[هل الصحيح: أن مسائل الخلاف لا إنكار فيها؟]
ـ[عبدالله المُجَمّعِي]ــــــــ[25 - 10 - 09, 01:38 م]ـ
السؤال / بعض الناس يقول: المسائل التي اختلف فيها العلماء لا ينكر فيها على من أخذ بقول واحد منهم، ويذكرون قاعدة: "لا إنكار في مسائل الخلاف" فهل هذه القاعدة صحيحة؟.
الحمد لله
هذه القاعدة التي يقولها بعض الناس: (لا إنكار في مسائل الخلاف) غير صحيحة، والصواب أن يقال: (لا إنكار في مسائل الاجتهاد) وبيان ذلك:
أن المسائل التي اختلف العلماء فيها نوعان:
الأول: مسائل ورد في بيان حكمها نص صريح من القرآن الكريم أو السنة الصحيحة، ولا معارض له، أو نقل فيها إجماع، ثم شذ بعض المتأخرين وخالف الإجماع، أو دل على حكمها القياس الجلي الواضح. فهذه المسائل ينكر فيها على من خالف الدليل. (قلت: وهذه هي التي لا تنطبق عليها القاعدة الباطله ـ لا إنكار في مسائل الخلاف)
ولهذا النوع من المسائل أمثلة كثيرة، منها:
1 - إنكار صفات الله تعالى التي مدح بها نفسه، ووصفه بها رسوله صلى الله عليه وسلم تحت مسمى: "التأويل" وهو في الحقيقة تحريف لنصوص الكتاب والسنة.
2 - إنكار بعض الحقائق التي أخبر بها النبي صلى الله عليه وسلم مما سيحدث يوم القيامة كالميزان والصراط.
3 - ما قاله بعض المعاصرين من جواز أخذ الفائدة على الأموال المودعة في البنوك، مع أن هذا هو عين الربا الذي حرم الله ورسوله.
4 - القول بجواز نكاح التحليل، فإنه قول باطل مخالف للعن النبي صلى الله عليه وسلم المحلل والمحلل له.
5 - القول بإباحة سماع آلات الموسيقى والمعازف، فإنه قول منكر، دل على بطلانه كثير من الأدلة من القرآن والسنة وأقوال السلف ولذلك اتفقت كلمة الأئمة الأربعة على تحريمها.
6 - القول بأن الداخل إلى المسجد يوم الجمعة والإمام يخطب يجلس ليستمع الخطبة ولا يصلي تحية المسجد.
7 - القول بعدم استحباب رفع الأيدي في الصلاة مع تكبيرة الركوع والرفع منه والقيام إلى الركعة الثالثة.
8 - القول بعدم استحباب صلاة الاستسقاء. وقد ثبت في الصحيحين وغيرهما فعل النبي صلى الله عليه وسلم لها جماعة مع أصحابه.
9 - القول بعدم استحباب صيام ستة أيام من شوال بعد رمضان.
فهذه المسائل وأمثالها مما وردت نصوص ببيان حكمها ينكر فيها على المخالف، ولم يزل الصحابة ومن بعدهم من الأئمة ينكرون على من خالف دليلاً صحيحا، ولو كان مجتهداً.
النوع الثاني: مسائل لم يرد ببيان حكمها دليل صريح من الكتاب أو السنة أو الإجماع أو القياس الجلي.
أو ورد بحكمها دليل من السنة، ولكنه مختلف في تصحيحه، أو ليس صريحاً في بيان الحكم، بل يكون محتملاً.
أو ورد فيها نصوص متعارضة في الظاهر.
فهذه المسائل تحتاج إلى نوع اجتهاد ونظر وتأمل لمعرفة حكمها، ومن أمثلة هذا النوع:
1 - الخلاف في رؤية النبي صلى الله عليه وسلم ربه في الدنيا.
2 - الخلاف في سماع الموتى لكلام الأحياء.
3 - نقض الوضوء بمس الذكر، أو مس المرأة، أو أكل لحم الإبل.
4 - القنوت في صلاة الفجر كل يوم.
5 - القنوت في صلاة الوتر، هل يكون قبل الركوع أم بعده؟
فهذه المسائل وأمثالها مما لم ترد نصوص صريحة ببيان حكمها هي التي لا ينكر فيها على المخالف، ما دام متبعاً لإمام من الأئمة وهو يظن أن قوله هو الصواب، ولكن لا يجوز لأحد أن يأخذ من أقوال الأئمة ما يتوافق مع هواه، فإنه بذلك يجتمع فيه الشر كله.
وعدم الإنكار على المخالف في هذه المسائل ونحوها، لا يعني عدم التباحث فيها، أو عدم التناظر وبيان القول الراجح بدليله، بل لم يزل العلماء قديماً وحديثاً تعقد بينهم اللقاءات والمناظرات للتباحث في مثل هذه المسائل، ومن ظهر له الحق وجب عليه الرجوع إليه.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
" ... إن مثل هذه المسائل الاجتهادية لا تنكر باليد، وليس لأحد أن يلزم الناس باتباعه فيها، ولكن يتكلم فيها بالحجج العلمية، فمن تبين له صحة أحد القولين: تبعه، ومن قلد أهل القول الآخر فلا إنكار عليه " انتهى من "مجموع الفتاوى" (30/ 80).
وهذه أقوال لبعض العلماء تؤيد ما سبق من التقسيم:
1 - قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
¥