْبُرِّ، وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ، وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ، وَالْمِلْحُ بِالْمِلْحِ، مِثْلاً بِمِثْلٍ، يَدًا بِيَدٍ، فَمَنْ زَادَ أَوْ اسْتَزَادَ فَقَدْ أَرْبَى؛ الآخِذُ وَالْمُعْطِي فِيهِ سَوَاءٌ " ([1] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=26#_ftn1)).

وفي رواية عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ يقول النبي r: "… فَإِذَا اخْتَلَفَتْ هَذِهِ الأَصْنَافُ فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ إِذَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ " ([2] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=26#_ftn2)).

فالحنفية _ والحنابلة في الأشهر _ استخلصوا من الحديث الشريف أن العلة في المال الربوي كونه من الأشياء التي تباع عادةً بالوزن أو بالكيل حصرًا؛ ولذلك فإنهم عدوا كل المكيلات والموزونات أموالاً ربوية؛ سواء أذُكِرتْ في الحديث أم لم تذكر؛ فما ذكر فيه جاء للتمثيل لا للحصر. فمثلاً بيع الحديد بالحديد لا يباح إلا مع انعدام الفرق _ ولو اختلفا في الجَوْدة _ وعلى أن يكون التسليم في الحال. أما النحاس بالحديد فيباح التفاضل بينهما بشرط عدم التأخير في التسليم، وهكذا الحال في التبادل بين السمن والجبن، وبين الحليب والزيت… أما مبادلة ما يزان بما يكال فلا حرج فيه مطلقًا؛ وذلك لاختلاف العلة؛ كمبادلة الحديد من الموزونات بالحليب من المكيلات…

أما المالكية فالعلة في المال الربوي عندهم النَّقْدان _ من الذهب والفضة _ وكل مطعوم لآدمي يُقْتات ([3] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=26#_ftn3))، ويُدَّخر ([4] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=26#_ftn4)).

وأما الشافعية فالعلة في المال الربوي عندهم هي النقدان، وكل مطعوم لآدمي من دون قيد.

ولعل أيسر المذاهب في هذه المسألة مذهب المالكية، ويليه مذهب الشافعية. ولا شك أن التيسير مقصد شرعي؛ وعليه فإنه يمكن تفصيل حكم التبادل بالأموال الربوية على النحو التالي:

أولاً _ إذا اتحدت السلعتان في العلة والجنس _ كالذهب بالذهب، والشعير بالشعير _ فإنه لا يحل مبادلتهما إلا بدون مفاضلة، وبالتقابض أو التسليم الفوري؛ عملاً بقوله r: " مِثْلاً بِمِثْلٍ، يَدًا بِيَدٍ".

ثانيًا _ إذا اتحدت السلعتان الربويتان في العلة، واختلفتا في الجنس _ كالحنطة والشعير _ فلا بأس بإجراء المبادلة بينهما مع الفرق أو المفاضلة، ولكن بشرط التقابض الفوري؛ كمبادلة /200غ/ فضةً بـ /100غ/ ذهبًا؛ عملاً بقول النبي r : " فَإِذَا اخْتَلَفَتْ هَذِهِ الأَصْنَافُ فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ إِذَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ ".

ثالثًا _ إذا اختلفت السلعتان في العلة؛ فإن التبادل بينهما مباح مطلقًا؛ كتبادل الذهب بالتمر، حكمه في ذلك حكم التبادل بالأموال غير الربوية.

هذا وتعطى العملة الرائجة حكم الذهب في كل المبادلات التجارية؛ لأنها تمثل رصيده. والله أعلم.

الأربعاء: 11 ذو الحجة 1423هـ / 12 شباط 2003م. كمال الدين جمعة بكرو.

* مصادر البحث: حاشية ابن عابدين: 4/ 177؛ ط: دار إحياء التراث. الشرح الصغير للدردير: 3/ 63و73؛ ط: دار المعارف. مغني المحتاج للشربيني: 2/ 22، 25؛ ط: دار الفكر. المغني لابن قدامة: 4/ 136؛ ط: دار الفكر.

[/ URL]([1]) أخرجه مسلم برقم: 1584 في " المساقاة والمزارعة ".

( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=26#_ftnref1)([2]) أخرجه مسلم برقم: 1587 في " المساقاة والمزارعة ".

([3]) أي ما تقوم به البُنية _ صحة البدن _ عند الاقتصار عليه.

[ URL="http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=26#_ftnref4"] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=26#_ftnref3)([4]) أي لا يَفسد بالتأخير إلى الأمد المبتغى منه عادة.

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير