تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[الطريق إلى الإحسان إلى الوالدين]

ـ[د. محمد بن عدنان السمان]ــــــــ[29 - 10 - 09, 03:40 م]ـ

يقول حبر الأمة وترجمان القرآن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: ثلاث آياتمقرونات بثلاث، ولا تقبل واحدة بغير قرينتها ..

1 - وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ {التغابن:12}، فمن أطاع الله ولم يطع الرسول لم يقبل منه.

2 - وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ {البقرة:43}، فمن صلى ولم يزكِّ لم يقبل منه.

3 - أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ {لقمان:14}، فمن شكر لله ولم يشكر لوالديه لم يقبل منه.

ولأجل ذلك تكررت الوصايا في كتاب الله تعالى والإلزام ببرهما والإحسان إليهما، والتحذير من عقوقهما أو الإساءة إليهما، بأي أسلوب كان، قال الله تعالى: وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً {النساء:36}، وقال تعالى: وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْناً {العنكبوت:8}.

وقال تعالى: وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُأُمُّهُ وَهْناً عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِيوَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ {لقمان: 14}.

بل وقرن حقهما بحقه سبحانه فقال: فالله تعالى يقول: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيماً (23) وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنْ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً} الإسراء (24).

وصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (رضا الرب في رضا الوالدين، وسخطه في سخطهم) رواه الطبراني.

إذا كان ذلك كذلك فإن البر يارعاكم الله هو أساس التعامل مع الوالدين، وهو يتضمن أموراً، أولها الإحسان إلى الوالدين بالقول والفعل، ولهذا قال ربنا جل في علاه (وبالوالدين إحسانا)، وهما يستحقان هذا الإحسان فقد تفضلا عليك منذ ولادتك ورعاياك وقاما على شؤونك، ولهذا قال الإمام ابن كثير رحمه الله وهو يعلق على إحدى الآيات التي تحدثت عن الأم وماكان منها من تحمل مشقة الحمل والرضاعة، قال رحمه الله:

وإنما يذكر تعالى تربيةَ الوالدة وتعبها ومشقتها في سهرها ليلا ونهارًا، ليُذكّر الولد بإحسانها المتقدم إليه.

ثم إن من مظاهر البر، طاعة الوالدين واجتناب معصيتهما،والقاعدة في ذلك مشهورة معروفة في غير معصية الله، وأعجب كل العجب من أن بعض الأبناء هداهم الله وخاصة من هو في مقتبل سن الشباب لا يعطون هذا الأمر أهميته، ولا يلتفتون إلى أمر الوالدة والوالد، يا أيها الأبناء اعلموا أن البر دين وكما تبرون أبائكم سيبركم أبناؤكم.

وبما أن الشيء بالشيء يذكر، فإنك تعجب ولا ينقضي بك العجب من أولئك الذين أحزنوا وأبكوا أبائهم وأمهاتهم وانخرطوا في جماعات السوء جماعات التكفير والتفجير، وإذا كان هذا الشاب خرج لمثل هذا المقصد الذي لايصح شرعاً وعقلاً، فاسمعوا إلى توجيه النبي صلى الله عليه وسلم لشاب خرج لمقصد شرعي، فقد أخرج الإمام أبو داود في سننه بسند صحيح عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال جئت أبايعك على الهجرة وتركت أبوي يبكيان فقال ارجع إليهما فأضحكهما كما أبكيتهما.

ومما يتأكد في بر الوالدين أيضاً (خفض الجناح لهما) ولهذا قال الله تعالى [وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ] قال الإمام الطبري رحمه الله يقول تعالى ذكره: وكن لهما ذليلا رحمة منك بهما تطيعهما فيما أمراك به مما لم يكن لله معصية، ولا تخالفهما فيما أحبَّا.

إنه الأدب والعطف والتواضع والرحمة مع الوالدين.

ومن مظاهر البر العظيمة ما نبه عنه رب العزة والجلال بقوله {وقل: رب ارحمهما كما ربياني صغيرا} فهي الذكرى الحانية. ذكرى الطفولة الضعيفة يرعاها الولدان، وهما اليوم في مثلها من الضعف والحاجة إلى الرعاية والحنان. وهو التوجه إلى الله أن يرحمهما فرحمة الله أوسع، ورعاية الله أشمل، وجناب الله أرحب. وهو أقدر على جزائهما بما بذلا من دمهما وقلبهما مما لا يقدر على جزائه الأبناء.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير